عن القمع الذي يمارسه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بحق الصحافيين وحرية الرأي، كتبت رلى خلف في صحيفة "فايننشال تايمز"، أن تكيلا ليلى هي شخصية في رواية، وفتاة متخيلة لعائلة محافظة في شرق تركيا فرت من طغيان عائلتها لتجد نفسها تمارس الدعارة في المجتمع الدنيء لإسطنبول. ولفتت إلى أنه لن يكون مفاجئاً إذا ما نُفخت الحياة في ليلى، كي تحاكمها السلطات التركية، فالهجوم على حرية الأفكار، في الخيال يمكن أن يتجاوز في أحيان كثيرة أية نتائج سيريالية. وأضافت أن تكيلا ليلى هي البطلة في رواية أليف شافاق الأخيرة،" 10 دقائق و38 ثانية في هذا العالم الغريب"، وهي قصة غنية وحساسة عن الحياة، وعن الحب والصداقة لعاهرة عثر عليها ميتة في مكب للنفايات باسطنبول. وعلى غرار الكثير من كتابات المؤلفة البريطانية التركية الحائزة على جائزة، فإن قصة الفيلم تجسد كفاح تركيا الحديثة في المواضيع المتعددة للمؤلف، وهي عدم المساواة بي الجنسين والتحرش الجنسي. وبينما كانت تقرأ الكتاب في عطلة نهاية الأسبوع، علمت خلف أن السيدة شافاق تخضع للتحقيق بتهمة الكتابة عن العنف الجنسي في رواية سابقة، "النظرة"، قصة حب غريبة بين امرأة بدينة وقزم. وفي عام 2006، مثلت شافاق أمام المحكمة بسبب روايتها الأكثر مبيعاً، "نذل اسطنبول"، التي تطرقت إلى القتل الجماعي للأرمن في الحرب العالمية الأولى. هستيريا وطالما نفت تركيا أن تكون أعمال القتل التي ارتكبتها عبارة عن إبادة جماعية. وقد تمت تبرئتها (وقد جرى تعديل قانون العقوبات الذي استندت إليه القضية وإن لم يكن بالقدر الكافي). وعندما اتصلت بها خلف لسؤالها عن القضية قالت لي إنه كان على "محاميها التركي الدفاع عن الشخصيات الأرمنية المتخيلة في الرواية". وليس هناك بعد ما يشير إلى أن روايتها الأخيرة ستواجه تحقيقاً رسمياً- على الأقل حتى الآن. لكن" 10 دقائق و38 ثانية في هذا العالم الغريب"، تتعرض للهجوم بالفعل. وكل الرسائل على وسائل التواصل الاجتماعي تتهم الكاتبة بالفجور والفحش.
وتقول شافاق إن "كتابة الخيال صعبة في تركيا. لكن هذا المستوى من الهستيريا جديد لأنه مزيج من القوانين غير الديمقراطية والجانب المظلم لوسائل التواصل الإجتماعي". ولاحظت خلف أن قضية شافاق فريدة من نوعها بكل المعايير. ومعلوم أن الأتراك القوميين اليمينيين لطالموا هاجموا كتاب الخيال منذ عقود. وفي عام 2006، استهدفوا الكاتب أورهان باموك، الروائي الأكثر شهرة في تركيا. وقد اتهموه "بإهانة التركية" في مقابلة صحافية تحدث فيها عن مليون أرمني ماتوا في الحرب. استبداد زاحف وقالت إن المناخ بات أكثر ظلمة مع الاستبداد الزاحف وعدم التسامح المتزايد مع رجب طيب أردوغان، الرئيس التركي المحافظ الذي يسيطر على المشهد السياسي في البلاد منذ عام 2002. ويعمد الموالون للحكومة إلى شن هجمات بشعة في وسائل الإعلام الرئيسية ضد المؤلفين، مستهدفين أخيراً أولئك الذين يكتبون عن الاعتداءات الجنسية وإساءة معاملة الأطفال. وفي مايو (أيار) قبض لبعض الوقت على الروائي عبدالله سفكي بسبب تصويره روائياً لمشهد اعتداء جنسي على طفل. وهو يخضع الآن للتحقيق. وتقول شافاق إن "الأدب يخلق التعاطف ويربط الناس. وفي عملي، أسرد قصص الضحايا من خلال عيونهم وأحاول منح العاجزين صوتاً. إن ما يحصل عليه المؤلفون اليوم هو الإعدام اجتماعياً".