المشاط: نعمل على استدامة معدلات النمو الحقيقي بإصلاحات اقتصادية مستمرة لتتجاوز تكلفة الاستدانة    تنتج مياه نقية من رطوبة الهواء.. دبي تطلق أول محطة وقفية لسقيا الماء في العالم    شعر بها المصريون.. هزة أرضية بقوة 5.24 ريختر على بعد 15 كم من إنطاليا التركية    مصر وليبيا تتفقان على استمرار التنسيق المشترك بشأن ترسيم الحدود البحرية وفقاً للقانون الدولي    عاجل- الاحتلال الإسرائيلى يواصل خروقاته لوقف إطلاق النار لليوم ال59 وقصف مكثف يطال غزة    "أغلقوا المتاجر واستعدوا للحرب".. رسالة صادمة من الرئيس الإيراني    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال في محافظة قلقيلية واحتجاز جثمانه    شاهد- صلاح يشارك في مران ليفربول الختامي قبل السفر إلى إيطاليا وسط جدل حول استبعاده    مسار يختتم استعداداته للبنك الأهلي في مواجهة مؤجلة بدوري الكرة النسائية    ضبط قائد سيارة نقل اصطدم بسيارة أخرى وأحدث بها تلفيات في الشرقية    إصابة 16 شخصا باختناق إثر تسرب غاز بمصنع ملابس جاهزة في الإسماعيلية    ضبط المدير المسئول عن إدارة كيان تعليمى "دون ترخيص" بالجيزة    أغاني عالمية وتابلوهات للباليه بمناسبة الكريسماس على المسرح الكبير    فيلم الرسوم المتحركة حلقة زمنية يفوز بجائزة أفضل تحريك بمهرجان Grand off ببولندا    فرقة القاهرة للعرائس المصرية تحصد جوائز مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    جامعة بدر تطلق النسخة الأولى من قمة التكنولوجيا والأعمال الدولية 2025    233.5 تريليون جنيه قيمة المدفوعات عبر نظام التسوية اللحظية خلال 11 شهرًا    4 بلاغات جديدة و«ناني».. ارتفاع ضحايا الاعتداء الجنسي من جنايني مدرسة دولية بالإسكندرية    وزير الثقافة: أسبوع باكو مساحة مهمة للحوار وتبادل الخبرات    قرار جديد من المحكمة بشأن المتهمين في واقعة السباح يوسف    أمطار شتوية مبكرة تضرب الفيوم اليوم وسط أجواء باردة ورياح نشطة.. صور    حسام حسن يوجه رسالة لحسن شحاتة: نتمنى له الشفاء العاجل    هيئة فلسطينية: جهود المؤسسات الدولية لا تتوقف لإغاثة غزة رغم العراقيل الإسرائيلية    وزير الأوقاف يحيل إمام مقصر ...ويوجه بضبط خطة سير العمل العاملين بالاوقاف بضرورة الالتزام بالضوابط    وزارة العمل تحتفي باليوم العالمي لذوي الإعاقة بجمعية المكفوفين    طرح البوستر الرسمى لفيلم القصص قبل عرضه فى مهرجان البحر الأحمر    أخصائي تغذية: العسل الأسود أهم فائدة من عسل النحل    وزير الإعلام الكمبودى:مقتل وإصابة 14 مدنيا خلال الاشتباكات الحدودية مع تايلاند    جامعة قنا تنظم ندوة توعوية عن ظاهرة التحرش    رئيس الوزراء: مصر تتوسع في البرامج التي تستهدف تحقيق الأمن الغذائي    وزير الزراعة يكشف موعد افتتاح «حديقة الحيوان» النهائي    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم    كامل الوزير يوجه بإنشاء محطة شحن بضائع بقوص ضمن القطار السريع لخدمة المنطقة الصناعية    محمود جهاد يقود وسط الزمالك في لقاء كهرباء الإسماعيلية    العسقلاني: الأهلي فاوضني قبل الرباط الصليبي.. وهذه قيمة الشرط الجزائي في عقدي    أزمة سد النهضة.. السيسي فشل فى مواجهة إثيوبيا وضيع حقوق مصر التاريخية فى نهر النيل    الرئيس السيسي يؤكد دعم مصر الكامل لسيادة واستقرار ليبيا    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    الجوهري: العلاقات بين مصر والصين تمثل نموذجاً راسخاً لشراكة استراتيجية شاملة    الصحة تنفي وجود فيروسات جديدة وتؤكد انتظام الوضع الوبائي في مصر    النيابة تطلب تقرير الصفة التشريحية لجثة سيدة قتلها طليق ابنتها فى الزاوية الحمراء    وزارة التعليم: إجراء تحديث على رابط تسجيل استمارة الشهادة الإعدادية    جمهور نيللي كريم يترقب دراما رمضانية مشوقة مع "على قد الحب"    أعضاء المجلس التنفيذي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" يزورون