رئيس «الرقابة الصحية» يشهد انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي للجمعية الرمدية المصرية    وكيل تعليم القاهرة تجري جولة تفقدية لعدد من مدارس إدارة شبرا التعليمية    التضامن الاجتماعي تنظم احتفالية بمرور 10 سنوات على برنامج "تكافل وكرامة" برعاية رئيس الوزراء    حماية المستهلك يصدر بيانًا بشأن حادث تصادم معرض سيارات القطامية    احتفالات في ساحة القديس بطرس بعد انتخاب بابا جديد للفاتيكان    لحظة بلحظة.. الأهلي 0 - 0 المصري    مصرع طالبة دهسًا تحت عجلات القطار بدمياط (تفاصيل)    النيابة العامة تكشف مفاجأة في واقعة وفاة روان طالبة الزقازيق    الصحة: المرور على 145 منشأة طبية خاصة للتأكد من استيفاء الاشتراطات الصحية بمحافظة القاهرة    محمد عبدالعزيز: أشهد أن ارتباط محمود عبدالعزيز ببوسي شلبي كان ملء السمع والبصر    حظ برج الحوت في الأسبوع الثاني من مايو 2025.. لقاء عاطفي غير متوقع    طرح الإعلان الرسمي ل فيلم "المشروع X"    رئيس هيئة الاعتماد والرقابة الصحية يشهد انطلاق فعاليات المؤتمر الدولي للجمعية الرمدية المصرية 2025 "EOS"    محافظ المنيا يناقش ملفات التعليم والصحة والطرق.. ويوجه بتقديم المساعدات اللازمة للمواطنين    الدخان الأبيض يعلن بدء رحلة بابا الفاتيكان الجديد.. الأجراس تدق والاحتفالات تملأ الشوارع    رابط نتيجة الاختبارات الإلكترونية للمتقدمين لوظائف معلم مساعد مادة رياضيات    والا: اتفاق محتمل لتولي صندوق إغاثة غزة مهمة إدخال وتوزيع المساعدات بعيدا عن حماس    حرب الإبادة    تكثيف التحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شخص فى الحوامدية    خبراء يحذرون: الزمن هو الخطر الحقيقي في النزاع النووي الهندي الباكستاني    أعمال شغب واعتقال 44 شخصاً خلال احتفالات جماهير باريس سان جيرمان بتأهله لنهائي دوري الأبطال    تشكيل مباراة أفريقيا الوسطى وغانا في أمم أفريقيا للشباب    النجم العالمى مينا مسعود يزور مدينة الإنتاج الإعلامى ويشيد بإمكانياتها    الجونة السينمائي يعلن عن برنامج مميز بالجناح المصري في مهرجان كان    الرياضية تكشف موعد انضمام ماركوس ليوناردو لتدريبات الهلال    تاج الدين: الربو أحد أكثر الأمراض المزمنة غير المعدية شيوعا.. ويتسبب في 450 ألف حالة وفاة سنويا    الحكومة: أسعار جلسات الغسيل الكلوى ثابتة دون زيادة وتقدم مجانًا للمرضى    لدخول السوق الرئيسي.. بدء اكتتاب زيادة رأسمال بريمير هيلثكير في البورصة    وزير الاتصالات: إتاحة 180 خدمة حكومية عبر منصة مصر الرقمية    اختتام فعاليات مؤتمر تنظيم الاتصالات لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بالقاهرة    "10 دقائق من الصمت الواعي".. نصائح عمرو الورداني لاستعادة الاتزان الروحي والتخلص من العصبية    أزعجتهم خلال علاقة محرمة.. سيدة وعشيقها يقتلان رضيعة في الهرم    الفنان محمد عبد السيد يعلن وفاة والده    في 11 ثانية.. فقط من يتمتع برؤية حادة يعثر على القلم المخفي    دمياط تحيي ذكرى انتصارها التاريخي بوضع الزهور على نصب الجندي المجهول    كرة يد - الاتحاد يكرم باستور علي هامش مواجهة مصر الودية ضد البرازيل    مطار مرسى مطروح الدولي يستقبل أولى رحلات الشارتر من التشيك    الهلال السعودي يرصد 160 مليون يورو لضم ثنائي ليفربول    الكرملين: الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمر    وزير قطاع الأعمال يبحث مع سفير إندونيسيا فرص التعاون الاقتصادي والاستثماري    محافظ الفيوم يتابع أنشطة فرع الثقافة في أبريل    عضو مجلس المحامين بجنوب الجيزة يثبت الإضراب أمام محكمة أكتوبر (صور)    بغرض السرقة.. الإعدام شنقًا للمتهمين بقتل شاب في قنا    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    محافظ مطروح يتفقد تصميمات الرامبات لتيسير التعامل مع طلبات ذوي الهمم    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    أسقف المنيا للخارجية الأمريكية: الرئيس السيسي يرعى حرية العبادة (صور)    وزير الصحة يستقبل نقيب التمريض لبحث تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب بهيش داخل أرض فضاء بالصف.. صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيام الديمقراطية الأخيرة
