أقام المجلس الأعلي للقوات المسلحة عددا من موائد الرحمن في المحافظات وهو أمر جديد لم يحدث في مصر منذ زمن واعتبر ذلك إشارة إلي أن الجيش والشعب إيد واحدة، الأمر الذي فسره البعض بأنه نوع من التقرب للشعب وكسب ثقته لمواجهة حملة العلمانيين والليبراليين ضده في الفترة الأخيرة حيث تم اتهام الجيش بالتواطؤ مع الإسلاميين.بينما اختفت موائد الرحمن التي كان يقيمها كبار رجال السياسة والمشاهير من أهل الفن والرياضة ورجال الأعمال من أعضاء مجلسي الشعب والشوري ورموز الحزب الوطني المنحل والتي كان من أبرزها مائدة رئيس مجلس الشعب السابق فتحي سرور والتي كانت تقام علي مدي أكثر من 20 عاما في حي السيدة زينب علاوة علي مائدة زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية السابق في حلمية الزيتون وكذلك المائدة التي كان يقيمها بطرس غالي في حي شبرا الخيمة حيث الأحياء الشعبية الأكثر إقبالا علي الموائد، وكانت كل هذه الموائد تقام كنوع من التقرب لأبناء الدوائر لدعم حملاتهم الانتخابية، ولن ننسي اختفاء موائد مشاهير الفن «فيفي عبده، محمد هنيدي، دينا، أحمد السقا وإلهام شاهين» علاوة علي مائدة «محمد أبوالعينين» والتي كانت علي أعلي المستويات لأصحاب المصالح، أما الموائد التي كانت تقيمها الهيئات والتي جاءت أبرزها مائدة بنك ناصر الاجتماعي فقد اختفت بدورها لتحل محلها الشنط الرمضانية كاتجاه جديد من وزارة التضامن والتي وزعت هذا الشهر ما يقرب من 3 ملايين شنطة للاستعاضة عن موائد الرحمن. وعن الجديد هذا العام ظهورما عرف باسم «موائد الإسلاميين» والتي كانت البديل الثاني بعد موائد المجلس الأعلي لتلك التي كان يقيمها رجال الأعمال وقد أعلنت الجماعات الإسلامية عن استعدادها هذا العام لتولي مسئولية الإشراف علي هذه الموائد في كل الأحياء والمحافظات وذلك في ظل المساحة التي منحت لهم في ممارسة العمل والنشاط السياسي في الأيام الأخيرة. وقد أرجع بعض الخبراء اختفاء الموائد إلي سوء الحالة الاقتصادية التي تعيشها البلاد بعد أحداث ثورة 25 يناير علاوة علي عدم الاحتياج لأي من هذه الحيل والأساليب السياسية لحصد الأصوات وإن كان الواقع مخالف بعض الشيء فالإخوان قد بدأوا دعايتهم بهذا الأسلوب، خاصة أن هناك دراسة من جامعة الأزهر أكدت أن موائد الرحمن في القاهرة وحدها تتكلف ما يزيد علي المليار جنيه في رمضان ليستفيد منها 3 ملايين شخص يوميا. بالإضافة إلي تقرير آخر صادر عن مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء أشار إلي أن 78% من رواد هذه الموائد هم في الأساس من العاملين في القطاع الخاص في مقابل 12% فقط من القطاع الحكومي، وأضاف التقرير أن عدد الموائد في العام الماضي وصل إلي 13555 مائدة في كل المحافظات ليتردد عليها 9.1 مليون شخص أي ما يزيد علي 50 مليون شخص علي مدار الشهر ليصل متوسط التكلفة يوميا للمائدة 1269 جنيها بموجب 9 جنيهات للفرد الواحد يوميا. بينما فسرت دكتورة «عزة كريم» أستاذ علم الاجتماع السياسي اختفاء موائد المشاهير ورجال الأعمال ليحل مكانها أنواع أخري بأن هذا الحدث في الأساس قبل الثورة كان من أخطر المواقف التي نتعرض لها علي مدار سنوات طويلة إلي أن تم إصدار قانون يحد من إقامة هذه الموائد وتقييدها باستخراج تصريح خاصة بعدما أثارت هذه الموائد نوعا من أنواع الفتن والمشكلات. وأضافت أنه بعد الثورة شعر معظم رجال الأعمال والأغنياء بالخوف علي مستقبلهم في ظل الأحداث الأخيرة ومحاكمات الفساد لذلك فضلوا ألا يطرح اسمهم علي الساحة في هذا التوقيت، أما عن المجلس العسكري فيحاول بإقامة هذه الموائد أن يساعد الفقراء وعابري السبيل كنوع من التعبير من المجلس لأدواره الإيجابية ولفت نظر الشعب إليها! وأكدت «عزة» أن الجميع لاحظ بوضوح تواجد الجماعات الإسلامية كإخوان وسلفيين وهي جماعات كانت ممنوعة فيما سبق من أي نشاط حتي أتيحت لها الفرصة مثل غيرها ونجحوا في استغلالها والاستفادة منها. وحذرت «عزة» من إنكار قوة هذه الجماعات علي مستوي العالم موضحة أن فرص الظهور تتصاعد مع الأحداث علي الساحة ولذلك لابد من إحداث توازن بين هذه الجماعات وباقي القوي والأحزاب السياسية الموجودة حتي يتسني للمواطن العادي أن يختار بينهما بحيادية يساعده فيها الإعلام من خلال تسليط الضوء علي جميع العناصر بنفس القدر.