تصرفات أعضاء المجلس العسكرى مع شعب بمصر، ذكرتنى بما فعله قوم لوط مع نبى الله لوط، كان يريد لهم الطهارة والسلام، وأرادوا لأنفسهم النجاسة والحسرة والعذاب، عرض عليهم الزواج من بناته وقال لهم: هن أطهر لكم، ولكنهم طمعوا فى ضيفيه الشابين الوسيمين وارادوا ممارسة الفحشاء معهما، فصرخ لوط فيهم: «أليس منكم رجل رشيد؟ فلم يجيبوه، فخسف الله بهم الأرض وأرسل عليهم حجارة من سجيل، ونجا لوط ومن معه من الصالحين. هى نفس القصة التى يعيد تكرارها رجال المجلس العسكرى مع شعب مصر، يريدون أن يمارسوا الدنيئة معنا، ونحن نحاول أن ننهى شذوذ أفعالهم، نريد أن نبنى مستقبلنا، وهم يصرون على أن يلعنهم التاريخ، لا يفكرون سوى فى مصلحتهم وبقائهم اطول فترة على كرسى الحكم، كرسى الحكم الذى بسببه مارس معنا المجلس جميع الأوضاع المحرجة وغير المحرجة، تعامل معنا كشعب من العاهرات حمل سفاحاً فى الثورة، فأرادوا أن يقتلوها ويشوهوها ويمحوا أى ذكرى لها.. أليس منكم رجل رشيد؟!
كيف تسمحون لأنفسكم بأن تقتلوا ابناء الثورة التى أعطتكم الفرصة لغسل تاريخكم وتصحيح صورتكم بعد أن ظللتم لثلاثين عاماً خانعين لفساد وظلم وديكتاتورية النظام السابق؟، كيف تنتقمون ممن منحكم الفرصة ليخلدكم التاريخ ولتكتب اسماؤكم على جبين هذا الوطن بحروف صنعها شباب الثورة بدمائهم؟.. أليس منكم رجل رشيد؟!
فيما تتحدثون وأنتم جالسون مع بعضكم البعض؟، وكيف تقيمون تصرفاتكم؟، هل تؤمنون حقاً بأنكم تخافون على هذا الوطن وتفعلون الصالح له؟، أم تعلمون أنكم تتلاعبون به وبفصائله وتياراته السياسية لتصلوا إلى غاية فى نفوسكم تخجلون من اعلانها على الملأ، وهي أنكم لا تقبلون أن يأتى رئيس مدنى لكرسى الحكم، وأن كل شخص منكم يرى نفسه وهو جالس على هذا الكرسى ليحكم البلد الذى تشعرون بأنه ميراث لا يورث إلا لكم فقط.. أليس منكم رجل رشيد؟!
لقد تسلمتم هذا البلد فى فبراير الماضى وكله على قلب رجل واحد بميدان التحرير، وبعد مرور تسعة أشهر فقط - هي مدة حملها- استطعتم أن تفرقوا بيننا فأصبح كل منا يخشى الآخر ويخونه، أصبحنا مقسمين بين اخوان وسلفيين ويسار وليبراليين، ومرت حوادث الفتنة الطائفية بالنسبة لكم كخدش بسيط، ولا ندرى ماذا ستفعلون بنا إذا استمر حكمكم لنا أكثر من ذلك، هل سنسير فى الشوارع لنقتل بعضنا البعض كي تتسع ابتسامتكم أكثر وأكثر؟... أليس منكم من رجل رشيد؟!
لماذا ترفضون التصرف بنبل وطهر مع هذا الوطن، و تعودون إلى ثكناتكم مرة أخرى، وتتركونه ليصنع مستقبله، ويكفيكم أن ساعدتم بصمتكم وتدعيمكم للنظام السابق على مدار ثلاثين عاماً أن نصل لهذا الوضع المذرى اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، ولماذا تسيرون بنا تجاه الأسوأ؟، فماذا فعلتم لنا أو لهذا البلد خلال التسعة أشهر الماضية؟.. لا شىء.. ولن تستطيعوا أن تفعلوا لأنكم لا تفكرون سوى فى مصلحتكم وطموحاتكم المريضة.. أليس منكم رجل رشيد؟!
أتعجب أن يضم المجلس العسكرى كل هؤلاء الرجال، ولا يخرج أحد منهم ليعترض على ما يحدث، أو حتى يحاول تصحيح الأخطاء العديدة التى ارتكبها المجلس فى حق هذا الوطن وأبنائه، بل الصادم أنكم جميعاً تتحدثون بلسان رجل واحد وتفكرون بعقل واحد، وترون أن من يعارضكم خائن، ومن لا يريدكم فى الحكم عميل، ومن ينتقدكم سافل يجب أن يقام عليه الحد.. أليس منكم رجل رشيد؟!
ما لا تعرفونه أننا أصبحنا لا نخشاكم ولا نريدكم، أصبحنا نكرهكم ونرى فيكم صورة للظلم والديكتاتورية، فأنتم استبحتم دماءنا، واشعلتم نار الفتنة بيننا، وتريدون أن تدمروا مستقبلنا، ورغم كل هذا تريدون أن تستمروا وتحلمون بأننا سنخضع لكم وأن محاكمكم العسكرية ستقيكم ثورتنا وستخرس ألسنتنا، ولكن هيهات أيها المجلس.. فإنكم غافلون.. أليس منكم رجل رشيد؟!
أتعجب من أنكم لم تتعلموا الدرس، وتتصرفون بنفس حماقة النظام السابق، وتقدمون قرابين من كرات الثلج،تعتقدون أنها من الممكن أن تطفئ نار الثوار وتقربكم منهم، ولكن ما لا تعلمونه أن الوقت فات، وأن نار الثورة ستشتعل أكثر فأكثر، لتحرق كل الوجوه التى استباحت دماءها وأحرقت سمعتها وأجرت الكشف على عذريتها، وحاولت خنقها بالغاز وقتلها بالخرطوش.. نار الثورة ستحرق كل من ظلمها حتى ولو وضع على كتفيه ألف سيف ونجمة ونسر!!.. أليس منكم رجل رشيد!
لم أعد أخشى محاكمكم ولا كلابكم المسعورة ولا حتى سجونكم أو حتى مشانقكم، فأنا لست أفضل ممن ماتوا ويموتون وأنا أكتب الآن فى شىء، حتى أتمسك بالحياة وهم يحتضنون الموت، ليعيش الوطن، بعد أن دهستوه ببياداتكم العسكرية، وطعنتموه بخناجركم الميرى، فدماء شباب مصر، غالية، وستظل تطاردكم اينما كنتم، وإن كان مبارك سرق وقتل وعذب، فأنتم ارتكبتم افظع مما ارتكب لأنكم خنتم ابناء وطنكم وثورته.. فأنا لم أعد أخشاكم.. والآن تأكدت أنه لا يوجد منكم رجل رشيد