تواصل المشهد السوداني اليوم تشكل حالة من الغموض والتضارب بشأن ما يجري في العاصمة الأمريكيةواشنطن، بين نفي رسمي لوجود أي مفاوضات مع قوات الدعم السريع، وبين معلومات وإشارات متتابعة تؤكد أن واشنطن تتحرك بفاعلية في ملف الحرب السودانية. ورغم إصدار مجلس السيادة الانتقالي بيانًا رسميًا نفى فيه وجود مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين القوات المسلحة السودانية والمتمردين، إلا أن تداول الأنباء حول تلك اللقاءات لم يتوقف، بل تزايد خلال الساعات التالية لذلك النفي. وشهد صباح الجمعة وصول وزير الخارجية محي الدين سالم إلى واشنطن، في زيارة قالت قناة العربية استنادًا لمصادر أمريكية إنّها تهدف لمناقشة وقف الحرب ولقاء مسؤولين في إدارة الرئيس ترامب ومستشاريه. مشاورات لا مفاوضات.. رؤية أولية لما يحدث تشير مصادر دبلوماسية وأخرى مطلعة على مسار الملف التفاوضي إلى عدم وجود أي شكل من أشكال التفاوض المباشر في الوقت الحالي، بل إنّ ما يجري عبارة عن مشاورات أولية بين واشنطن وكل طرف على حدة للاستماع لرؤيته بشأن الحل. وتهدف تلك الخطوات إلى مساعدة الولاياتالمتحدة على صياغة رؤية موحدة تُعرض على اجتماع الآلية الرباعية نهاية الشهر الجاري. ووفق مصادر في وزارة الخارجية السودانية فإن سفارة السودان في واشنطن تقود اتصالات مستمرة مع الخارجية الأمريكية بعلم مجلس السيادة، وأنّ ما جرى أمس لا يتجاوز مرحلة العرض الأولي الأمريكي لرؤية مقترحة للحل في السودان. محمد ضياء الدين: واشنطن تدير حوارًا غير مباشر بين الجيش والدعم السريع أكد المحلل السياسي السوداني محمد ضياء الدين ل "الفجر" أنّ ما يجري في واشنطن يمثل إدارة أمريكية لقنوات اتصال غير مباشرة بين الطرفين. وقال إنّ لكل طرف الحق في الادعاء بأنّه يتحاور مع واشنطن فقط، لأن الولاياتالمتحدة تتواصل مع كل طرف بشكل منفصل. وأضاف أنّ واشنطن تسعى إلى إبقاء قنوات التواصل مفتوحة دون فرض لقاء مباشر قبل نضج الظروف السياسية، مؤكدًا أنّ الهدف هو تهيئة الأرضية المناسبة لوضع مسار تفاوضي حقيقي لاحقًا. الصادق علي حسن: وجود وفد عسكري أمني أمر مؤكد.. والسؤال الأهم ماذا يفعل؟ وقال المحلل السياسي الصادق علي حسن في تصريحات ل "الفجر" إنّ وجود وفد عسكري وأمني سوداني في واشنطن حقيقة مؤكدة، وإنّ تضارب المعلومات حول رئاسته مجرد محاولة للتشويش وتسجيل نقاط إعلامية. وأوضح أنّ التجارب السابقة تؤكد أنّ بعض الاتصالات الحساسة تُدار بسرية تامة داخل مؤسسات الدولة، مرجحًا أن تحمل لقاءات واشنطن ترتيبات سياسية غير معلنة تتعلق ببدء اتصالات تمهيدية لمستقبل التفاوض بين الجيش والدعم السريع. وأكد أنّ النتائج وحدها ستكشف طبيعة التحركات الجارية في واشنطن وأثرها على الملف التفاوضي. عماد أونسة: اجتماعات تنفيذية لتطبيق خطة الرباعية وشدد الكاتب والمحلل السياسي عماد أونسة ل "الفجر" على أنّ اجتماعات واشنطن ليست مفاوضات جديدة، بل خطوات تنفيذية لخطة الرباعية التي تم الإعلان عنها في 12 سبتمبر 2025 ووافقت عليها أطراف النزاع. وأوضح أنّ المرحلة الأولى من الخطة تنص على هدنة إنسانية مدتها ثلاثة أشهر، يليها مسار سياسي لتسعة أشهر وصولًا إلى الانتقال المدني. وأشار إلى أنّ التصريحات الإعلامية من الأطراف تستهدف قواعدها الداخلية وليس تغيير جوهر ما جرى التوافق عليه. وأضاف أنّ هذه الاجتماعات قد تنتهي خلال اليوم، مع توقع عقد جولات أخرى لاحقًا، مقابل تحركات رافضة في الداخل تسعى لتخفيف الضغط السياسي دون قدرة على تغيير مسار الخطة. واختتم أونسة تصريحاته بالتأكيد على ضرورة دعم أي خطوات تؤدي إلى وقف الحرب وإعادة الاستقرار للسودان.
خلاصة المشهد
المعطيات الحالية تشير إلى أنّ واشنطن: لا تدير مفاوضات مباشرة بين الطرفين تتحرك لصياغة رؤية أمريكية للحل تهيئ الأرض لخطوات سياسية مرتقبة عبر الرباعية وما بين النفي الرسمي والتأكيدات غير المباشرة، تبقى الحقيقة رهينة بما تحمله الساعات والأيام المقبلة من نتائج ذلك الحراك السياسي المكثف.