قال المؤرخ محمد الشافعي، إن إجراء استطلاعات الرأي أمر هام للقيادة السياسية، حيث أنها تقدم رؤية صائبة وسليمة وحقيقية للرأي العام إذا توفرت المصداقية في تلك الاستطلاعات. وأشار "الشافعي"، خلال حواره ببرنامج "ملفات" المذاع عبر قناة "النيل للأخبار"، اليوم الإثنين، إلى أن صانع القرار لديه مصادر كثيرة للمعلومات، ولكن استطلاعات الرأي يكون لها نكهة شعبوية وتقدم الصورة الأكثر مصداقية، وتعد جسر هام بين المواطنين وصانع القرار. هذا وقد عرفت العقود الأخيرة تطورات وتحولات عالمية متسارعة، شملت كافة المجالات مما أدى إلى تعاظم أهمية البحث العلمي في مختلف الميادين ،ومنها استطلاعات الرأي العام وقياس توجهاته لما يكتسيه من أهمية بالغة في مختلف القضايا والمجالات التي باتت تؤثر بشكل كبير على صياغة التحولات العالمية بمختلف توجهاتها. أصبح مصطلح الرأي العام من أكثر المصطلحات رواجا بين الباحثين والأكاديميين نظرا للمركزية التي بات يشكلها في صياغة الاتجاهات العامة، والتأثير على تطور القضايا الحاسمة في البلدان والمتعلقة بالتطورات السياسية والاقتصادية والأمنية. وهنا تطرح الأسئلة حول موضوع استطلاع الرأي العام: -مامفهوم استطلاع الرأي؟ مادوره وما أهميته؟ ماهي طرق قياس الرأي العام؟ 1-مفهوم الرأي العام: يعرف الرأي العام لغويا من مفهومه التفكيكي التركيبي ،فنجد مفهوم الرأي: الذي يعني العقل والتدبر والتأمل،ومفهوم العام والذي يعني جمع العامة خلاف الخاصة.ومنه يشير مفهوم الرأي العام إلى الجماعة وما تعلق برأيها العام بشموليته(18). أما اصطلاحا:فيعرفه مختار التو هامي بأنه (الرأي السائد بين أغلبية الشعب الواعية في فترة معينة بالنسبة لقضية معينة أو أكثر، يحتدم حولها الجدل والنقاش، وتمس مصالح هذه الأغلبية أو قيمها الإنسانية الأساسية مسا مباشرا). ويعرفه كلوريدج كنج على انه"الحكم الذي تصل إليه الجماعة في مسالة ذات اعتبار هام بعد مناقشات علنية عامة ووافية"(19). بينما يقصد بقياس الرأي العام الوقوف على اتجاهات الرأي العام إزاء قضية ما يدور حولها الجدل والنقاش ذات صلة بمصالح المواطنين ،ظهرت هذه الدراسات في المجتمعات الغربية ومرت بعدة مراحل وتطورات توصل خلالها المختصين في هذا الميدان الى مناهج وأدوات وأساليب خاصة بها. وتمثل دراسات قياس الرأي العام نقطة التقاء عدة علوم كعلم النفس، الاجتماع، السياسة، التاريخ، الإحصاء، الرياضيات (20). وعليه فان استطلاع الرأي هو دراسة علمية يتم إجراؤها بشكل منهجي، وتهدف إلى معرفة آراء المواطنين اتجاه إحدى القضايا الهامة ،أو احد الأحداث المطروحة على الساحة،وتفيد نتائجها كل المهتمين من إعلاميين وباحثين ومسئولين،وتساعدهم في عملية اتخاذ القرارات وصياغة البرامج وتحديد الأهداف ،كما أنها توفر كما ضخما من المعلومات في مختلف المجالات. 2-تطور دراسات استطلاع الرأي العام: أدرك الإنسان منذ القدم أهمية الرأي العام وتأثيراته على مختلف القضايا، وأكثر مما استخدم في العلاقة بين الحاكم والمحكومين، إذ لجا هؤلاء إلى أساليب عدة من اجل كسب الرأي العام على غرار السحر والشعوذة، ومع تطور الاتصالات والثورة التكنولوجية وزيادة أهمية البحوث العلمية ،فرضت دراسات الرأي العام واستطلاع اتجاهاته نفسها وبقوة وأصبحت ميزة بارزة تعتمد عليها الكثير من الفاعليات في مختلف الميادين. وتعود أولى المحاولات لقياس الرأي العام إلى عام 1774بالولاياتالمتحدةالأمريكية من قبل مؤسستي أراز للاستطلاعات، ومؤسسة بن فرانكلين لقياس الرأي العام في المستعمرات الأمريكية الثلاثة عشر، التي شكلت فيما بعد فيدرالية الولاياتالمتحدةالأمريكية لمعرفة مدى استجابة الجمهور الأمريكي للحرب المقترحة ضد انجلترا،وتوالت المحاولات فيما بعد من قبل المؤسسات الإعلامية والتجارية لقياس الرأي العام(21). وفي العام 1935بدات مرحلة جديدة من استطلاعات الرأي العام مع إنشاء معهد جالوب وتطبيقه الأسلوب العلمي عند قياس الرأي العام ،من خلال استخدام العينات الحصصية وقدرته على استطلاع الرأي العام في عديد القضايا والنجاح في التنبؤ بها ،على غرار فوز الرئيس روزفلت في انتخابات 1940و1944(22).