فيما يشبه الصدمة وبعد إلغاء اتفاقية تصدير الغاز، سارعت اسرائيل الى التقليل من أهمية القرار المصري واصفة اياه "بخلاف تجاري" لن يؤثر على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وكانت الحكومة المصرية الغت الخميس الماضي تعاقدها لتوريد الغاز الى شركة شرق المتوسط التي تقوم بتصديره الى اسرائيل لإخلال الشركة بشروط التعاقد. ورجحت تحليلات صحفية أولية أن تكون الخطوة المصرية من باب الضغط على شركة "أمبال" الإسرائيلية التي كانت قد قررت رفع دعوى ضد الحكومة المصرية لعدم التزامها ببنود الاتفاق. وفى أول رد فعل رسمي من جانب حكومة نتنياهو قال وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتانيتس إنه ينظر بقلق إلى هذا الإعلان الأحادي الجانب من الناحيتين السياسية والاقتصادية. وأضاف شتاينتس أن القرار المصرى يشكل سابقة خطيرة تلقى بظلالها على اتفاقية "كامب ديفيد" قائلا:"يجب علينا الآن مضاعفة الجهود لعودة تدفق الغاز الإسرائيلى بغية ترسيخ استقلالنا فى مجال الطاقة وخفض أسعار الكهرباء فى الاقتصاد الإسرائيلى". وزعمت معاريف أنه بموجب معاهدة السلام بين الجانبين فإن مصر ملزمة بتزويد الغاز بالكميات التى تطلبها إسرائيل عدة سنوات مقابل أن تقوم إسرائيل بدفع ثمن، لكنها بأسعار قليلة مقارنة بتصدير الغاز لدول أخرى، على حد قولها. على الجانب الأخر وجه قادة الجيش المصري رسالة تحذير "شديدة اللهجة" لمن يحاول الاعتداء على مصر، أو الاقتراب من حدودها، في الوقت الذي طلبت فيه وزارة الخارجية إيضاحات من نظيرتها الإسرائيلية بشأن تصريحات منسوبة إلى الوزير أفيغدور ليبرمان، بعد إعلان القاهرة إلغاء اتفاق بيع الغاز إلى الدولة العبرية. وبذات الوقت، أعربت الحكومة المصرية، في وقت متأخر من مساء الاثنين، عن عدم ممانعتها التوصل إلى اتفاق جديد، لاستئناف تصدير الغاز المصري إلى إسرائيل. ففي كلمة له على هامش المرحلة الرئيسية للمناورة العسكرية "نصر 7"، التي جرت في شبه جزيرة سيناء، أكد المشير محمد حسين طنطاوي، القائد العام ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية، "إننا سنكسر يد من يحاول الاعتداء علينا، أو يحاول الاقتراب من حدودنا." وجاءت هذه التصريحات بعد أقل من يوم على دعوة ليبرمان للجيش الإسرائيلي إلى حشد قواته على الحدود مع مصر، إثر قرار إلغاء أتفاق الغاز. كما شدد طنطاوي على أن "مصر قوية، وستكون دائما منتصرة، بشعبها العظيم، وقواتها المسلحة الباسلة"، مؤكداً أن "الجيش سيستمر عظيماً، لحماية حدوده الملتهبة، وخاصة الشمال الشرقي"، في إشارة إلى الحدود التي تفصل بين مصر والدولة العبرية، كما أكد أيضاً أن "القوات المسلحة على جاهزية عالية، واستعداد قتالي مستمر." وتطرق طنطاوي إلى التهديدات الداخلية بقوله: "إن قواتنا المسلحة قوية ضد أعدائنا من الخارج، وضد من يحاول العبث بمقدرات هذا الوطن العظيم من الداخل." وأضاف: "إننا لن نسمح لأحد أن يخفض من كفاءة القوات المسلحة"، مشيراً إلى أن القوات المسلحة لا تتدخل في السياسة. وفي الإطار ذاته، وجه قائد الجيش الثاني الميداني، اللواء محمد فريد حجازي، ما وصفها ب"رسالة اطمئنان إلى الشعب المصري، بأن قواته المسلحة في سيناء قادرة تماماً على تأمين مصر ضد أي عدوان، أو فرد، أو جهة تسول لها نفسها الاعتداء عليها،" مؤكدا أن خطة التدريب والعمليات الموجودة حالياً لدى القوات المسلحة، "قادرة على تأمين سيناء." وعلى الصعيد الدبلوماسي، كلف وزير الخارجية المصري، محمد كامل عمرو، سفير مصر لدى تل أبيب، بالاستفسار من الحكومة الإسرائيلية حول التسريبات الصحفية التي تناقلتها وسائل الإعلام مؤخراً، والمنسوبة للوزير ليبرمان. كما سينقل السفير المصري إلى الجانب الإسرائيلي "استغراب" القاهرة لصدور مثل هذا الكلام، منسوباً إلى مسؤول كبير بالحكومة الإسرائيلية. جدير بالذكر أن مصر تمد اسرائيل ب 43 بالمئة من مجمل الغاز المستهلك فيها وتنتج اسرائيل 40 بالمئة من الكهرباء من الغاز الطبيعي المصري. وكانت مصر بدأت تصدير الغاز الى اسرائيل في ربيع العام 2008 وفقا لعقد ابرم في العام 2005، ويقضي العقد الذي تبلغ قيمته 2,5 مليار دولار بان تقوم شركة شرق المتوسط للغاز ببيع 1,7 مليار متر مكعب من الغاز المصري سنويا لمدة 15 عاما الى شركة الكهرباء الاسرائيلية. وبذلك يصبح التساؤل الآن هل تندلع الحرب بين مصر، وإسرائيل بعد إلغاء اتفاقية الغاز ؟