فى خطوة تستهدف إعداد الشباب القبطي لحياة زوجية متوازنة، تواصل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تقديم كورسات المشورة الأسرية للمقبلين على الزواج، وذلك من خلال معاهد المشورة المنتشرة فى مختلف الإيبارشيات بالداخل والخارج، وتشمل هذه الكورسات محاضرات يقدمها كهنة وأطباء متخصصون، تتناول الأبعاد الروحية والنفسية والجسدية للزواج، تؤكد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن الهدف من الدورات التأهيلية قبل الزواج هو توعية الشباب والشابات بالمعايير الصحيحة للاختيار، حتى يُبنَى الزواج على أسس سليمة تضمن استقرار الأسرة. وجلست "منيره " شابة قبطية تبلغ من العمر 29 عامًا، أمام أحد خدام المشورة فى جلسة سرية، تبحث عن بصيص أمل ينقذ زواجها الذى يواجه أزمات متكررة منذ ست سنوات. الأم لطفلين قررت أن تمنح حياتها الزوجية فرصة جديدة من خلال جلسات المشورة، بعدما طمأنها الخادم وهو خريج أحد معاهد المشورة الكنسية بأن الحديث سيظل سريًا، سردت منيره تفاصيل أزمتها الزوجية، فاستمع إليها الخادم باهتمام، ووضع لها ملامح عامة لحلول ممكنة، ثم نصحها بأن ينضم زوجها إلى الجلسات، مؤكدًا أن الطريق الأفضل هو حضور كورس المشورة المخصص للمتزوجين، والذى تقدمه الكنيسة عبر معاهدها المتخصصة. تقول منيره: «خرجت من اللقاء أشعر براحة، وبتشجيع حقيقى أن أبدأ في حضور كورسات المشورة.. ربما يكون البداية الصحيحة لإنقاذ زواجى". ومصطلح "المشورة" صار حاضرًا بقوة فى الكنيسة المصرية خلال العقدين الأخيرين. فمنذ عام 2005 حين تأسس أول معهدين للمشورة بكنيسة مارجرجس بالمعادى والكنيسة المرقسية بالأزبكية، انتشر هذا العلم كخدمة كنسية متخصصة، حتى أصبحت له معاهد ومكاتب فى مختلف الإيبارشيات، تقدم كورسات نمو الشخصية، التفاهم الزوجى، تربية الأبناء، الاستعداد للارتباط، والتوعية الجنسية، كما تتيح هذه المراكز جلسات فردية أو زوجية سرية، بإشراف متخصصين، لمساعدة الأقباط على مواجهة التحديات الحياتية. وهدف المعهد هو نشر الوعى الأسرى من منظور مسيحى، والتعامل مع مشكلات الزوجين عبر الحوار وبناء التفاهم. ويضيف: «نقدم كورسات حول المفاهيم الصحيحة للزواج، مراحل نمو الشخصية، وتربية الأبناء، مع التركيز على تقوية العلاقات داخل الأسرة، والأشخاص ذوى المشكلات الأكثر تعقيدًا يحتاجون لجلسات فردية، شرط أن تكون لديهم الرغبة فى التغيير.. وقالت الدكتوره شرين دكتورة الصحة النفسية والإرشاد الاسرى،فى تصريحات خاصة ل "الفجر"، توضح ان المشورة تختلف عن العلاج النفسى الدوائى: «المشورة هى حوار مسيحى علاجى يهدف لمساعدة الإنسان على النمو النفسى والروحى، لكنها لا تقدم بدائل للطب النفسى ولا تحل محل الصداقة أو الصلاة الكنسية، وتوكد أن خدمة المشورة مجانية وتطوعية بالكامل، يقدمها خدام مدرَّبون، مشددًا على أن نجاح العملية المشورية يعتمد بالدرجة الأولى على جدية طالب الخدمة والتزامه ». وتابعة ان دراسة المشورة تُكسب الفرد مهارة تقبّل الآخر المختلف، وتحليل المشكلات بشكل عملى للوصول إلى حلول واقعية،من خلال هذه المعاهد والجلسات، تؤكد الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على رؤيتها لدعم الأسر المسيحية، ووقايتها من التفكك، عبر مزيج من الخبرة الإنسانية والرؤية الروحية. لتصبح "المشورة" اليوم إحدى أهم أدوات الكنيسة فى بناء بيوت مسيحية قادرة على مواجهة تحديات الحياة.. وتضع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كورسات المشورة الأسرية كشرط أساسى للحصول على تصريح الإكليل، مؤكدة أن حضور هذه الدورات يضمن إعداد الشباب نفسيًا وروحيًا وذهنيًا للحياة الزوجية، تؤكد أن الهدف من الدورات التأهيلية قبل الزواج هو توعية الشباب والشابات بالمعايير الصحيحة للاختيار، حتى يُبنَى الزواج على أسس سليمة تضمن استقرار الأسرة. وتوضح الكنيسة أن هذه المعايير تشمل المقاييس الداخلية مثل: طريقة التفكير، أسلوب التعامل مع المواقف، طبيعة الانفعالات، مدى التوازن بين الواقعية والخيال، إضافة إلى القيم الأخلاقية والروحية ومدى توافقها بين الطرفين. كما تلعب عوامل أخرى دورًا مهمًا مثل المستوى التعليمى والثقافى والاجتماعى، وتعتمد الدورات أيضًا على تدريب المقبلين على الزواج على "فن التعامل"، واستقراء الطباع لمعرفة مدى تقاربها وقبولها، بما يساعد فى اتخاذ قرار رشيد يجنّب الطرفين خلافات المستقبل. شددت الكنيسة على ضرورة التفرقة بين الحب الحقيقى والإعجاب العابر، موضحة أن الحب ينمو ويترسخ مع الوقت، بينما الإعجاب غالبًا ما يكون شعورًا مؤقتًا ينتهى فجأة، تقوم معاهد المشورة التابعة للكنيسة، مثل معهد المشورة بالمعادى أو حلوان، بتقديم محتوى علمى وروحى متكامل يهدف إلى توعية الشباب المقبلين على الزواج. ويشمل ذلك كيفية بناء علاقة صحيحة مع الله، ومع الذات، ومع الطرف الآخر، بما يضمن استقرار الحياة الزوجية وتخطى العقبات النفسية والسلوكية. تنصح الكنيسة بتمديد فترة التعارف قبل الخطوبة الرسمية لضمان وجود حد أدنى من التفاهم. بعد ذلك يُشترط على الطرفين تقديم شهادة من أحد معاهد المشورة تفيد باجتياز "كورسات المشورة"، والتى تتضمن محاضرات وإرشادات عملية للتعامل السليم وتجنب الخلافات الزوجية المستقبلية. تشترط الكنيسة على الخطيبين إجراء تحاليل طبية شاملة تشمل الفحص الجسدى والنفسى. وفى حالة اكتشاف أى أمراض جوهرية، يتم إخطار الطرف الآخر، ويوقع الطرفان على إقرار بالعلم الكامل، حال الإصرار على استكمال العلاقة. يُطلب من كل طرف تقديم شهادة "خلو موانع" من الكاهن المختص بخدمته تفيد بعدم وجود ارتباط بخطوبة أو زواج سابق، مرفقة بصورة الرقم القومى، وشهادات تثبت الوضع الاجتماعى السابق إن وُجد. يتم تحديد موعد الخطوبة الرسمية بالتنسيق مع الأب الكاهن ومكتب المطرانية، ويُستكمل التوثيق بحضور الشهود، على أن يحمل كل منهم بطاقة رقم قومى سارية. وتشدد الكنيسة على أن الزواج يتم حصريًا بين أبناء الطائفة الأرثوذكسية، وأن لا يقل سن العروس عن 18 عامًا يوم الإكليل. كما تحذر من إقامة حفلات صاخبة بعد الخطوبة حفاظًا على قدسية سر الزيجة. فى حال عدم الاتفاق، تتيح الكنيسة تسجيل "محاضر عدول عن الخطبة"، والذى يقر بالانفصال الرسمى بين الطرفين دون أن يمنع أى منهما من الارتباط لاحقًا، حالات تمنع الكاهن من تحرير محضر الخطوبة، عدم استكمال أحد المستندات المطلوبة، وجود إكراه على أحد الطرفين لإتمام الخطوبة غياب الوالدين أو أحدهما بسبب رفضهما، إلا إذا كان الغياب ناتجًا عن مرض أو ظرف شخصى، عدم بلوغ السن القانونى الذى تحدده الدولة، وجود قرابة محرمة تمنع إتمام الزواج.