حدثونا عن دماء الشهداء التى تناثرت فى الشوارع والطرقات .. حدثونا عن الأجساد التى تحولت الى أشلاء ..حدثونا عن الرصاص الذى أخترق الصدور ومزق الأحشاء... حدثونا عن النيران التى إلتهمت الأخضر واليابس ، وروعت النفوس وسرقت منا الأمان ..حدثونا عن وطن مهدد بالتفتيت والتقسيم ..عن زرع الحقد والكره الذى ستحصده الأجيال ..عن وطن كان يوما ملاذ الرسل والانبياء ..ثم تحول الى وكر للشياطين والعفاريت وكل ألوان الجان . سأمنا تحليلات النخب وفتاوى أصحاب العمائم والصلبان وتبريرات العامة والغوغاء .. الكل يكذب ، وينافق ، يتاجر بالدم ، ثم يغسل يديه ويتعطر بأنفاس الضحايا ودموع الثكالى ، ولوعة الأمهات والأخوات ، الكل مجرم فى حق هذا الوطن .. حتى لو أقسم أغلظ الأيمان على براءته . لا تحدثونا عن بيت من بيوت الله ، له حرمة أكثر من حرمة الدماء التى سالت ، ولا هلال أو صليب له قيمة أرفع من قيمة الأنسان ، فالله غنى عن بيوت تبنى على أشلاء الضحايا ، والأهلة والصلبان بريئة من تلك الأيادى التى ترفعها باليمين لتقتل وتهدم باليسار . حدثونا عن القمص فلوباتير جميل ، كاهن كنيسة العذراء بفيصل صاحب"مسيرة الغضب النبيل" التي انطلقت من شبرا إلى ماسبيرو، فتبعه الآلآف الشباب الأقباط دون وعى بخطورة هذا الإنجرار ، هذا القمص الذى أيقظ فتنة نائمة وأشعل بها النيران ، ثم تبرأ من دماء الشهداء وطالب ذويهم بدفنهم دون ان يتم تشريح جثثهم لحفظ حقوقهم ومعاقبة الجناة ، بحجة ان حق الشهداء سيحصلوا عليه بأياديهم فى اصرار متعمد على استمرار حالة القتل والثأر والأنتقام ، ( كما صرحت شقيقة الشهيد مينا فى فيديو منشور بموقع الفجر ) ، حدثونا على كيفية عقاب هذا القمص الذى امتلأ قلبه بالكراهية والحقد ، فراح ينفث سمومه فى عقول الشباب المسيحى تحريضا لهم على العنف ضد اخوة لهم ، شركاء وطن وتاريخ ومصير، حدثونا عن أصل المشكلة التى اختلقها هذا القمص الحقود وأمثاله الذى جيش مشاعر الكراهية وادعى ان المسلمين هدموا كنيسة المريناب رغم تكذيب الأنبا هيدرا أسقف أسوان تلك الإدعاءات الباطلة ( فى شريط فيديو مرفق بالمقال رابطه ) . حدثونا عن محاسبة هذا القمص فلوباتيرعلى كذبه وافتراءاته وتضليله ، وعن طرق إجتثاث كل من يحاول بث بذور الفرقة بين فئات شعب عاش قرونا طويلة لا يعزله جدار ، سواء كان قسا أو شيخا ملتحى ممن أتخذ الدين ستارا لإذكاء نيران الفتنة الطائفية ، وتمزيق لحمة النسيج الوطنى الواحد ..حدثونا أولا وأخيرا عن كيفية خرس تلك الألسنة التى تؤجج مشاعر الحقد والكراهية فى نفوس أبناء الوطن الواحد سواء بالترهيب أو التخوين أوالتكفير . حدثوا الشباب الذى اختار لنفسه أن يكون أداة تستخدم بيد هؤلاء المتطرفون من الجانبين ألا ينجروا وراءهم ، وألا يستمعوا لتحريضهم ، وعلموهم ان اليد لا ترفع على أخ وشريك فى الوطن مهما أختلفت عقيدته وأراءه ، وان الدماء التى سالت سواء لمسلم أو مسيحى فى كنيسة القديسين او امبابة او ماسبيرو أطهر من كل مقدسات الأرض ، علموهم ان هؤلاء المنتفعون جباة الأموال من الجانبين خيرا لهم ان يتنافسوا على بناء بيوتا لإيواء الملايين من أطفال الشوارع وسكان المقابر ( بالأموال