اسلام اباد/كابول (رويترز) - سادت حالة من الغضب في باكستان يوم الاحد بسبب غارة جوية شنها حلف شمال الاطلسي عبر الحدود أدت الى مقتل 24 جنديا باكستانيا وقد تقوض جهود الولاياتالمتحدة لانهاء الحرب في افغانستان. وبحلول الليل في باكستان وبعد اكثر من 40 ساعة من الحادث لا تزال هناك الكثير من التساؤلات.
ووصف حلف الاطلسي مقتل الجنود بانه "حادث مأساوي غير مقصود" وقال ان تحقيقا يجرى في الواقعة. وقال مسؤول غربي ومسؤول امني افغاني طلبا عدم نشر اسميهما ان قوات حلف الاطلسي كانت ترد على اطلاق للنار من الجهة الاخرى من الحدود.
ومن المحتمل ان يكون التفسيران صحيحين كلاهما أي ان هجوما انتقاميا من قبل قوات حلف الاطلسي اخذ منحى مأساويا وخاطئا في منطقة وعرة التضاريس يصعب فيها تمييز العدو من الصديق.
وكثيرا ما يشن متشددون هجمات من الاراضي الباكستانية او يفرون اليها بعد هجوم عبر الحدود السهلة الاختراق التي لا تستطيع القوات التي يقودها حلف الاطلسي عبورها بموجب التفويض الممنوح لها من الاممالمتحدة.
ومن الواضح ان الحادث قد يقوض جهود الولاياتالمتحدة لتحسين العلاقات مع باكستان حتى تتمكن اسلام اباد من المساعدة في تحقيق الاستقرار في افغانستان قبل انسحاب القوات القتالية التابعة لحلف الاطلسي من هناك بحلول نهاية عام 2014.
ويرى الباكستانيون ان الهجوم هو أحدث استفزاز من الولاياتالمتحدة التي اغضبت الجيش الباكستاني عندما نفذت قواتها الخاصة هجوما منفردا في باكستان اسفر عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن في مايو ايار.
وتجمع الالاف امام القنصلية الامريكية في مدينة كراتشي للاحتجاج على غارة حلف الاطلسي التي استهدفت نقطتي تفتيش عسكريتين.
وقال مراسل لرويترز في الموقع ان الحشد الغاضب هتف "تسقط أمريكا". وتسلق شاب الجدار المحيط بالمجمع الواقع تحت حراسة مشددة وثبت علما باكستانيا على الاسلاك الشائكة.
وقالت ربة منزل تدعى نسيمة بالوتش شاركت في المظاهرة "امريكا تهاجم حدودنا. يجب على الحكومة ان تقطع العلاقات معها على الفور." واضافت "امريكا تريد احتلال بلادنا لكننا لن نسمح لها بذلك."
ودفنت باكستان يوم الاحد جنودها الذين قتلوا في الهجوم. وأظهرت لقطات تلفزيونية نعوش الجنود وهي ملفولة بأعلام باكستان ذات اللونين الاخضر والابيض خلال جنازة القتلى عند مقر القيادة الاقليمية في بيشاور والتي حضرها قائد الجيش الجنرال اشفق كياني.
وسلط الهجوم الضوء على الصعوبات التي تواجهها الولاياتالمتحدة في مسعاها لتأمين المنطقة الحدودية التي تضم بعضا من اخطر الجماعات المتشددة في العالم وهي جماعات باتت تحفظ تضاريس المنطقة الوعرة عن ظهر قلب.
وقالت مصادر عسكرية ان نحو 40 جنديا كانوا يرابطون في الموقعين وقت الهجوم.
وقتلت طائرات حلف الاطلسي ثلاثة جنود باكستانيين العام الماضي. وقال حلف الاطلسي انذاك ان قواته اختلط عليها الامر واعتقدت ان اعيرة تحذيرية أطلقها القوات الباكستانية هجوم للمتشددين.
وقال مسؤول غربي ومسؤول امني افغاني كبير ان قوات حلف الاطلسي والقوات الافغانية تعرضت لاطلاق النار عبر الحدود مع باكستان قبل ان تهاجم طائرات الحلف موقعا للجيش الباكستاني مما اسفر عن مقتل الجنود.
وقال المسؤول الغربي "تعرضوا لاطلاق نيران عبر الحدود."
وصرح المسؤول الافغاني بأن الجنود تعرضوا لاطلاق نيران من داخل باكستان أثناء نزولهم من طائرات هليكوبتر والتي ردت باطلاق النيران.
وطلب المسؤولان عدم نشر اسميهما بسبب حساسية الهجوم.
وتقول باكستان ان الهجوم وقع دون اي استفزاز وانها تحتفظ بحق الرد.
ويحاول مسؤولون من الولاياتالمتحدة وحلف الاطلسي نزع فتيل التوتر لكن مقتل الجنود يمثل اختبارا لزواج مصالح فاشل بين واشنطن واسلام اباد.
ويعتقد الكثير من الباكستانيين ان الحرب التي يخوضها جيشهم ضد المتشددين لا تخدم سوى المصالح الغربية.
وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان ان حنا رباني خار وزيرة الخارجية تحدثت مع وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون هاتفيا في وقت مبكر يوم الاحد لنقل "الاحساس العميق بالغضب الذي يسود انحاء باكستان" وحذرت من ان الحادث قد يقوض الجهود الرامية لتحسين العلاقات.
وأغلقت باكستان الطرق التي يتم من خلالها نقل الامدادات الى قوات حلف شمال الاطلسي في افغانستان بسبب الهجوم الذي يعتبر الاسوأ من نوعه منذ أن تحالفت اسلام اباد مع واشنطن بعد هجمات 11 سبتمبر أيلول 2001.