المتحف المصري الكبير    ملفات إيلون ماسك السوداء… "كتاب جديد" يكشف الوجه الخفي لأخطر رجل في وادي السيليكون    ضمن مبادرة «صحّح مفاهيمك».. أوقاف الغربية تعقد ندوات علمية بالمدارس حول "نبذ التشاؤم والتحلّي بالتفاؤل"    انطلاق تصويت أبناء الجالية المصرية بالكويت فى الدوائر المغاة بانتخابات النواب    وزير الصحة يترأس اجتماعا لمتابعة مشروع «النيل» أول مركز محاكاة طبي للتميز في مصر    علاج 2.245 مواطنًا ضمن قافلة طبية بقرية في الشرقية    خبير تحكيمي عن طرد ثنائي ريال مدريد: لم تؤثر على النتيجة.. ولكن    مجلس الدولة يفتح باب التعيين لوظيفة «مندوب مساعد» لخريجي دفعة 2024    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 فى المنيا    عيد ميلاد عبلة كامل.. سيدة التمثيل الهادئ التي لا تغيب عن قلوب المصريين    وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور    مستشار الرئيس للصحة: نرصد جميع الفيروسات.. وأغلب الحالات إنفلونزا موسمية    متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم    الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإيمان بالملائكة
نشر في الفجر يوم 23 - 10 - 2018

"الملائكة" في أصل اللغة جمع ملَك، وهو مشتق من الألوكة، أي: الرسالة، أو مشتق من الملك بفتح الميم وتسكين اللام، وهو الأخذ بقوة، أما تعريفهم في الشرع: " فهي أجسام لطيفة، أعطيت قدرة على التشكل، بأشكال مختلفة، ومسكنها السموات " وعلى هذا جمهور العلماء، كما نقل ذلك الحافظ ابن حجر.
وجوب الإيمان بالملائكة:
الإيمان بالملائكة؛ هو الاعتقاد الجازم بوجودهم، وأنهم مخلوقون لله سبحانه، قال تعالى: {ولكن البرَّ من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة} (البقرة:177).
والإيمان بالملائكة: ركن من أركان الإيمان، فلا يصح إيمان العبد إلا به، وقد دلت على ذلك نصوص الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، قال تعالى:} آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله { (البقرة: 285).
وفي حديث جبريل المشهور، قال - صلى الله عليه وسلم - عندما سئل عن الإيمان: ( الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره ) رواه مسلم ، وأجمع المسلمون قاطبة على وجوب الإيمان بالملائكة، وعليه فمن أنكر وجود الملائكة من غير جهل يعذر به فقد كفر، لتكذيبه القرآن في نفي ما أثبته، وقد قرن الله عز وجل الكفر بالملائكة بالكفر به، قال تعالى:} ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالا بعيدا { ( النساء: 136).
والإيمان بالملائكة ليس على درجة واحدة، فهناك الإيمان المجمل، وهو الإيمان بوجودهم، وأنهم خلق من خلق الله سبحانه، وهذا القَدْر من الإيمان بالملائكة واجب على عموم المكلفين، وهناك الإيمان التفصيلي، وذلك بمعرفة ما يتعلق بالملائكة مما ورد به الشرع المطهر، وطلب هذا واجب على الكفاية، فلا يطالب به كل مكلف، بل هو واجب على مجموع الأمة، بحيث إذا قام به البعض، وحصلت بهم الكفاية، سقط عن الآخرين.
مرتبة الملائكة عند ربهم
لعل من أعظم الآيات، التي تدل على عظم مكانة الملائكة عند ربهم، قوله تعالى: { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم }(آل عمران:18)، ووجه الدلالة؛ أن الله احتج بشهادتهم على أعظم مشهود على الإطلاق، وهو توحيده سبحانه، وقرن شهادتهم بشهادته، والله لا يستشهد من خلقه إلا من عظم قدره عنده، فهذه الآية تدل على علو قدرهم ومكانتهم.
صفات الملائكة الخلقية والخُلقية :
خلقت الملائكة من نور، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، وكان خلقهم متقدما على خلق البشر، كما دلّ على ذلك ما قصه القرآن علينا من قصة خلق آدم عليه السلام، قال تعالى :} وإذا قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة { (البقرة:30). فالآية واضحة الدلالة على أن وجود الملائكة سابق لوجود البشر .