نشر في الجمعة يوم 15 - 04 - 2012

وصل الأمر فى نهاية شهر فبراير 1954 إلى نقطة أصبحت فيها مصر على شفا صدام عنيف بين أطراف الصراع، أنصار الديمقراطية من ناحية وأنصار الحكم الاستبدادى الذين كانوا يرفعون شعار «استمرار الثورة» من ناحية أخرى، فقد أخذت بوادر الصدام شكلا خطيرا عندما حاصرت مجموعات من الأسلحة المختلفة سلاح الفرسان باعتباره الداعم الرئيسى لجناح محمد نجيب وخالد محيى الدين، وعندما خرجت المظاهرات الشعبية إلى الشارع واصطدمت بها قوات البوليس الحربى والشرطة وسقط جرحى من الجانبين، ورغم قرار إغلاق الجامعات واعتقال أكثر من مائة من قوى سياسية مختلفة من الإخوان والوفديين والشيوعيين والاشتراكيين وغيرهم فقد استمرت حركة المطالبة بالديمقراطية فى تصاعد. وهذا ما اضطر عبدالناصر إلى أن يتجه اتجاها جديدا ويغير من خطته، ويقبل بعودة نجيب لكن دون تولى خالد محيى الدين رئاسة الوزارة مع استمراره هو نفسه فى المنصب، لكن إلى حين.
ومع تصاعد الاصطفاف خلف محمد نجيب من معظم القوى التى تدافع عن الديمقراطية، واستمرار محمد نجيب فى مهاجمة كل الإجراءات المعادية للديمقراطية، اتخذ مجلس قيادة الثورة مجموعة من القرارات المهمة يومى 4 و5 مارس 1954: ونصت هذه القرارات على اتخاذ الإجراءات فورا لتشكيل الجمعية التأسيسية بالانتخاب المباشر، على أن تجتمع يوم 23 يوليو 1954 وتتولى مهمة وضع دستور للبلاد، كما تباشر سلطات البرلمان لحين وضع الدستور وانتخاب برلمان جديد، كما تقرر إلغاء الرقابة على الصحف والنشر اعتبارا من يوم 6 مارس 1954، والتعهد بإنهاء العمل بالأحكام العرفية قبل انتخاب الجمعية التأسيسية.
وفى 8 مارس صدر قرار بأن يجمع محمد نجيب مناصب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس قيادة الثورة ورئيس مجلس الوزراء، ويعود عبدالناصر نائبا لرئيس مجلس الوزراء ونائبا لرئيس مجلس الثورة، كما صدر مرسوم فى نفس اليوم بتعيين نجيب حاكما عسكريا عاما.
وبصدور قرارات 8 مارس بعودة سلطات نجيب كاملة وتقليص دور جمال عبدالناصر بدا الأمر كما لو كان الاتجاه الداعى للديمقراطية قد حقق الانتصار فى معركته، وبدأ أعضاء مجلس قيادة الثورة يناقشون مستقبل تنظيم الضباط الأحرار ويدرسون تشكيل حزب جمهورى أو اشتراكى جمهورى، وكان الأكاديمى اليسارى الدكتور راشد البراوى يعاونهم فى صياغة برنامجه.
وطوال الأيام التالية من شهر مارس كان كل فريق يحشد قواه: معسكر أنصار الديمقراطى الذى يضم عددا من القوى السياسية القديمة وعلى رأسها حزب الوفد، كما يضم الاشتراكيين والشيوعيين وفئات واسعة من المثقفين والمهنيين والأكاديميين وطلاب الجامعات، تمثلهم نقابات الصحفيين والمحامين وجمعيات أعضاء هيئات التدريس بالجامعات والاتحادات الطلابية، كما كانت العديد من النقابات العمالية ضمن هذا التحالف من أجل الديمقراطية.
وعلى الجانب الأخر كانت بعض القوى السياسية القديمة التى كانت تتخذ موقف العداء من حزب الوفد وتخشى من عودة الديمقراطية والحياة النيابية والحزبية حتى لا يسيطر الوفد على الساحة السياسية، وكان هذا الفريق يضم عددا من رجال القانون الذين مكنوا لرجال يوليو طوال ما يقرب من عامين من إلغاء الدستور وتجاوز البرلمان المنتخب وروجوا لمقولة «الشرعية الثورية» التى ذبحت الديمقراطية بسكينها.
