رأى الرئيس اللبنانى سعد الحريري أنّ "رفع السرية عن القرار الإتهامي في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، يشكل خطوة متقدمة ومفصلية على طريق كشف الحقيقة وتحقيق العدالة، وهو الهدف الذي يتطلع إليه اللبنانيون والعرب والعالم منذ سنوات، ويترقبون الإعلان عن تفاصيله في ما يؤدي الى المحاكمة العادلة، التي لا هروب منها بعد الآن". وفى بيان له قال الحريرى: "اليوم قررت العدالة الدولية، أن تضع النقاط على الحروف وأن تكشف عن جانب مهم من الأدلة والوقائع التي تتصل بجريمة الإغتيال الإرهابيّة، التي أودت بحياة رمز كبير من رموز الإعتدال والوطنية والنزاهة والنجاح في لبنان والوطن العربي".
وأضاف: "لقد قرروا تنفيذ حكم الإعدام بالرئيس رفيق الحريري وإغتالوا معه ومن بعده نخبة من رجال لبنان، بتهمة التمسك بالقرار الوطنى المستقل ورفض سياسات التسلط والهيمنة التي تريد للبنان أن يبقى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الإقليمية والخارجية".
وتابع: "لكن الشعب اللبناني بكافة طوائفه وقواه الحية، إتخذ قراره بمواجهة هذه السياسات، وخرج الى الساحات بمئات الآلاف لينادي بتحقيق العدالة، ومحاسبة المسؤولين والمحرضين والمتورطين بمسلسل الجرائم الإرهابية".
وإذ لفت إلى أنّه "بمقدار ما نشعر في هذا اليوم، بالإطمئنان الى المسار الذي تتحرّك فيه المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، ونعبّر عن عظيم تقديرنا وشكرنا للجهود التي بذلها فريق التحقيق الدولي والجهاز القضائي المختص في المحكمة"، قال الحريري: "لا نستطيع أن نخفي حجم الألم الذى يعتصر قلوبنا وقلوب معظم اللبنانيين، تجاه التهم التى طاولت مع الأسف، أسماء مواطنين من بلدنا، تشير الأدلة الى مسؤوليتهم عن جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريرى".
وكان رد الحريرى على سؤال "أي عقل شيطاني يمكن ان يكون قد إستولى على عقول هؤلاء، ليرتكبوا مثل هذه الجريمة، بل أي عقل شيطاني يمكن ان يكون قد خطط وأعطى الأوامر لهؤلاء بقتل الرئيس رفيق الحريري، وبجر لبنان الى مستنقع دموي رهيب خطف من صفوف اللبنانيين نخبة من رجالات السياسية والفكر والنضال الوطني"، قال "إنّ شعوري تجاه هذه اللحظات لا يختلف عن شعور أي مواطن لبناني، أصابته الجرائم التي وقعت علينا خلال السنوات الماضية".
وتابع الحريري .. "شأني في ذلك شأن الوالدة والأخوة والأخوات والعمة والعم وجميع الأهل، وشأن الضحايا الأحياء الأصدقاء مروان حماده والياس المر ومي الشدياق، وكذلك شأن آلاف آلاف من عائلات وأبناء وبنات ومحبي ورفاق باسل فليحان، وجبران تويني، وسمير قصير، وجورج حاوي، ووليد عيدو، وبيار أمين الجميل، وانطوان غانم، ووسام عيد، وعشرات الأبرياء الذين سقطوا معهم في مسيرة الحرية والكرامة الوطنية".
إلى ذلك، شدّد الحريري على أنّ "شمس الحقيقة والعدالة تشرق على لبنان، وما من شيء سيكون قادراً على تعطيل هذا الفجر الجديد مهما بلغ حجم التهويل والتهديد، ونحن في كل الأحوال سنبقى على عهدنا الى كل اللبنانيين بأن تكون العدالة وسيلة لإحقاق الحق، وليست أداة للثأر او الإنتقام، وبأن نجعل من الفرصة المتاحة لكشف الحقيقة في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فرصة حقيقية لإنهاء مسلسل الجريمة السياسية المنظمة في لبنان، وسوق المتهمين الى قفص العدالة، كي لا تبقى العدالة رهينة في قفص المجرمين".
وأكّد الحريري أنّه يتطلّع "بكل صدق وأمانة إلى موقف تاريخي من قيادة "حزب الله"، ومن (الأمين العام ل"حزب الله") السيد حسن نصرالله خصوصاً، لوضع حد لسياسات الهروب الى الأمام، والإعلان عن التعاون التام مع المحكمة الدوليّة بما يؤدي الى تسليم المتّهمين والمباشرة في إجراء محاكمة عادلة، نريدها جميعًا أن تتحقّق بأعلى درجات النزاهة والشفافية والأمانة القانونية".
وفي السياق عينه تابع: "لقد تقدم المدعي العام في جريمة الإغتيال بالأدلة الكافية للإنتقال الى مرحلة المحاكمة العادلة، ولا موجب بعد الآن لأي نوع من أنواع الصراخ السياسي والإعلامي، فإذا كان همّنا، من كل المواقع السياسيّة، أن نحفظ لبنان وأن نوفّر الاستقرار لشعبنا وأن نحمي بلدنا وصيغة الوفاق الوطني، فإنّ باب العدالة مشرّع أمامنا لتحقيق هذا الهدف النبيل". ولفت إلى أن "ما هو مطلوب من قيادة "حزب الله"، بكل بساطة، الإعلان عن فك الإرتباط بينها وبين المتّهمين، وهذا موقف سيسجّله التاريخ والعرب وكل اللبنانيين للحزب وقيادته، بمثل ما يمكن أن يسجّل خلاف ذلك، إذا أرادوا الذهاب بعيدًا في المجاهرة بحماية المتهمين".
من ناحيةٍ أخرى، قال الحريري: "أما بالنسبة للحكومة اللبنانية فأقول بكل صدق وصراحة أيضا، إن لغة التذاكي على الرأي العام، والإعلان عن الشيء ونقيضه في آن، وسياسة توزيع الأدوار بين رئيس الحكومة وحلفائه، ومحاولات التهرب من تحمل المسؤولية تجاه ملاحقة المتهمين وتحديد الجهات التي تعطل عملية الملاحقة وإلقاء القبض عليهم والإمتناع عن تسليمهم الى المحكمة الدولية، لم يعد يجدي نفعاً ويحمّل الحكومة مسؤولية الإشتراك في عدم التعاون، والتخلي عن إلتزامات لبنان تجاه متابعة قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه".
وختم الحريري بيانه بالقول إنّ "الحقيقة أبلغ من ان يتم الإلتفاف عليها، والقرار الإتهامي بكل ما تضمنه من أدلة ووثائق وشهادات، يرسم الخط المستقيم لهذه الحقيقة، والعدالة آتية، العدالة آتية، ولبنان سيكون بخير بإذن الله".