وتشير النصوص إلى عظم خلق الملائكة من حيث الجملة، كما في وصف الملائكة الموكلة بالنار:} غلاظ شداد { (التحريم: 6). وقال تعالى في وصف جبريل عليه السلام: } ذي قوة { (التكوير : 20) .
وقال صلى الله عليه وسلم في وصف جبريل أيضاً: ( رأيته منهبطاً من السماء، سادًا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض ) رواه مسلم .
ووصف النبي صلى الله عليه وسلم أحد حملة العرش، فقال: ( أذن لي أن أحدث عن أحد حملة العرش، ما بين شحمة أذنه وعاتقه، مسيرة سبعمائة عام ) رواه أبو داود وصححه الحافظ ابن حجر .
وهم على عظم خلقهم لا يأكلون ولا يشربون، ولهم قدرة على التشكل، كما دلت على ذلك قصة إبراهيم مع الملائكة، عندما أتوه في صورة شبان، فقدم لهم الطعام، فلم يأكلوا، قال تعالى:} هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين فقربه إليهم قال ألا تأكلون فأوجس منهم خيفة قالوا لا تخف وبشروه بغلام عليم { ( الذاريات : 24-28).
ومما يدل على ذلك أيضا، مجيئهم لوطاً عليه السلام في صورة شبان حسان الوجوه، قال تعالى } ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب } (هود:77)، ومجيء جبريل عليه السلام إلى مريم عليها السلام في صورة بشر، قال تعالى:} فتمثل لها بشرا سويا { (مريم : 17) .
وكذلك كان جبريل عليه السلام يأتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صورة الصحابي دحية الكلبي ، كما في صحيح مسلم ، وفي صورة أعرابي، كما في حديث جبريل المشهور في صحيح مسلم .
ووصفهم الله سبحانه بأنهم:} أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع { (فاطر:1), ومن صفاتهم الخَلقية أنهم لا يوصفون بذكورة ولا أنوثة، فمن وصفهم بالأنوثة من غير جهل فقد كفر؛ لتكذيبه القرآن في نفي ذلك، قال تعالى:{ أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما }(الإسراء:40)، ومن وصفهم بالذكورة، فقد جاء بدعا من القول وزورا، لإثباته ما لم يثبت شرعا، ونفي أن يكونوا إناثا لا يلزم أن يكونوا ذكورا، فإن الملائكة خلق يختلف عن خلق الإنس والجن .
وأما صفاتهم الخُلُقية، فهم من أعظم الخلْق خُلقاً، فقد وصفهم الرب سبحانه بأنهم:} كرام بررة {(عبس:16)، ووصفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأوصاف ذاتها حين قال:( الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ... ) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح .
ومن صفاتهم: أنهم معصومون من الذنوب والمعاصي لا يقربونها، قال تعالى:{ لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون }(التحريم:6). وهم مع عصمتهم من الذنوب والمعاصي دائمو الطاعة لله سبحانه، قال تعالى: { يسبحون الليل والنهار لا يفترون }(الأنبياء:20).
ومن أخلاقهم الحياء، ففي الحديث أن أبا بكر و عمر رضي الله عنها، دخلا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو كاشف فخذه، فلم يسترها، فلما دخل عثمان جلس النبي صلى الله عليه وسلم وسوى ثيابه، فسألته عائشة رضي الله عنها عن ذلك، فقال:( ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ) رواه مسلم .
ومن صفاتهم أيضا أنهم يتأذون من الروائح الكريهة، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث، فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها، فقال: ( من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تأذى مما يتأذى منه الإنس ).
وأما عددهم فلا يعلمه إلا الله سبحانه، حيث ردّ علم ذلك إلى نفسه، فقال:} وما يعلم جنود ربك إلا هو { (المدثر:31).
وجاء في صفة البيت المعمور أنه: ( يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه آخر ما عليهم ) رواه مسلم .
وعدّ صلى الله عليه وسلم الملائكة الذين يأتون بجهنم بأربع مليار وتسعمائة مليون ملك، كما دل على ذلك حديث : ( يؤتي بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك ) رواه مسلم . وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوما: ( إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطّت السماء وحُقَّ لها أن تئط، ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتكم قليلا ولبكيتم كثيرا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله ) رواه الترمذي وحسنه الشيخ الألباني ، فهذه الأحاديث وغيرها تدل على كثرة عدد الملائكة ، وأنه لا يحصي عددهم إلا الله ، فليس أمام المسلم أمام هذا الملكوت العظيم، إلا أن يسبح الله بحمده، ويسأله عفوه ولطفه على التقصير والتفريط .
