لم يكن الأمير القطري الراحل الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، يدري أن حمد بن جاسم، هذا الشخص المجهول حينها، الذي أتى به ليتولى قمة السياسة الخارجية القطرية، بتعيينه وزيرا للخارجية، في 1 سبتمبر 1992، سيكون هو الذي سيقضي عليه بعدها بسنوات قليلة، بالتعاون مع ابنه حمد بن خليفة، بل سيمتد الأمر لينشر الفساد والرشى في أرجاء الإمارة الخليجية وعدد من البقع في العالم. قصة صعود حمد بن جاسم قد تكون طبيعية للبعض، لكن ما لا يبدو طبيعيًا، هذا التضخم الكبير فى المهام والثروات أيضا، ولك أن تتخيل أنه ظل لأكثر من 15 عاما يتحكم فى اقتصاد قطر من كل الجهات، جنى خلالها المليارات من أموال الشعب القطري وأودعها في جيبه الخاص، على مرأى ومسمع من رفيق دربه حمد بن خليفة. خلال هذه الفترة استطاع من خلالها هامان الدوحة، أن يكون ثروة تتجاوز 12 مليار دولار، في صورة أموال سائلة واستثمارات متعددة داخل قطر، وفي أوروبا والولايات المتحدة وغيرها من دول العالم. موقع "دي تينانتس" الأمريكي، سبق أن كشف في ملف كامل تفاصيل تحول رئيس الوزراء الأسبق لقطر، حمد بن جاسم، من موظف يعمل بوظيفة مدير مكتب وزير إلى واحد من أهم مليارديرات العالم، في قصة قد تبدو خيالية تحكي عن التحولات السريعة التي قفزت بابن جبر إلى عالم الثراء، حتى باتت ثروته المعلنة من الاستثمارات الخارجية تفوق 12 مليارات دولار. وعلاوة على الشبهات المحتملة في الكيفية التي تمكن من خلالها حمد بن جاسم بن جبر من جمع هذه الثروة، فإن محطاتها لم تخلُ من تاريخ من الفساد والملاحقات القضائية، كادت في أخطرها أن تنتهي باتهامه بغسيل الأموال على خلفية صفقة أسلحة بقيمة 500 مليون جنيه إسترليني مع شركة بي إيه أي سيستمز، قبل أن يضطر بن جاسم لدفع 6 ملايين جنيه إسترليني لصالح السلطات في جيرزي تعويضا طوعيا، إضافة إلى تورطه في عملية اغتصاب أرض مملوكة لفواز العطية "الناطق الرسمي السابق لقطر"، والمقدرة ب20 ألف متر مربع، وغيرها من القضايا. ابن جاسم الذي تربطه صلات قوية بالحكومات الغربية، التي كونها بالرشى والهدايا القيمة وشراء الذمم والنفوذ والابتزاز، استغل مناصبه السياسية للانتفاع المصلحي، ما ساعده على شراء مجموعة من العقارات في مدينة نيويورك بقيمة تزيد عن ربع مليار دولار. وتشير المعلومات المتوفرة عن امتلاك حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، لحصص متفرقة في شركة طيران القطرية، وشركة الديار العقارية القطرية، ومشروع لؤلؤة قطر وحصة في متاجر هارودز البريطانية التي اشترتها حكومة الدوحة بقيمة 2.2 مليار دولار، ولم تتضح قيمة كل حصة منها، فيما يمتلك حصة تقدر ب10% في سلسلة متاجر «el corte ingles». وتعتبر شركة هيرتاج النفطية في لندن، أحد أكبر الاستثمارات التي استحوذ عليها حمد بن جاسم، بقيمة تصل ل1.6 مليار دولار، يليه استثماره في دويتشه بنك الذي تصل قيمته ل1.4 مليار دولار، فمشروع إل كورتِه إنغليس في إسبانيا بقيمة تتجاوز 1.1 مليار دولار. حمد بن جاسم، أسس مجموعة بروة لتكون ذراعا استثمارية لصفقاته التي يبرمها في عدد من أرجاء العالم، كما استخدمها ذراعا مالية للاستثمارات القطرية في ألمانيا تحديدا، ويشاركه في ملكيتها شقيقه فيصل بن جاسم. تفيد المعلومات المتوفرة أيضا، أن حمد بن جاسم وحمد بن خليفة "أمير قطر السابق"، استثمرا باسم قطر عبر شركتين تعود ملكيتهما لهما، في صفقات مشتركة تتخطى حاجز ال 2 مليار يورو. ويترأس حمد بن جاسم شركة تشالنجر التي اشترت بدورها أسهماً بقيمة مليار دولار في بنك باركليز البريطاني، الذي يواجه دعوى قضائية من مكتب جرائم الاحتيال الخطرة البريطاني؛ لتسهيل عملية شرائها أسهما داخل البنك بهدف رأس رفع ماله إلى 4.5 مليار جنيه إسترليني لمواجهة تبعات الأزمة المالية العالمية في 2008، وهو ما اعتبرته السلطات البريطانية مخالفة صريحة للقانون. كما كشف "دي تينانتس" أن حمد بن جاسم يعد شريكا سريا في برج "وان وول ستريت، كما يمتلك سلسلة من الفنادق في العاصمة البريطانية لندن، وسبق أن استحوذ على 3 شركات في الباهاما، كما يمتلك حصةً في منطقة كناري وارف في بريطانيا. واستمرار للصفقات المشبوهة، كشفت صحيفة التايمز البريطانية، في عددها الأخير النقاب أن رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم استحوذ على ربع إمبراطورية قطب المطاعم والملاهي الليلية في المملكة المتحدة ريتشارد كيرنج، في إطار صفقةٍ يُعتقد أن قيمتها تناهز 200 مليون جنيه إسترليني (نحو 250 مليون دولار). لم يكن يتخيل أحد أن هذه الشاب الذي تولى مدير لمكتب وزير الشؤون البلدية والزراعة في قطر عام 1982، سيضع كل قطر فى جيبه، وسيكون هو المخطط والمنفذ أيضا لكل ما يحدث فى الإمارة، رغم أنه كان بعيدا عن الأنظار، ولم يتخيل أحد أن يتصدر يوما الواجهة، فما علاقة الزراعة بالسياسة، حتى حينما اختير في 1990 نائبا لوزير الكهرباء والمياه.