رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلوسكوني يصل الى القصر الرئاسي لتقديم استقالته رسميا الى الرئيس في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2011
يبدأ الرئيس الايطالي جورجو نابوليتانو الاحد مشاورات سياسية لاختيار رئيس للحكومة خلفا لسيلفيو برلوسكوني الذي استقال مساء امس ويرجح ان يخلفه في هذا المنصب المفوض الاوروبي السابق ماريون مونتي.
وغادر برلوسكوني (75 عاما) السلطة السبت وسط شتائم وهتافات مناهضة له ليطوي بذلك صفحة عشرين عاما من الحكم تخللتها فضائح جنسية وقضايا فساد في ايطاليا التي تواجه وضعا ماليا خانقا.
وسلم رجل الاعمال الثري الذي يملك امبراطورية اعلامية واتهم بالاضرار بمصداقية البلاد، استقالته بعد تبني البرلمان اجراءات اقتصادية تهدف الى طمأنة الاسواق والشركاء التجاريين لايطاليا. وقبل نابوليتانو استقالة "الفارس" الذي اضطر لمغادرة القصر الرئاسي من باب خلفي لان المتظاهرين الذين تجمعوا امام المدخل الرئيسي للقصر كانوا يصفقون فرحا ويرددون هتاف "مهرج مهرج".
وقبل ساعة من ذلك استقبله الحشد بهتافات "مافيا!" و"عار!" و"السجن!" و"الربيع الربيع (بريمافيرا بريمافيرا)" في اشارة الى الحركات الاحتجاجية العربية. وقالت وكالة الانباء الايطالية (انسا) انه عبر لمقربين منه عن شعوره "بمرارة عميقة". واستمرت الاحتفالات ابواق السيارات في العاصمة حتى منتصف ليل السبت الاحد. وكانت حشود اجتاحت بعد ظهر امس المواقع الرئيسية في العاصمة وهي تردد "استقالة استقالة". وحمل بعض المشاركين علم ايطاليا بينما رفع آخرون لافتات كتب عليها "باي باي سيلفيو" و"واخيرا!".
وفي ساحة القصر، قامت فرقة موسيقية مرتجلة تضم موسيقيين تجمعوا عبر الانترنت بتقديم مقطوعات موسيقية واغان. وقالت متظاهرة وسط صفير حاد "اليوم نحن هنا لاننا سعداء جدا جدا لان برلوسكوني سيعود الى بيته!". وهتفت اخرى "تشاو اذهب بلا عودة".
ومع ذلك رحب بعض المتظاهرين ببرلوسكوني وصفقوا له. وقال ماسيمو ديلا سيتا وهو عامل في الخامسة والعشرين من العمر "انه فريد ولا يمكن ان ينسى ولا احد بمستواه". وعبرت ماريا تيريزا بورغيلي (54 عاما) "نشعر اننا اصبحنا ايتاما". وقال داريو فرانشسكيني من الحزب الديموقراطي اكبر احزاب المعارضة ان "الستار ينزل اليوم على واحدة من اطول الصفحات واكثرها ايلاما في تاريخ ايطاليا".
وسيبدأ نابوليتانو صباح اليوم المشاورات التي يفرضها الدستور قبل ان يتمكن من تكليف شخص يختاره لتشكيل حكومة. وسيعقد لقاءه الاول مع رئيس مجلس الشيوخ ريناتو سكيفاني يليه رئيس مجلس النواب جانفرانكو فيني. بعد ذلك سيستقبل نابوليتانو مختلف الكتل البرلمانية ورؤساء الجمهورية السابقين. لذلك، من غير المتوقع اعلان اسم رئيس الحكومة الجديد قبل مساء الاحد وحتى الاثنين.
لكن يبدو ان الامر محسوم. فقد عين ماريو مونتي (68 عاما) الاربعاء سناتورا مدى الحياة واستقبله برلوسكوني لساعتين على الغداء السبت. وهو شبه واثق من الحصول على دعم نابوليتانو. وحصل مونتي على دعم المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد واجرى محادثات السبت مع المدير الجديد للبنك المركزي الاوروبي مواطنه ماريو دراغي.
وباستثناء شعبويي رابطة الشمال وبعض المتشددين في حزب برلوسكوني الذين يرفضون المشاركة في حكومة منفتحة على اليسار، عبرت كل الاحزاب عن تأييدها لحكومة تكلف اتخاذ الاجراءات اللازمة لتجنيب ايطاليا ازمة مالية خطيرة.
وكان النواب الايطاليون تبنوا السبت مجموعة اجراءات لتقليص الديون ودفع النمو طالب بها الاتحاد الاوروبي، ما يفتح الباب امام الاستقالة المعلنة لرئيس الحكومة سيلفيو برلوكسوني. واقر النواب هذه الاجراءات ب380 صوتا مقابل 26 وامتناع نائبين عن التصويت. ولم يشارك الحزب الديموقراطي ابرز احزاب المعارضة في التصويت لتجنب عرقلة اتخاذ هذه القرارات المصيرية.
وقال النائب عن الحزب الديموقراطي داريو فرانشسكيني "اليوم اسدل الستار على صفحة طويلة ومؤلمة من تاريخنا". واضاف "ان ايطاليا بلد يرغب في طي الصفحة والانطلاق مجددا من نقطة الصفر. غدا ندخل مرحلة جديدة وعلينا العمل على اعادة بناء الاقتصاد والقضاء والقانون الانتخابي... من الصفر".
من جهته قال النائب فابريزيو تشيتشيتو من حزب شعب الحرية، حزب برلوسكوني، ان الاخير وافق على الاستقالة "مع انه لم يكن مجبرا على ذلك". وتابع هذا النائب "لقد كشف عن تحليه بضمير وطني ونحن نشكره على ذلك ونبدي تضامننا معه في وجه الهجمات التي يتعرض لها".