أعمال الملائكة
وصف الله أعمال بعض الملائكة بقوله:} فالمدبرات أمرا { ( النازعات : 5) قال الحسن : "هي الملائكة تدبر الأمر من السماء إلى الأرض" ، وقال تعالى :} فالمقسمات أمرا { ( الذاريات : 40) جاء في تفسيرها: هي الملائكة تقسم الأعمال عليها، من الخصب والجدب والمطر والموت والحوادث .
وقد ذكر الله تعالى بعض الأعمال التي كلف بها ملائكته، فمن ذلك قوله تعالى } له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله {( الرعد : 11)، فهذه ملائكة تحفظ الإنسان من الشرور بأمر الله سبحانه، حتى إذا جاء القدر خلو عنه، وقال سبحانه } وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون { (الأنعام:61) فذكر في هذه الآية أن الملائكة هي التي تتولى نزع روحه .
ومن ذلك أن الملائكة هم من يحملون عرش الرحمن سبحانه، قال تعالى: { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم }(غافر:7) .
ومن أعمال الملائكة الاستغفار للمؤمنين، قال تعالى: { ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم }( غافر:7) .
وجاء في السنة ما يدل على عناية الله بالإنسان في بدء تكوينه وتخلقه في الرحم، فقد روى البخاري عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( إن الله عز وجل وكَّل بالرحم ملكا يقول: يا رب نطفة، يا رب علقة، يا رب مضغة، فإذا أراد أن يقضي خلقه، قال : أذكر أم أنثى ؟ شقي أم سعيد ؟ فما الرزق والأجل ؟ فيكتب في بطن أمه ).
وجاء في السنة أيضا أن الله وكل ملائكة بتصوير الأجنة في أرحامها، ونفخ الروح فيها، فعن حذيفة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( إذا مرّ بالنطفة اثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكا فصورها، وخلق سمعها، وبصرها، وجلدها، ولحمها، وعظامها ) رواه مسلم .
ومن أعمال الملائكة كتابة وإحصاء أعمال المكلفين من خير أو شر، قال تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }(ق:18)، قال تعالى: {كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون }(الانفطار:11-12).
ومن الأحاديث ما يدل على أن من الملائكة من هو موكل بتتبع حِلَقَ الذِّكْر، فقد روى البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر. فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم ).
ودلت الأحاديث على أن من الملائكة من يجاهد مع المؤمنين، قال تعالى: { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين }(الأنفال:9)، قال الربيع بن أنس : "كان الناس يوم بدر يعرفون قتلى الملائكة – أي الذين قتلتهم الملائكة من الكفار - من قتلى الناس، بضرب فوق الأعناق، وعلى البنان، مثل: وسم النار " رواه البيهقي .
ودلت الأدلة على أن الملائكة تشفع يوم القيامة في المذنبين من الموحدين، قال تعالى: { وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى }(النجم:26)، ففي الحديث: ( فتشفع الملائكة والنبيون والصديقون ) رواه ابن حبان .
ومن الأحاديث ما يدل على أن من الملائكة من هو موكل بحفظ الأماكن المقدسة من الدجال ، كما روى البخاري عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة، ليس له من نقابها نقب إلا عليه الملائكة صافين يحرسونها .. ).
ومن الأحاديث ما يدل على أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة، فعن عن أبي طلحة الأنصاري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة ) رواه أحمد .
فهذه بعض أعمال الملائكة التي ذكرت في الكتاب والسنة دون تعيين أصحابها من الملائكة.
وفي المقابل ورد في الكتاب والسنة ذكر أعمال معينة مصرحا بأسماء أصحابها، ومن أعظم الملائكة الذين صرح الكتاب والسنة بذكرهم وذكر أعمالهم؛ جبريل عليه السلام أمين الوحي، وميكال أمين القطر، وكلاهما موكل بالحياة فجبريل موكل بحياة القلوب، وميكال موكل بحياة الأبدان، وبهما ( الوحي والقطر ) تقوم الحياة وتنعم البشرية، قال تعالى:} من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين { (البقرة:98) .
وممن ورد ذكره في القرآن مصرحا باسمه مالك خازن النار، قال تعالى: } ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون{ (الزخرف:77) .
