أحيا الامريكيون يوم الاحد الذكرى العاشرة لهجمات 11 سبتمبر 2011 وسط اشتياق الاطفال لابائهم الذين فقدوهم وبكاء رجال ونساء أمام النصب الذي يحمل اسماء ما يقرب من ثلاثة الاف شخص لاقوا حتفهم في تلك الهجمات. وخلال المراسم التي اعتصرت القلوب واستمرت لنحو خمس ساعات في المكان الذي كان يرتفع فيه برجا مركز التجارة العالمي تليت أسماء الاشخاص الذين قتلوا في الهجمات التي نفذها تنظيم القاعدة بطائرات مخطوفة.
وقال بيتر نيجرون الذي كان طفلا حين قتل والده في أحد البرجين "افتقد والدي دائما. كان مدهشا..اتمنى لو كان والدي موجودا ليعلمني كيفية القيادة وأن اطلب من فتاة الخروج سويا ورؤية تخرجي من المدرسة الثانوية ومئات الاشياء الاخرى التي لا استطيع ان احصيها."
وأقيمت مراسم مماثلة في شانكسفيل وبنسلفانيا وفي مقر وزارة الدفاع الامريكية خارج واشنطن وهي المواقع الاخرى التي تعرضت للهجمات التي نفذها 19 من اعضاء تنظيم القاعدة في صباح يوم الثلاثاء 11 سبتمبر ايلول 2001.
ودفعت الهجمات القوات الامريكية لغزو أفغانستان للاطاحة بحكام طالبان الذين وفروا المأوى لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وبدأت واشنطن "حربا على الارهاب" اطاحت بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين واستمرت على عدة جبهات حتى هذا اليوم.
وقال رئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرج في موقع انهيار البرجين "مرت عشرة أعوام منذ ان تحول صباح سماؤه زرقاء الى أكثر الليالي قتامة."
وأضاف "منذ ذلك الحين عشنا تحت الشمس المشرقة وفي الظل.. ورغم اننا لا نستطيع ان ننسى ابدا ما حدث هنا الا اننا نستطيع ان نرى ايضا ان الاطفال الذين فقدوا اباءهم قد اصبحوا يافعين وولد احفاد وترسخت الاعمال الجيدة والخدمة العامة لتكريم اولئك الذين احببناهم وفقدناهم."
وتجمع الالاف في المكان في صباح صاف للتعبير عن احزانهم. ومع تشديد الاجراءات الامنية وتوقف حركة السير ساد صمت غريب في المكان الذي انهار فيه برجا مركز التجارة اللذان بلغ ارتفاعهما 110 طوابق قبل عقد من الزمان مما تسبب في تصاعد سحابة من الاتربة فوق منطقة مانهاتن السفلى.
وزار الرئيس الامريكي باراك اوباما يوم الاحد المواقع الثلاثة التي تعرضت للهجوم. وقرأ من سفر المزامير 46 "الله لنا ملجأ وقوة".
وانهمرت الدموع خلال المراسم التي شهدت مزيجا من اصوات موسيقى القرب واصوات الشباب وهم يرددون السلام الوطني ورجال اطفاء يرفعون علما أمريكيا رثا تم انتشاله من موقع برجي مركز التجارة.
وارتدت عائلات الضحايا قمصانا تحمل صور الضحايا وحملوا صورا وورودا وأعلاما في فيض من المشاعر.
وللمرة الاولى رأى اقارب الضحايا النصب التذكاري الذي تم الانتهاء منه حديثا ولمسوا الحجر الذي كتبت عليها اسماء ذويهم. ووضع البعض باقات من الزهور في حين وضع اخرون دمى لدببة. واستخدم البعض اقلام الرصاص لطبع الاسماء على الورق والتقط اخرون الصور التذكارية في حين اتكأ البعض على الحجر وانخرطوا في البكاء.
وترددت اسماء الضحايا على السنة زوجات وازواج واباء وامهات وشقيقات واشقاء واطفال وغلب البكاء البعض تأثرا بفقدان ذويهم.
وقالت كاندي جلازر "فلتسترح روحك اخيرا. ابنك ناثان وأنا اصبحنا اقوياء مع مرور السنين. وداعا يا صديقي العزيز ويا استاذي ويا بطلي."
وكان ادموند جلازر زوج كاندي اتصل بزوجته يوم 11 سبتمبر وهو في حالة من الابتهاج من قمرة الدرجة الاولى للرحلة 11 القادمة من بوسطن ليخبرها بانه في طريقه الى لوس انجليس. ولقي ادموند حتفه عندما اصطدمت الطائرة بالبرج الشمالي لمركز التجارة العالمي في بداية احداث اليوم المروع.
وأسفرت هجمات 11 سبتمبر ايلول 2001 عن سقوط ضحايا من اكثر من 90 دولة.
وقال رئيس بلدية نيويورك السابق رودولف جولياني الذي اطلق عليه "رئيس بلدية امريكا" لما ابداه من اسلوب قيادي بعد الهجمات "فليبارك الله كل روح فقدناها."
وخلال المراسم التي اقيمت بوزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) قال جو بايدن نائب الرئيس الامريكي "لم تتصور القاعدة وابن لادن قط ان الثلاثة الاف شخص الذين فقدوا ارواحهم في ذلك اليوم سوف يلهمون مشاعر ثلاثة ملايين لارتداء الزي العسكري وشد أزر 300 مليون أمريكي."
ويتضمن النصب التذكاري في نيويورك ساحتين على شكل مخطط لبرجي مركز التجارة مع مساقط مياه ارتفاعها 9.1 متر. وحول محيط تجمع المياه في وسط كل ساحة توجد اسماء ضحايا هجمات 11 سبتمبر ايلول وضحايا هجوم سابق عام 1993 على مركز التجارة.
وزار اوباما البركة التذكارية الشمالية وسار حولها ممسكا بيد زوجته ميشيل اوباما ويرافقه الرئيس السابق جورج بوش وزوجته لورا. ولمس الرئيس اسماء الضحايا المنقوشة على النصب قبل ان يرحب ببعض اقارب الضحايا.
واعلنت حالة التأهب القصوى بين السلطات المكلفة بانفاذ القانون في نيويوركوواشنطن لمواجهة ما وصف بتهديد "ذي مصداقية ولكنه غير مؤكد" بمؤامرة لتنظيم القاعدة لشن هجوم جديد على الولاياتالمتحدة في الذكرى العاشرة للهجمات.
وفي شانكسفيل وضع اوباما اكليلا من الزهور في المكان الذي تحطمت فيه طائرة بعد ان قاوم الركاب الخاطفين الذين كانوا يعتزمون صدم الطائرة بالبيت الابيض او مبنى الكونجرس الامريكي.
وهتف الاشخاص الذين تجمعوا عند سفح التل العشبي قائلين "أمريكا أمريكا". وتحدث اوباما وزوجته طويلا مع بعض اقارب الضحايا. وصاح أحد الاشخاص قائلا "نشكركم لانكم جعلتمونا في امان."
وقال حاكم بنسلفانيا توم كوربيت ان ركاب الرحلة 93 "ضربوا مثالا جديدا للشجاعة الامريكية".
وأقام البابا بنديكت صلاة على ارواح ضحايا 11 سبتمبر ايلول وناشد أولئك الذين لديهم مظالم ان "ينبذوا العنف دائما". (رويترز)