ب أماكن لكبار السن وذوى الهمم.. الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لاستقبال الناخبين للتصويت في انتخابات مجلس النواب    عاطف إمام عن شطبه من نقابة المهن الموسيقية: مصطفى كامل ظلمني    الثوم ب 100 جنيه.. أسعار الخضروات والفواكة في شمال سيناء    حكاية قرار أرعب إسرائيل 16 عامًا وقاتلت لإلغائه    الدفاع الجوي الروسية تسقط 71 طائرة أوكرانية مسيرة    بالرقم القومي.. 3 طرق للاستعلام عن لجنتك في انتخابات مجلس النواب 2025    ارتفاع أسعار النفط مدعومًا بتفاؤل بإعادة فتح الحكومة الأمريكية    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر مشروع قانون تمويل الحكومة لإنهاء الإغلاق الحكومى    خبير أمريكي يتوقع التخلص من زيلينسكي قبل عيد الميلاد    أمريكا: اختبارات تكشف الجرثومة المسببة لتسمم حليب باي هارت    وزير الاستثمار: 16 مليار دولار حجم التجارة مع الصين.. ولدينا 46 شركة تعمل في مصر    واشنطن تضغط على إسرائيل لبدء المرحلة الثانية من خطة ترامب    الرئيس اللبنانى يؤكد ضرورة الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها المستمرة على البلاد    هاني رمزي: تجاهل زيزو لمصافحة نائب رئيس نادي الزمالك «لقطة ملهاش لازمة»    لجنة المرأة بنقابة الصحفيين تصدر دليلًا إرشاديًا لتغطية الانتخابات البرلمانية    «طلعوا الشتوى».. تحذير شديد بشأن حالة الطقس: استعدوا ل منخفض جوى بارد    نقل محمد صبحي للعناية المركزة بعد إغماء مفاجئ.. والفنان يستعيد وعيه تدريجيًا    وزير المالية: بعثة صندوق النقد تصل قريبًا ومؤشراتنا مطمئنة    الزراعة: تحصينات الحمي القلاعية تحقق نجاحًا بنسبة 100%    «محدش كان يعرفك وعملنالك سعر».. قناة الزمالك تفتح النار على زيزو بعد تصرفه مع هشام نصر    السوبرانو فاطمة سعيد: حفل افتتاح المتحف الكبير حدث تاريخي لن يتكرر.. وردود الفعل كانت إيجابية جدًا    «لاعب مهمل».. حازم إمام يشن هجومًا ناريًا على نجم الزمالك    شيري عادل: «بتكسف لما بتفرج على نفسي في أي مسلسل»    الأهلى بطلا لكأس السوبر المصرى للمرة ال16.. فى كاريكاتير اليوم السابع    عدسة نانوية ثورية ابتكار روسي بديل للأشعة السينية في الطب    السقا والرداد وأيتن عامر.. نجوم الفن في عزاء والد محمد رمضان | صور    اليوم.. العرض الخاص لفيلم «السلم والثعبان 2» بحضور أبطال العمل    «الكهرباء»: تركيب 2 مليون عداد كودي لمواجهة سرقة التيار وتحسين جودة الخدمة    مواجهات بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى شمال القدس المحتلة    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الاثنين 10 نوفمبر    مساعد وزير الصحة: نستهدف توفير 3 أسرة لكل 1000 نسمة وفق المعايير العالمية    طوابير بالتنقيط وصور بالذكاء الاصطناعي.. المشهد الأبرز في تصويت المصريين بالخارج يكشف هزلية "انتخابات" النواب    ترامب يتهم "بي بي سي" بالتلاعب بخطابه ومحاولة التأثير على الانتخابات الأمريكية    رئيس لجنة كورونا يوضح أعراض الفيروس الجديد ويحذر الفئات الأكثر عرضة    الطالبان المتهمان في حادث دهس الشيخ زايد: «والدنا خبط الضحايا بالعربية وجرى»    وفاة العقيد عمرو حسن من قوات تأمين الانتخابات شمال المنيا    «مش بيلعب وبينضم».. شيكابالا ينتقد تواجد مصطفى شوبير مع منتخب مصر    معسكر منتخب مصر المشارك في كأس العرب ينطلق اليوم استعدادا لمواجهتي الجزائر    مي عمر أمام أحمد السقا في فيلم «هيروشيما»    باريس سان جيرمان يسترجع صدارة الدوري بفوز على ليون في ال +90    «لا تقاوم».. طريقة عمل الملوخية خطوة بخطوة    «لاعيبة لا تستحق قميص الزمالك».. ميدو يفتح النار على مسؤولي القلعة البيضاء    نشأت أبو الخير يكتب: القديس مارمرقس كاروز الديار المصرية    أمواج تسونامي خفيفة تصل شمال شرق اليابان بعد زلزال بقوة 6.9 درجة    محافظ قنا يشارك في احتفالات موسم الشهيد مارجرجس بدير المحروسة    مساعد وزير الصحة لنظم المعلومات: التحول الرقمي محور المؤتمر العالمي الثالث للسكان والصحة    3 أبراج «مستحيل يقولوا بحبك في الأول».. يخافون من الرفض ولا يعترفون بمشاعرهم بسهولة    ميشيل مساك لصاحبة السعادة: أغنية الحلوة تصدرت الترند مرتين    3 سيارات إطفاء تسيطر على حريق مخبز بالبدرشين    تطورات الحالة الصحية للمطرب إسماعيل الليثى بعد تعرضه لحادث أليم    كشف ملابسات فيديو صفع سيدة بالشرقية بسبب خلافات على تهوية الخبز    أداة «غير مضمونة» للتخلص من الشيب.. موضة حقن الشعر الرمادي تثير جدلا    ON SPORT تعرض ملخص لمسات زيزو فى السوبر المحلى أمام الزمالك    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صادق الصباح والدراما العربية.. من التسلية إلى الوعي
نشر في الفجر يوم 23 - 10 - 2025

