عندما يتصاعد الدخان الاسود من مدخنة مصفاة لتكرير النفط تقع على الجانب الاخر من الطريق لا تتوافر لايرما لي ايلاس (78 عاما) الا طريقة واحدة لوقاية رئتيها المصابتين بالربو من هذا الهجوم السام..."اغلاق الباب" على ما تقول. ففي جنوبالولاياتالمتحدة تسجل ولاية تكساس اعلى انبعاثات للغازات المسببة لمفعول الدفيئة في البلاد. هذا المستوى القياسي عائد الى احتراق الفحم في مصانع انتاج الكهرباء في اقتصاد يستند خصوصا على الصناعات "القذرة" الملوثة مثل النفط والبتروكيميائيات.
ما يضر بصحة السيدة ايلاس جزء من المشهد العام والكثير من وجهاء الولاية مثل الحاكم والمرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية ريك بيري يرون فيه مجرد فولكلور محلي. فقد قال هذا الاخير قبل فترة قصيرة انه سيلغي وزارة البيئة في حال دخوله البيت الابيض.
ويشدد معارضوه على ان التشريعات متساهلة وعمليات التدقيق غير فعالة فيما لا يتم تحفيز الشركات على احترام القواعد البيئية اذ ان الغرامات الزهيدة جدا نادرا ما تطبق.
و ترد هيئات المراقبة التابعة للدولة قائلة ان النتائج على ارض هي الطريقة الفضلى لتقييم فعالية الاجراءات البيئية. وقال تيري كوسن الناطق باسم "تكساس كوميشن اون انفايرمنتال كواليتي"، "اذ كان كل ما تتقدمون به صحيحا فان نوعية الهواء في تكساس لن تتحسن ابدا".
لكن في حال تراجعت فعلا انبعاثات غازات الدفيئة فانها لا تزال عند مستويات مثيرة للقلق خصوصا وان هناك مصادر انبعاثات عشوائية.
ففي العام الماضي سجلت 2553 "حالة انبعاثات" عشوائية ادت الى انبعاث 2,73 مليون طن من الملوثات في الجو. وقد قامت الدولة بملاحقات في 123 من هذه الحالات وحررت محضر مخالفة في 172 حالة اخرى.
وقرار شركة "بريتيش بتروليوم" النفطية بالاستمرار في عمليات التكرير بعد حريق في منشأتها في تكساس سيتي ما اطاح بعمليات مراقبة التلوث لمدة 40 يوما العام المضي. وكان من الحالات القليلة التي سعت فيها السلطات الى فرض عقوبات تتجاوز الغرامة العادية التي تكون محدودة بعشرة الاف دولار يوميا.
الا انه على صعيد هذه القضية، لم تخذ اي اجراء للطب من "بي بي" وقف نشاطها بدلا من الاكتفاء بحرق انبعاثات الغاز او لرفع تقرير الى السلطات المحلية حول تطور التلوث.
ويقول كن كرامر مدير فرع المنظمة المدافعة عن البيئة "لون ستار تشابتر اوف ذا سييرا كلوب" في تكساس ان "التشريعات متساهلة جدا على صعيد البيئة والناس المكلفون مراقبة الوضع لا يفلعون ذلك بطريق مناسبة".
وبسبب هذا الوضع اخذ سكان مدينة بورت آرثر التي تسمم مصافي النفط القديمة اجواءها، الامر على عاتقهم.
فقد تسلحت مجموعة صغيرة من الناشطين البيئيين باجهزة لقياس نوعية الهواء مصنوعة من ادلة واكياس بلاستيكية لاخذ عينات لتحليلها في مختبرات مستقلة.
وقد حقق هؤلاء حتى الان بعض الانتصارات الكبيرة مثل ارغام شركة "موتيفا" على اعتماد اجراءات مراقبة جديدة للتلوث وتمويل فحص سنوي لنوعية الهواء وتأسيس صندوق للتنمية الاقتصادية بقيمة 3,5 ملايين دولار.
الا ان الاطفال لا يزالون يقعون ضحية الامراض في حين يرجئ اصحاب المصانع عمليات الصيانة التي تسمح بخفض تواتر انبعاثات المواد السامة في الجو.
ويقول الناشط هيلتون كيللي "ثلاث مرات في الشهر على الاقل يصاب احد هذه المصانع بخلل يؤدي الى انبعاث اطنان من المواد السامة في الجو". ويضيف "في غالبية الاحيان تدير السلطات وجهها وتقول لنا ان الامر غير مهم. حتى لو اضطر السكان الى وضع منشفة صغيرة مبللة على وجههم ليتمكنوا من التنفس".
ويقلق هيلتون كيلي من انعكاسات الوضع على المدى الطويل. لكن في الوقت ذاته لا يدعو الى الى اغلاق مصانع تكرير النفط التي توفر وظائف لكثيرين في المنطقة.