ساق حديدية اصطحبها المدرب السكندري لكمال الأجسام"بلال جابر" 26 سنة منذ صباه، في رحلة تحدي الحياة، لتكون له مفتاح الإرادة والعزيمة والنجاح، حتى بروزه كمدرب لامع داخل صالات اللياقة البدنية، وحصوله مؤخًرا على تكريم كأفضل مدرب مؤثر في حياته الشخصية والآخرين في تكريم دولي بأمريكا. فحكاية المدرب السكندري"بلال" يصفها في بداية حديثه ل"الفجر": "أسوء شئ اعتقدت أنه حدث لي، طلع في النهاية أحسن شئ حدث لي". الحكاية في عمر ال 12 سنة تعرض"بلال" إلى حادثة قطار، أدت إلى بتر الرجل اليسرى أسفل الركُبة، ليحل محلها طرفًا صناعيًا، بدأ يلازمه منذ صباه إلى اليوم، ليصف تلك المرحلة المبكرة من حياته"كانت عبارة عن ألم التعايش مع ذلك الطرف الجديد"، الذي تسبب له في الشعور بفقدان الأمل، لعدم قدرته على الاندماج معه وممارسة حياته بشكلًا طبيعيًا. ذلك الألم الجسدي والنفسي قد زاد عقب حصوله على مجموع الثانوية العامة 94%، الذي لم يلحقه بحلمه بدخول كلية الهندسة، ليجرب الدخول في كلية العلوم، لكنه لم يكن مقبلًا على تلك الدراسة، ثم ألتحق بكلية الفنون الجميلة، ثم إلى كلية الحاسبات، ومنه إلى كلية التربية. حجم وثقل شعور المعاناة حتى سن العشرون عامًا، كان هو بداية الرغبة لدى"بلال" في التخلص منه نهائيًا، وقد جاء باب ساحات الجيم وعالم الرياضة الحل والمنقذ للتخلص من مشاعر المرحلة السابقة، ليختار برنامج كمال الأجسام، والذي كان بداية الدخول مع الحياة في رحلات التحدي. البدايات الرياضة لم تكن في حياة"بلال" السابقة قبل الحادثة، لكن الدخول إليها لم يكن سهًلا، لكنه وفق تجربته ليست مستحيلة، أن بداية نقطة التحدي كما يرويها"في البداية كان لدي خياريين إما الاستسلام للمشاعر القديمة أو الاصرار على الخروج من تلك النقطة المظلمة، وقد كان قراري هو رفض تلك المشاعر القديمة، وتقبل ذلك التحدي الجديد بجميع نتائجه". ويتحدث أنه بالفعل قد بدأ تمرينات كمال الأجسام بساقه الحديدية، وبحث من خلال القراءة في كيفية التعامل مع حالته أثناء التدريبات، وقد وجد أن بداية التحدي ظهرت بتزايد ألم الجهاز أثناء التدريبات وإصابته بجروح"الجميع نصحني بالابتعاد عن تلك الرياضة، ورغم بدء تجدد مشاعري القديمة بسبب أحاديث الناس وقولهم شوف لك لعبة أسهل، واحتياجي الشديد لتشجيع يخرجني من حالتي القديمة، إلا أن قررت الاستمرار في ذلك التحدي". التحدي الذي وجده"بلال" أن جسمه بدأ يتجاوب بشكل كبير مع ذلك النوع من الرياضة، حتى أنه رشحه أحد أصدقاؤه إلى بطولة كمال أجسام على مستوى كليات جامعة الإسكندرية، ليتفاجئ أن الحكام قد أخرجوه من تصنيف اللعبة بسبب ساقه الحديدية، وبدء تلقيه ذات النصائح""مش قولنالك مش حتعرف توصل لحاجة"، لكن تلك الأحاديث شكلت له مزيد من الاصرار في المواصلة. للمرة الثانية رشح"بلال" نفسه إلى بطولة كمال الأجسام على مستوى الجمهورية، ليأخذ المركز الثالث، وكانت بداية النقاط المضيئة، ليضيف"تلك المرحلة لم تكن سهلة، فكنت بتمرن مرتين في اليوم، وبجانب الدراسة وكنت أعمل في إحدى المحالات التجارية، لتغطية مصاريف التمارين والجيم، لأن كمال الأجسام أصبح بالنسبة لي حلم أسعى إليه". المركز الأول نقطة التحول الحقيقية التي أكدت ل"بلال"قدرته واستطاعته التحدي والمواصلة، هو حصوله على المركز الأول في بطولة الجمهورية على مستوى الجامعات في عام 2017، والتي كان يشارك في تصفيات الخمسة النهائية مشاركيين من منتخب كمال الأجسام. ويتحدث "بلال" عن تلك التجربة أن فوزه بالمركز الأول لم يكن هو الفوز الوحيد، أنما قدرته على الفوز أمام منافس كان يحصل على المركز الأول لمدة خمسة سنوات متتالية في تلك البطولة، ومحاولة ذلك المنافس وفق حديثه السخرية بقوله"ذلك المنافس قبل المباراة دخل معي في تحدي كلامي، بقوله بأنه محدش يقدر يأخذ ذلك المركز مني، والمركز ده بتاعي"، كما وصل حديثه"جهز نفسك للمركز الثالث أو الرابع". ويشير"بلال" إلى أن المفاجأة هي الحصول على المركز الأول أمام ذلك المنافس، وتكريمي من وزير الشباب والرياضة، واثبات أن طريق التحدي الذي أخذته كنت قادرًا عليه. فوز جديد "بلال" يصف تلك المرحلة أنه حولته إلى شخص لديه الرغبة الدائمة في التحدي، وأكتساب ثقة القدرة على تحقيق أهدافه، وأن الساق الحديدية لم تكن عائق كما يتخيل، وأنه ليس هناك أية ظروف أخرى يمكن التحجج بها، وأنه قد وضع شعار أمام عينيه كما يصفه"ياتكون يا تموت". ويضيف أنه عقب التخرج من الكلية وأخذ المركز الأول، إلا أن هذا لم يكسبه العمل في صالات الجيم كمحترف، وأنه قد اتجه إلى القيام بتدريبات خاصة، وبث فيديوهات حماس للشباب عبر وسائل التواصل الإجتماعي، حتى أنه تواصل مع فرع أشهر مراكز اللياقة البدنية العالمية في الإسكندري منذ عام، ليتفاجئ بتقديمهم عرض العمل معهم، كمدرب أساسي معهم. جائزة دولية في شهر مارس الماضي، رشح المركز العالمي "بلال" على منافسة جائزة درع «mr legacy»، والذي يتم اختيار مدرب واحد فقط من كل دولة في العالم، ليحصل على ذلك الدرع كأفضل مدرب مؤثر في حياة نفسه والآخرين في احتفالية أقيمت بولاية لاس فيجاس الأمريكية. يلخص"بلال" تجربته أنه لولا الحادثة والرغبة في التحدي، ما كان سلك طريق الاحتراف، وأنه حاليًا يخطط أن يكون فنان مستقبليًا، ليصل قصته ورسالته إلى الجميع.