قال علي أبو دشيش الباحث والخبير في الآثار المصرية، إن التاريخ اختار سيناء بوابة مصر الشرقية ليسجل فيها الكثير من الذكريات، حيث أنها كانت الجسر الذى عبرت عليه حضارات عصور ما قبل التاريخ امتدادا إلى يومنا هذا، موضحًا أن هذه الأرض المقدسة نالت حب وتقدير كل ملوك مصر العظام. وأشار أبو دشيش، إلى أن لسيناء على مدار تاريخها أهمية دينية وعسكرية واقتصادية فعليها استقر إنسان ما قبل التاريخ، ومنها خرج النبي موسى عليه السلام وقومه، وعلى ترابها كان أول طريق حربي في العالم، ويوجد في أرضها معادن النحاس والفيروز. وأضاف أن المصريين القدماء فى عصر الدولة الوسطى استغلوا مناجم منطقة سرابيط الخادم بجنوب سيناء، وشيدوا بها معبد للربة حتحور في عهد سنوسرت الأول وتركوا بها مئات النقوش واللوحات التي تحوي بجانب أسماء الملوك، أسماء رؤساء البعثات وأعضائها، لافتًا إلى أن العمل في مناجم سرابيط الخادم استمر في الدولة الحديثة حتى الأسرة العشرين. وشهدت منطقة شمال سيناء -والكلام لأبو دشيش- نشاطًا تجاريًا محدودًا خلال الدولة القديمة والوسطى حتى تعرضت مصر إلى حكم الهكسوس، ثم أدركت أهمية حماية وتحصين الحدود الشرقية على الطريق الحربي القديم بين مصر وفلسطين المعروف باسم طريق "حورس الحربي" وأنشئت القلاع والحصون وحفر الآبار، لافتًا إلى أن هذا الطريق يعد من أهم الطرق العسكرية التى نشأت في مصر القديمة عبر تاريخها وتحدثت عنه الوثائق مثل أخبار الملك سيتي الأول وحملته على فلسطين. وأشار أبو دشيش إلى أن طريق حورس الحربي كان يبدأ من القنطرة شرق حتى رفح ونقشت معالمه على جدران معبد الكرنك، وتوضح النقش الشهير للمك سيتي الأول مراسم استقباله عند قلعة ثارو(تل حبوه حاليا). ومنذ بداية الأسرة الأولى فى مصر كثف القدماء المصريون النشاط فى سيناء لاستخراج النحاس والفيروز، وتشير إلى ذلك النصوص المصرية القديمة، مشيرا إلى أن سيناء فى عصر الأسرة الثالثة شهدت اهتماما واضحا، حيث عثر على نقوش للمك سا نخت، ونقش فى عهد زوسر وهو يضرب الأعداء فى وادى المغارة. وأضاف أبو دشيش أن الملك سنفرو اهتم بتأمين المناجم والمحاجر فأقيمت الحاميات وحفرت آبار المياه على امتداد الطرق المؤدية إلى المناجم والمحاجر، وعثر على مجموعة من النقوش من عهد الملك سنفرو وصور له فى سرابيط الخادم وهو يؤدب الخارجين على القانون والذين يهددون البعثات التعدينية. وأشار أبو دشيش إلى أن أهم المناطق الأثرية فى سيناء، العريش أوهي من هم الموانىء المصرية القديمة، وتل الشيخ زويد، أحد المناطق المهمة على طريق حورس الحربي، بالإضافة إلى بئرالعبد، وتل حبوه الذى عثر فيه على أكثر من قلعة ترجع لفترة الهكسوس ولا يزال العمل الأثري بها قائما حتى الآن. واختتم أبو دشيش حديثه بأن منطقة القنطرة شرق تقوم على أطلال المدينة القديمة "ثارو" وكانت من أقدم الحصون المدافعة عن حدود مصر الشرقية، وسرابيط الخادم التى تضم المعبد الذي شيد للألهة "حتحور"، إلى جانب نقوش وادي المغارة التي عثر فيها على حوالى 45 نقشًا تعود إلى عصر الدولة القديمة والوسطى والحديثة.