الدراما ليست لهوًا يُستهلك، بل فكرٌ يُبنى، ليست مشهدًا يُشاهد وينقضي، بل مرآة للوعي الجمعي، ولسانٌ للحقيقة كما يراها الناس في حياتهم، في حقبةٍ اختلط فيها الوهْم بالواقع، وتكاثرت الحكايات حتى غابت الحقيقة، تغدو الدراما إن - أحسنت - وسيلةً لصناعة الإنسان العربي من جديد، وإن أُسيء استخدامها، تصبح أداةً لتفريغه من ذاته.

إن الحديث عن الدراما العربية اليوم لا يمكن أن ينفصل عن الحديث عن جودة الإنتاج والمعنى، فما أكثر المسلسلات التي تُنفق فيها الأموال، لكنها تخلو من الرسالة، وما أقلّ تلك التي تُصنع توقظ الضمير لا لتنوّم العقول. من هنا تبرز أهمية النماذج الواعية التي أدركت منذ وقتٍ مبكر أن الفن ليس مجرد صناعة ربحية، بل مشروع وطني وإنساني في آنٍ واحد، كما هو حال المنتج صادق الصبّاح الذي مثّل في مسيرته محاولةً حقيقية للجمع بين الفكر والاحتراف، بين الإبداع والمسؤولية.

فالصبّاح لم يرَ في الكاميرا وسيلة تصوير فحسب، بل أداةً لتوثيق وعي الأمة، أعماله جاءت شاهدةً على أن الدراما الراقية يمكن أن تكون نافذة على العقل قبل أن تكون متعةً للعين، من لبنان إلى مصر إلى المغرب، قدّم نموذجًا لعالمٍ عربيٍّ واحدٍ تتنوّع لهجاته لكنّ روحه واحدة. إنّه يدرك أن اللهجة ليست حاجزًا بل جسر، وأنّ تنوّع الوجوه ثراء لا تفرّق.

ورغم ذلك، لم يغفل الصبّاح التحدّيات التي تعصف بالصناعة. فهو من القلائل الذين تحدّثوا بصراحة عن أزمة تسويق الدراما خارج موسم رمضان، وعن صعوبة الموازنة بين ارتفاع التكاليف وغموض العوائد. غير أنّه يرى، بعين الخبير، أن الحلّ ليس في تقليص الإنتاج، بل في رفع الوعي بالمعنى. فحين تكون الفكرة قوية، يزول الخوف من السوق.

