هنأنا الدكتور محمد مرسى، وهنأه الجميع من أول المشير طنطاوى والمجلس العسكرى والمخابرات العامة نهاية بالفريق أحمد شفيق والإخوة المسيحيين وحتى جريدة الدستور لصاحبها رضا إدوارد. والآن لندخل فى الجد ونتحدث عن المناخ المحتقن وعش الدبابير الذى يوشك الرئيس المنتخب على الدخول فيه. مرسى دخل القصر وليس معه مجلس الشعب، الذى كان يفترض أن يكون رفيقه وظهره فى السراء والضراء وحين البأس،اختفى وتلاشى رغم كل محاولات الإفاقة الجارية الآن فى غرف الانعاش والرعاية المركزة، حيث يقول الأطباء إن حالة المريض مستعصية. سلطة التشريع التى كانت فى يد مجلس الشعب، انتقلت فى غمضة عين إلى المجلس العسكرى، والأخير لم يعرف عنه كثير تعاطف مع الإخوان المسلمين رغم الدعايات الساذجة و«العبيطة» التى تحدثت عن شهور عسل ممتدة بين الجانبين. المجلس الأعلى أوفى بوعده وأجرى انتخابات نزيهة، جاءت ليس فقط برئيس إخوانى بل ومدنى للمرة الأولى فى تاريخ مصر الحديث، لكن لا أحد يعرف حقيقة مشاعر المجلس تجاه مرسى ومن يقف خلفه. إذن السلطة التشريعية ليست مع مرسى، وسلطة الأمر الواقع صارت مستقلة عنه بحكم الإعلان الدستورى المكمل، بل وتملك فيتو على بعض قراراته، فماذا عن السلطة القضائية؟! من بين أخطاء الإخوان الاستراتيجية فى مرحلة ما قبل الانتخابات هى فتحهم النار على القضاة، وفى توقيت بالغ الحساسية، خصوصا على المحكمة الدستورية العليا. رئيس نادى القضاة أحمد الزند شن هجوما شرسا على أعضاء مجلس الشعب خصوصا الإسلاميين، لمح إليه أمس الأول مرة أخرى حينما قال إن «الذين اتهمونا بالتزوير بالأمس.. يسبحون بحمدنا اليوم»، وكان لافتا قوله لعمرو أديب فى أوربت «إن مجلس الشعب لن يعود مرة أخرى بكيانه السابق». فى السلطة التنفيذية التى يفترض أن تنتقل لمرسى خلال أيام هناك معضلة اسمها «وزارة الداخلية»، كان شاغلها الشاغل محاربة الإخوان، فكيف تتحول بين يوم وليلة إلى يد الرئيس لتطبيق القانون؟ سؤال يحتاج إلى معجزات لتكون إجابته منطقية؟! بجانب الداخلية هناك مؤسسات أخرى كثيرة تتبع الدولة، كانت دائما مختلفة مع الإخوان فى كل شىء. إذن ماذا تبقى لمرسى بين سلطات وهيئات الدولة والمجتمع؟! إذا جاز إطلاق مصطلح سلطة على الصحافة فإنها بحكم مدنيتها وانفتاحها تخشى تكميم الإخوان لها، ولم «يقصر» الإخوان فى معاداتها، ورأينا أخيرا حربا مستعرة بينهما على خلفية تعيين رؤساء مجالس إدارة ورؤساء تحرير الصحف القومية. وحتى الأزهر الذى يفترض أن هواه إخوانى دخل فى اشتباكات كلامية كثيرة مع التيار الدينى حول قضية من هو صاحب المرجعية فى أمور الإسلام. ليس كل ما سبق محاولة لزرع اليأس فى نفسية الدكتور مرسى أو أنصاره. هى دعوة مخلصة كى يبدأ فى دراسة الواقع الذى يقف عليه. للأسف العراقيل التى تواجه مرسى كثيرة، ومن لا يحبه كثيرون أيضا، ولذلك فالطبيعى أن هناك أمورا كثيرة تم التفاوض بشأنها وربما حسمها فى الأيام الأخيرة، ورغم كل شىء فان الدكتور مرسى الذى صار رئيسا لكل المصريين مطالب بأن يمد يده إلى الجميع ليس بالكلمات ولكن بالأفعال. تذكر يا دكتور مرسى وأنت تدخل قصر الرئاسة بعد تنصيبك رئيسا فالمفترض ان التنظيم والجماعة لن يدخلا معك وسيحاسبك الناس على عملك فقط. سيكون معك فى الداخل توفيق الله أولا، وقدرتك على إرضاء غالبية الشعب قدر الامكان، والأهم مهاراتك فى السير وسط حقول ألغام لا حصر لها والخروج منها سالما.. أعانك الله على هذه المهمة شبه المستحيلة. نقلا عن الشروق