أما موقف الضباط الأحرار فيلخصه الرئيس محمد نجيب فى مذكراته بقوله: «أما الضباط الأحرار، فقد كان البعض منهم يرتبط بمبادئ يقتنع بها، جانب منهم وقف معى، مع الديمقراطية، وتعرض من ذلك لأخطار حرمتهم فيما بعد من حريتهم والأمن فى مستقبلهم، وجانب آخر وقف مع جمال عبدالناصر معتقدا أن موقفى يعتبر تراجعا عن أهداف الثورة. والبعض منهم لم يكن مرتبطا بأية مبادئ، كان حريصا على المحافظة على مصالح نعم بها واستفاد منها، وجانب منهم كان قد تورط فى أعمال قذرة جعلتهم يواجهون خطر المحاكمة إذا ذهبت اليد المساندة لهم».
وبدأ المعسكر الديمقراطى يصعد من هجومه مطالبا بإنهاء الأحكام العرفية فورا وعودة الجيش إلى ثكناته وابتعاده عن العمل السياسى، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين فورا، وعودة الأحزاب السياسية، وفى نفس الوقت كان نجيب يسعى لإصدار تشريع يتم بمقتضاه استفتاء الشعب على النظام الجمهورى وعلى اختياره لرئاسة الجمهورية فى تلك المرحلة الانتقالية، فى محاولة منه كما يقول: «للحصول على تفويض شعبى يجعل اتجاهى للديمقراطية ذا صفة شرعية».
ووضع سليمان حافظ المعادى للوفد والدكتور عبدالجليل العمرى مشروعا لنظام الحكم أثناء الفترة الانتقالية تضمن تنظيم العلاقة بين رئيس الجمهورية ومجلس قيادة الثورة، كما تضمن النص على إنهاء الأحكام العرفية فى 18 يونيو 1954 ذكرى إعلان الجمهورية، وإجراء انتخابات الجمعية التأسيسية على أساس غير حزبى، وإجراء استفتاء شعبى على إعلان الجمهورية وتعيين الرئيس نجيب وقانون الإصلاح الزراعى، دون تحديد موعد لإجراء الانتخابات أو الاستفتاء.
ومع استمرار الضغوط من المعسكر الديمقراطى من أجل الإسراع بإجراءات العودة للديمقراطية، خاصة فى ظل استمرار اعتقال القيادات السياسية وتعرضهم للاعتداءات فى السجن الحربى، عقد مجلس قيادة الثورة اجتماعا فى 25 مارس 1954 طرح فيه عبدالناصر مشروع قرار «تصفية الثورة»، واقترح عبداللطيف بغدادى مشروعا مضادا بإلغاء قرارات 5 مارس و«استمرار الثورة» والتوسع فى إجراءات التطهير والمحاكمات، بينما اقترح خالد محيى الدين بديلا ثالثا بالإبقاء على قرارات 5 مارس وإجراء الانتخابات على أساس غير حزبى وحرمان من طُبق عليهم قانون الإصلاح الزراعى أو شاركوا فى إفساد الحياة السياسية أو أيدوا قوانين معادية للحريات من المشاركة، مؤكدا أن الانتخابات ومعركة الدستور ستفرز قوى سياسية جديدة وأحزابا جديدة.
وهنا أصر عبدالناصر على التصويت على واحد من اقتراحين فقط، اقتراحه الذى حصل على ثمانية أصوات، واقتراح بغدادى الذى حصل على أربعة أصوات فقط هى أصوات جمال سالم وصلاح سالم وحسن إبراهيم بالإضافة إلى بغدادى نفسه.
وعندئذ صدرت قرارات 25 مارس 1954، والتى نصت على أن يتم حل مجلس قيادة الثورة يوم 24 يوليو 1954 مع عدم السماح للمجلس بتكوين حزب سياسى، وعلى السماح بقيام الأحزاب، كما نصت على عدم جواز الحرمان السياسى، وعلى إجراء انتخابات الجمعية التأسيسية بحرية كاملة، وأن يكون لها سلطة البرلمان.
لكن هل كان هناك انقسام حقا داخل مجلس قيادة الثورة؟
ذهب الدكتور عبدالعظيم رمضان فى كتابه «عبدالناصر وأزمة مارس 1954» إلى «أن الاقتراحين بتخطيط واحد»، وأظنه كان محقا تماما فى ذلك، فقد رأى عبدالناصر وقتها أن المخرج الوحيد من الأزمة أن يصل بالأمور إلى منتهاها، ليستنفر أقصى طاقة القوى الرافضة لعودة الديمقراطية.
وهذا ما حدث بالفعل فى الأيام التالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.