التى يجمعونها ) من بناء كنيسة أو مسجد ، فما أكثر الكنائس والمساجد فى مصر، ولكن السكن والمأوى ما أحوج ملايين الأسرإليه لحفظ كرامة الإنسان وعرضه وشرفه ، تلك الأموال التى تتدفق على رجال الدين ومؤسساتهم الدينية من خلال تبرعات الجماهير ، هى التى دفعتهم للإستقواء بتلك الجماهير واستخدامها من أجل تحقيق مآربهم الشخصية ، وزادت من نفوذهم حتى أصبحوا دولة داخل الدولة معصومين من الحساب والعقاب ، محسوبين على فئة الأنبياء والقديسين ، وماهم الا بشر خطائين . حدثونا عن الفضائيات التى أصبحت بوقا للتحريض الطائفى ومنبرا للأفاعى تتلوى حسب الطلب وتتراقص فوق جثث وأشلاء الضحايا ، ببث سمومها فى وجوه الباحثين عن طريق الخلاص من عذابات الحياة لتدفعهم الى الموت قتلا أو انتحارا .. حدثونا عن تلك الفضائيات التى مازالت تصرعلى القيام بدور العبد للأسياد ، وافترشت طريق الكذب والخداع وتزييف الحقائق منهجا للإسترزاق ، وتاجرت بالأعراض والأجساد ..كيف نتصدى لها ونحمى أنفسنا منها وممن يمولها من أصحاب الغترة والعقال والقبعات السوداء ؟ لا تحدثونا عن أوهام ومخاوف البعض من تطبيق حدود وقوانين الشريعة الأسلامية وأتخاذ تلك الأوهام كذريعة لتقسيم الوطن وضياعه ، فتلك الحدود والقوانين لن تطبق إلا لإزالة ومحو القهروالظلم من على الأرض، ونشرمظلة العدل على الجميع ، وتكريس القيم الانسانية التى دعت إليها كل الشرائع السماوية السمحة ، فحدود الله حاشى لله ان تكون ظلما لأحد ، ولا تتعارض مع كل القوانين والدساتير التى تحفظ كرامة الانسان وعرضه وماله ودمه ، وتضمن أمنه واستقراره . حدثونا عن المجلس العسكرى وخطورة بقائه فى الحكم وانتهاجه نفس المنهج الذى اتبعه النظام السابق فى تمزيق اللحمة الوطنية ، واصطناع الأزمات وتفجيرالأوضاع كلما شعر بسحب بساط السلطة من تحت قدميه .. وسعيه الى دراسة سن القوانين التى تجعل منه دولة داخل الدولة مستخدما الجيش لحمايته وسحق كل معارضيه ، والأخطر من كل هذا تجاهل المجلس لتوصيات لجنة العدالة الوطنية التابعة لمجلس الوزراء التى أوصت يوم الثلاثاء السابق لأحداث ماسبيرو ( بإجماع أعضاء اللجنة ومنهم الدكتورة نهى الزينى ) بإقالة محافظ أسوان وسرعة الإنتهاء من اعطاء التراخيص اللازمة لبناء الكنائس ... ورغم ذلك لم تخرج تلك التوصيات للعلن ولم تنفذ وتم تجاهلها تماما دون النظر الى خطورة تفاقم الأوضاع على أمن مصر .. نعتقد ان هذا التصرف وحده يعتبر جريمة لابد من محاسبة المتسبب فى ارتكابها ان كنا ننشد الامن والاستقرار لهذا البلد . حدثونا يا أصحاب الضمائر الحية عن المسيحى الذى وقف جنبا الى جنب مع أخيه المسلم فى الميدان يحمى ظهره أثناء الصلاة ، ورفع يده فى يد المسلم لإعلاء شعار إسقاط النظام ، وسطر ملحمة البطولة ليمحو عار الذل والهوان ، حدثونا عن الوطن الذى يجمعهما لو ضاع ، وعن كيفية بنائه وتطهيره من فلول تسعى لتدميره ولعودة مصاصى الدماء .
حدثونا عن المستقبل وأمل الأجيال القادمة فى وطن بلا أحقاد ، وقلوب عامرة حقا بالإيمان ، وعيون تدمع من خشية الله ، وضمائر لا تغفل عن المراجعة والحساب ، وأفواه لا تنطق ألسنتها إلا بكلمات المحبة والسلام .