ظلت قضية الأحوال الشخصية للأقباط الخاصة بالطلاق والزواج الثاني صداع في رأس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية على مدار الأعوام الماضية، ومنذ تعديلات البابا شنودة الثالث الراحل عام 2008 على لائحة 1938 التي كانت تبيح الطلاق والزواج الثاني للأقباط، وقيّدها البابا في شرط واحد وهو الزنا. ومنذ وصول البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، للكرسي البابوي في نوفمبر 2012، وهو يولى تلك الأزمة أهمية خاصة، انطلاقًا من قناعته التي صرح بها أكثر من مرة بأنه لا يتحمل أن يقول قبطي أو قبطية إن الكنيسة ظلمته. وعقد البابا تواضروس عددًا من المؤتمرات واللقاءات للأسرة القبطية خلال الأعوام الماضية للوصول إلى حل لتلك الأزمة حضرهما أعضاء المجمع المقدس للكنيسة، وتم الاستماع لأصوات المتضررين من الأقباط في تلك الأزمة، قبل أن يتوصل البابا لحل بمشاركة الأنبا بولا، أسقف طنطا وتوابعها ومسئول المجلس الإكليريكى العام بالكنيسة والمنوط بالأحوال الشخصية للأقباط. وكانت أولى الحلول اعتماد المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية خلال مؤتمر «الأسرة المسيحية والخدمات الكنسية»، الذي أقيم بدير الأنبا بيشوى بوادي النطرون، في مارس الماضي، وإقراره في جلسته السنوية في يونيو الماضي، برئاسة البابا تواضروس الثاني، بإلزام الأقباط، اعتباراً من يوليو 2017، بالكشف الطبي للمقبلين على الزواج، واجتياز دورة المخطوبين ما قبل الزواج مع الحصول على الشهادة التي تثبت حضور الدورة كاملة، وهى الدورات التي بدأ تطبيقها تجريبياً في بعض الكنائس والإيبارشيات خلال الشهور الماضية لإثبات مدى فاعليتها قبل أن يتقرر تطبيقها رسمياً وإجبارياً، لتأتى تماشياً مع قانون الأحوال الشخصية الجديد، وكحل وقائي لأزمة الطلاق والزواج الثاني. وبدوره قال نادر الصيرفي مؤسس حركة أقباط 38، أؤيد كل ما يخص زواج الأقباط تحت إدارة الكنيسة وأن منع ومنح تصاريح الزواج والطلاق ملك للكنيسة ولجوء الكنيسة لعمل دورات أو كورسات للمقبلين على الزواج شيء ايجابي وفى صالح الأقباط. وأضاف الصيرفي ل"المصريون"، أن مثل هذه الكورسات تقلل من الخلافات والمشكلات التي تنشا بين الطرفين المقبلين على الزواج وتوضح أسباب البطلان والتفرقة بينهما، لافتًا إلى أن من يريد أن يلتزم بها فلا باس ومن يريد أن يتزوج بدونها بدعوى أنها تقيد الحرية فلا يوجد مشكلة. من جانبه قال القس بولس حليم، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في تصريحات صحفية أمس، أن تلك الكورسات لا تحتوى، كما أُشيع، على أي كشف طبي خادش للحياء، في إشارة إلى ما تردد عن إجراء كشوف للعذرية للفتيات القبطيات المقبلات على الزواج. وتقوم الكورسات بطرح محاضرات عن أهمية الفحص الطبي قبل الزواج، والعلاقة الزوجية من الناحية الطبية، ويتم إلقاؤها عبر أطباء متخصصين، حيث يلقى طبيب تلك المحاضرات للرجال وطبيبة للسيدات، بالإضافة لمحاضرات عن حياة الشراكة الأسرية وكيفية تربية الأبناء، وشريعة الزوجة الواحدة، وأهم قوانين الأحوال الزوجية، فضلاً عن إلقاء محاضرات عن الإعداد الكنسي والذهني والفكري والعاطفي للزواج، والاحتياجات النفسية لطرفي العلاقة، والتعريف بالسيكولوجية الخاصة بكل من الرجل والمرأة، ومهارات الحوار الناجح، وحل المشاكل، ومشاكل السنة الأولى للزواج وتأثيرها على الحياة، ومهارات التواصل بين الرجل والمرأة، ومعايير النضج النفسي للزواج، والممارسات الروحية داخل البيت، والنظرة المسيحية للجنس. ونشر الموقع الإلكتروني لمعهد المشورة الكنسية التابع لإيبارشية المعادى وتوابعها الذي يقدم تلك الكورسات، ومنها كورس "الاستعداد للارتباط"، أن الهدف من الدراسة هو تقديم الفهم الصحيح لأهداف فترة الخطوبة والتدريب على مواجهة مشكلات الحياة وكيفية حلها، وفهم جيد لنفسية الطرف الآخر والتعامل معه، والإعداد النفسي لمرحلة جديدة ومختلفة تماماً من جهة المسئوليات والأدوار.