مفاوضات غزة تدخل مرحلة حاسمة وسط كارثة إنسانية متفاقمة (تقرير)

تتسارع وتيرة الأحداث السياسية والإنسانية في ملف غزة، وسط تقارير متواترة عن تقدم ملموس في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس بوساطة قطرية ودولية، بينما تزداد حدة الكارثة الإنسانية التي تضرب القطاع منذ أكثر من تسعة أشهر من الحرب.
مفاوضات الدوحة: قرب الحسم
كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية عن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إبقاء الوفد التفاوضي في الدوحة حتى التوصل إلى اتفاق نهائي مع حماس. وأفادت الصحيفة أن الوفد الإسرائيلي قطع شوطًا كبيرًا في المحادثات، مع اقتراب المفاوضات من "نقطة حاسمة".
ومن المتوقع إرسال وفد إسرائيلي رفيع المستوى إلى العاصمة القطرية الأسبوع المقبل، بالتزامن مع زيارة مرتقبة للمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، الذي يعتزم التدخل لإنهاء الاتفاق. ومن الأسماء المرشحة للانضمام إلى الوفد: وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ورئيس الموساد دادي برنياع، ورئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، إضافة إلى القائم بأعمال رئيس جهاز الشاباك.
تفاصيل الصفقة المقترحة
الوساطة القطرية والمصرية، بدعم أمريكي، طرحت صيغة جديدة تتضمن:
وقف إطلاق النار لمدة 60 يومًا.
إطلاق سراح 10 رهائن أحياء و18 جثة رهائن لدى حماس.
تعديل طفيف على معايير تبادل الأسرى، لصالح حماس – أي إطلاق عدد أكبر من الأسرى الفلسطينيين مقابل كل رهينة.
مفاوضات خلال فترة الهدنة لبحث إنهاء الحرب بالكامل، بضمانة أمريكية من الرئيس دونالد ترامب.
موقف حماس: لا عودة إلى الصفقات الجزئية
من جانبه، أعلن الناطق باسم كتائب القسام "أبو عبيدة" دعم الحركة الكامل للوفد التفاوضي، مؤكدًا أن حماس عرضت في الأشهر الأخيرة صفقة شاملة لتسليم جميع أسرى العدو دفعة واحدة، إلا أن إسرائيل رفضت ذلك. وشدد أبو عبيدة على أن أي تعنت إسرائيلي قد يدفع الحركة للتراجع عن خيار "الصفقات الجزئية" أو مقترح "الأسرى العشرة".
كارثة إنسانية غير مسبوقة في غزة
في المقابل، تتدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بشكل كارثي. ووفقًا لتقارير وكالة الأونروا:
يعاني طفل من كل عشرة أطفال تم فحصهم في عيادات الوكالة من سوء تغذية حاد.
تم فحص أكثر من 240 ألف طفل دون سن الخامسة منذ يناير 2024.
الوضع الصحي شهد تدهورًا خطيرًا، حيث بدأت الأدوية ومواد التغذية والوقود بالنفاد السريع.
كما تسببت عمليات توزيع المساعدات الأمريكية خلال اليومين الماضيين بسقوط ما لا يقل عن 31 شهيدًا وإصابة أكثر من 80 شخصًا في منطقتي دير البلح والطينة بخانيونس، بسبب إطلاق النار على الحشود التي كانت تنتظر المساعدات.
الموقف الفلسطيني الرسمي: "أوقفوا إبادة التجويع"
في هذا السياق، وجّه حسين الشيخ نائب رئيس دولة فلسطين نداءً عاجلًا إلى المجتمع الدولي، داعيًا إلى "تحرك فوري وجاد لوقف سياسة إبادة التجويع التي تفتك بالأطفال في قطاع غزة". وأضاف: "العار يلاحق الضمير الإنساني الصامت. يجب وقف هذه الحرب فورًا وإنقاذ الشعب الفلسطيني".
تصعيد أمني مستمر
على الصعيد الأمني، أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن، في مؤشر على اتساع رقعة التهديدات. كما أفادت وسائل إعلام عبرية عن إصابة جنود إسرائيليين تم نقلهم عبر المروحيات إلى مستشفيات داخل إسرائيل جراء مواجهات جنوب قطاع غزة.
في النهاية تدفع التحركات الدولية نحو اتفاق شامل في غزة، تبقى المخاطر الإنسانية والأمنية ماثلة بقوة. ويبدو أن الأيام القليلة القادمة ستكون حاسمة في تحديد مصير الحرب، سواء باتجاه وقف شامل لإطلاق النار، أو بمزيد من التصعيد والمآسي.