كان من المتوقع من خطاب الفريق أحمد شفيق أن يكون توافقيا يدعو فيه جميع طوائف المجتمع للمشاركة في صناعة وطن جديد يسع الجميع، لتطوى صفحة الماضي بعد أن تقر أعين المصابين وأهل الشهداء، ويتم القصاص من الظالمين والقتلة من خلال محاكمات عادلة غير مسيسة، ليثبت للجميع أنه إذا ما أصبح رئيسا فسيحرص على العدالة وسيادة القانون ويطبقه على الجميع بما فيهم أركان حكم الرئيس السابق، وحتى يثبت لجميع أبناء الشعب أنه يقف معهم في خندق واحد، خندق العدل ورفع الظلم والقصاص للمظلوم ولو كان ضعيفا والانتصار من الظالم ولو كان صديقا أو رئيسا. اليوم أدعوك وليت كلماتي هذه تصلك، أتمنى أن أراك ترسل رسالة واضحة أنك ستعمل بلغة المؤسسات والاعتماد على الخبراء، وليس بلغة دكتاتورية الفرد واستبداد النظام كما كان في عهد الرئيس السابق، وأن ترسل رسالة تطمين للمجتمع كله بأن الفاسدين من رجال العهد السابق ليس لهم مكان في العهد الجديد، وأن الذين باعوا الشركات وأخذوا العمولات وتربحوا ليعيشوا ويموت شعب بأكمله، ستتم محاسبتهم وأنه ليس لهم مكان في دولتنا الجديدة. وأن سيادة القانون فوق كل اعتبار وأبقى من كل أحد، وأنك لن تتسامح مع من دمروا مصادر قوت الشعب ببنائهم على الأرض الزراعية لأنهم تجار وسماسرة أراضي، وليسوا من الفلاحين البسطاء المعدومين الذين يبحثون عن مأوى لهم ولعوائلهم. وأرى أن تبعث رسائل تطمين سريعة لمن نكل بهم النظام السابق وهمشهم واعتدى على حرياتهم وزج بهم في السجون ومنعهم من تولي الوظائف والمشاركة في قيادة الدولة بدلا من قلب الحقائق وطمأنة الفاسدين أنهم مستقرون في مناصبهم، وأنه لن يكون هناك تقسيم للمجتمع المصري إلى فئتين إسلامية ومدنية كما جاء في الخطاب الذي سيكرث لدمار البلاد إذا كانت هذه لغة خطاب الرئيس في العهد الجديد. وأخيرا فإن الحرية ليست هبة من أحد، ولأن هذه الثورة قامت ضد حكم الفرد وديكتاتورية النظام، ضد تكميم الأفواه وتكبيل الحريات، فلا تتكلم بلسان الذي سيعطي ويمنع ويكافأ ويحرم ويحاسب ويتغاضى، يا ليتك تتكلم عن مؤسسات الدولة ومشاورة الخبراء، وحق المصريين في حرية أبدية سرمدية لا تمنح ولا توهب، حرية ليس لها ضابط ولا ميزان، إلا ميزان الحق والعدل الذي بينه رب العالمين، فلقد علم أبناء مصر بعد 25 يناير أن الله قد خلقهم أحرارا، ولن يستطيع بشر أن ينزع عنهم حريتهم إلا إذا نزع الروح من الجسد