ومن الملائكة الذين صرح القرآن بأسمائهم ( هاروت وماروت ) عليهما السلام، قال تعالى: } وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت { (البقرة: 102).
وقد ذكر في السنة بعض أسماء الملائكة وأعمالهم، فممن صرحت السنة باسمه، إسرافيل عليه السلام وهو الموكل بالنفخ في الصور، فقد روى أحمد و الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كيف أنعم ؟ وصاحب القرن قد التقم القرن، وحنى جبهته، وانتظر أن يؤذن له . قالوا : كيف نقول يا رسول الله ؟ قال قولوا : حسبنا الله ونعم الوكيل، على الله توكلنا )، وقد ورد في رواية التصريح بأن ( إسرافيل هو صاحب الصور ) .
وممن ذكر اسمه في السنة المطهرة أيضاً منكر ونكير عليهما السلام، وهما الملكان الموكلان بسؤال العبد في قبره وقد ورد ذكرهما عند الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا قبر أحدكم أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر والآخر النكير .. ).
وقد اشتهر على ألسنة الناس أن اسم ملك الموت عزرائيل، وهذا التسمية – كما يقول العلماء - لم ترد في حديث صحيح، وقد ذكره الله تعالى بوظيفته لا باسمه، فقال سبحانه:{ قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم .. } ( السجدة:11 )
فهذه بعض أعمال الملائكة التي وردت في الكتاب والسنة ، وهي تدل - كما يقول ابن القيم - على " أن الله سبحانه وكل بالعالم العلوي والسفلي ملائكة، فهي تدبر أمر العالم بإذنه ومشيئته وأمره، فلهذا يضيف التدبير إلى الملائكة تارة؛ لكونهم هم المباشرين للتدبير، كقوله:} فالمدبرات أمرا { ، ويضيف التدبير إليه، كقوله: } إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر } ، فهو المدبر أمرا وإذنا ومشيئة، والملائكة المدبرات مباشرة " .
أثر الإيمان بالملائكة في حياة المسلم
للإيمان بالملائكة آثار عظيمة على سلوك الإنسان، وعلاقته بربه، من تلك الآثار:
1- بذل العبد جهده في طاعة ربه سبحانه، اقتداء بالملائكة الكرام، الذين يتفانون في طاعته مع عصمتهم من الذنوب، وقربهم من ربهم جلا وعلا، قال تعالى: { إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون }(الأعراف:206).
2- دفع الغرور عن النفس، والافتخار بالعمل، فالملائكة على دوام طاعتهم خاضعين له سبحانه} يسبحون الليل والنهار لا يفترون } (الأنبياء:20)، وهم مع ذلك يسألونه الصفح والمغفرة عن التقصير في العمل، كما ثبت ذلك في الحديث الذي رواه الحاكم وصححه الشيخ الألباني أن الملائكة تقول لربها يوم القيامة: ( سبحانك ما عبدناك حق عبادتك )، والمسلم مهما بلغ في عبادته، فلن يبلغ مقدار عبادة الملائكة، فهو أولى بنبذ الكبر والاغترار بالعمل .
3- الاجتهاد في البعد عما حرمه الله، خوفا من الله أولاً، ثم حياء من الملائكة الذين لا يفارقون بني آدم، ويكتبون ويسجلون أعمالهم، ولا سيما أن الله وصفهم بأنهم كرام، كما قال تعالى:} وإن عليكم لحافظين . كرامًا كاتبين . يعلمون ما تفعلون { ( الانفطار : 10-12)، فإن الإنسان قد تستولي عليه الشهوة، ويغفل عن مراقبة الله له، فإذا علم أن معه من لا يفارقه من الملائكة الكرام، كان ذلك باعثا له على الحياء، والانكفاف عما هو مقدم عليه من معصية الله تعالى .

4- الاقتداء بهم في حسن نظامهم، وإتقان أعمالهم: فقد روى مسلم : عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها، فقلنا: يا رسول الله، وكيف تصف الملائكة عند ربها ؟ قال: يتمون الصفوف الأول، ويتراصون في الصف ) فحثّ النبي - صلى الله عليه وسلم- الصحابة على الاصطفاف في الصلاة، كما تصف الملائكة عند ربها، وذلك لحسن نظامهم، عند وقوفهم بين يدي ربهم .
إن الملائكة مع عظيم خلقهم، وشدة بأسهم، ما هم إلا خلق من خلق الله، وإن هذا الكون بإبداعه، وإبداع من فيه، لهو أعظم دليل على وحدانية الله تعالى، واستحقاقه مطلق العبادة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.