الدراما الواعية - كما يطرحها الصبّاح - ليست مجرد تصويرٍ لحياة الناس، بل إعادة ترتيبٍ لقيمهم ومعانيهم، ففي أعماله يتجاوز الاجتماعي والإنساني، وتطلّ الأسئلة الأخلاقية من خلف المشاهد، ماذا نفعل في هذا الزمن؟ وإلى أين تمضي أرواحنا؟

إنه لا يقدّم "أبطالًا خارقين" بقدر ما يعيد الإنسان إلى مركز الصورة، وهذا، في جوهره، ما تحتاجه الدراما العربية: أن تستعيد الإنسان، لا أن تستهلكه.

صادق الصبّاح: كيف تعيد الدراما العربية الإنسان إلى مركزه

ولعلّ أهم ما يميّز رؤية صادق الصبّاح هو وعيه بأنّ الدراما جزء من القوة الناعمة للأمة العربية، لذلك لم يقف إنتاجه عند الترفيه، بل تجاوزه إلى التعاون مع مؤسسات مجتمعية وأمنية وتربوية، ليصبح الفنّ وسيلة توعية لا وسيلة لهو، في هذا المعنى العميق، يقدّم الصبّاح نموذجًا لما يمكن أن تكون عليه الصناعة حين تتجاوز حدود الشاشة لتصل إلى وجدان المجتمع.

إن تجربة الصبّاح تؤكد أن الفنّ، حين يُدار بعقلٍ ناضج، يمكن أن يكون أداة بناءٍ ووعي. ومشروعاته في المغرب - على سبيل المثال - ليست مجرد استثمارات، بل مشروع ثقافي لتنمية السوق المحلي وصناعة النجوم العرب، لقد قال بوضوح إن "الدراما المغربية تفتقد صناعة النجوم"، ثم جعل من هذا الافتقاد دافعًا لبناء منظومةٍ جديدة، تُخرج الموهبة من الظلّ إلى النور، هكذا يتجلّى وعي المنتج الحقيقي: لا يكتفي بما هو قائم، بل يسعى لتطويره.

لكن الصبّاح، برؤيته المستقبلية، لا يغفل التحوّل الكبير الذي يعيشه العالم. فمع صعود المنصّات الرقمية، يدرك أن الدراما تدخل عصرًا جديدًا، وأنّ التلفزيون سيبقى، لكنه لن يظلّ وحده، في هذا المشهد، تصبح المسألة ليست في وسيلة العرض، بل في جودة المحتوى. فالمستقبل لمن يمتلك الفكر لا لمن يمتلك المنصّة فقط.

من هنا يمكن القول إن صادق الصبّاح، بوعيه الهادئ، قدّم درسًا للعاملين في الصناعة: أن الدراما ليست سباقًا رمضانيًا، ولا مجرّد مقاييس مشاهدة، بل رسالة أخلاقية وجمالية يجب أن تُحمل بضميرٍ يقظ. فالفن الذي يخلو من الضمير لا يبني وعيًا، بل يكرّس العدم.

والأخطر من ضعف الإنتاج هو ضعف الفكرة، حين يغيب الوعي ويحلّ التكرار، تفقد الدراما وظيفتها التنويرية. لهذا، يدعو الصبّاح دائمًا إلى نصٍّ عربيٍّ قويّ، يعيد للحوار مكانته، وللقيم وزنها، وللإنسان حقيقته. الدراما، في فلسفته، ليست تقليدًا للواقع بل بحثًا عن جوهره، ليست مرآةً فحسب، بل مصباحًا يهدي الطريق.

إنّ نموذج صادق الصبّاح لا يُقاس بما قدّمه من أعمال، بل بما أرساه من فكرةٍ واعيةٍ عن الفنّ بوصفه مشروعًا وطنيًا. فحين يصبح المنتج مثقفًا، والمخرج مفكّرًا، والممثل ضميرًا حيًّا، تستعيد الدراما العربية مكانتها كقوةٍ ناعمة تحفظ ذاكرة الأمة في وجه النسيان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.