ظل قانون تنظيم الصحافة والإعلام حبيس أدراج البرلمان لأكثر من عام، على الرغم من الوعود التي تلقتها الجماعة الصحفية، بإصدار القانون بعد شهر واحد فقط من إصدار قانون تنظيم الهيئات. تشكلت الهيئات في 12 إبريل 2017، وظلت التساؤلات طوال تلك الفترة دون إجابة، أين القانون؟ ولماذا يظل حبيسًا داخل الأدراج؟ وهل من الممكن أن يتم تعديله مجددًا؟
البرلمان يُفاجئ الجماعة الصحفية على الرغم من أن قانون تنظيم الصحافة والإعلام، خرج بعد "خناقة" قوية بين نقابة الصحفيين والبرلمان والحكومة، حول تقسيمه لقانونين من عدمه، إلا أن البرلمان فاجأ الجماعة الصحفية هذه المرة بشكل أكبر، وقبل ساعات قليلة من مناقشة القانون تحت قبة البرلمان، تفاجأ الصحفيون بأن القانون يتعرض للتعديل دون العرض على الحوار المجتمعي أو أخذ رأي النقابة المختصة. لاقت تعديلات القانون التي كان صرح بجزء منها أسامة هيكل رئيس لجنة الإعلام بالبرلمان، هجومًا كبيرًا من أعضاء مجلس نقابة الصحفيين الحاليين والسابقين، بالإضافة إلى أعضاء الجمعية العمومية، خاصة وبعد أن خرجت النسخة الأولى من تعديلات مشروع القانون. نقابة الصحفيين لم تطلع على تعديلات قانون تنظيم الصحافة الجديدة قال خالد البلشي وكيل نقابة الصحفيين السابق، إن القانون الجديد لتنظيم الصحافة والإعلام، الذي يناقشه البرلمان، اليوم، يعطي للمجلس الأعلى للإعلام سلطات واسعة لعقاب كل من يكتب، وفرض عقوبات حتى المواطنين الذين يكتبون على صفحاتهم الشخصية، وفرض عقوبات مالية على الصحفيين، بخلاف العقوبات الأخرى، ودون العودة للنقابة.
وأضاف على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، أن القراءة الأولية في مشروع القانون، تقول أن الصحفيين أصبحوا أمام استكمال لعملية الهيمنة على الصحافة، واستكمال تدشين عملية مصادرة الكلام، مؤكدًا أن ذلك يظهر بوضوح في أغلب نصوص القانون، والتي توسعت في الاستثناءات بدعاوى الأمن القومي، وبعبارات فضفاضة، مثل: التحريض على مخالفة القانون أو الدعوة للتعصب وغيرها أو بالإحالة للائحة.
وشدد وكيل نقابة الصحفيين السابق، إلى أن التقرير النهائي للجنة إعلام البرلمان، يأتي ليُشير إلى أنه تم استطلاع رأي النقابة في المشروع، واصفًا ذلك بأنه "غريب"؛ نظرًا أن أكثر من عضو بالمجلس أكدوا أنهم لم يطلعوا عليه.
وأكد عمرو بدر عضو مجلس النقابة، أن النقابة أرسلت ملاحظاتها حول مشروع قانون تنظيم المهنة إلى البرلمان قبل أكثر من خمسة أشهر، قبل أن تطرأ هذه التعديلات الجديدة عليه، لافتًا إلى أن مجلس النقابة أبدى عددًا من الملاحظات على المشروع، أبرزها ملاحظة خاصة بتوسع الحبس في قضايا النشر، وإضافة تهم جديدة يعاقب عليها الصحفيين بالحبس.
البلشي: البرلمان يكتب آخر مراحل السيطرة على الإعلام في مصر وأكد "البلشي" أن البرلمان اليوم، يكتب آخر مراحل السيطرة على الإعلام ومصادرة الكلام بإصدار حزمة قوانين (3 قوانين جديدة) لتنظيم الصحافة والإعلام وهيئاتهما، مؤكدًا أنه بعد أقل من عام من إصدار قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، والذي أُنشئت بمقتضاه الهيئات الحاكمة للإعلام، يناقش البرلمان قانون جديد يلغي القانون السابق، بخلاف قانون تنظيم الصحافة والإعلام، بعد ضم المجلس الأعلى للاعلام له.
وأوضح أن القوانين الثلاثة ترسم المشهد الأخير في مرحلة السيطرة على الإعلام والنشر بشكل عام، حتى على الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، موضحًا أن القانون يفتح الباب لمطاردة الكلام حتى على فيسبوك، ويُقنن الحجب، ويتوسع في العبارات المطاطة لمعاقبة الصحفيين والسيطرة على مهنة الكتابة، فضلًا عن أنه يفتح الباب للتخلص من المؤسسات القومية، عبر إلغاء مؤسسات أو دمج إصدارات.
تخوفات من دمج وإلغاء المؤسسات والإصدارات واستطرد "البلشي" بأن إن البند رقم 23 من نص المادة الخامسة من مشروع قانون الهيئة الوطنية للصحافة المعروض على مجلس النواب، والذي سيتم مناقشته غدًا، يعطي لها حق "دمج وإلغاء المؤسسات والإصدارات الصحفية داخل المؤسسة الواحدة"، وذلك طبقًا للنص المنشور.
وأشار إلى أن القانون الجديد للهيئة، قلّص عدد أعضائها إلى 9 فقط، من بينهم 3 يختارهم رئيس الجمهورية، بينهم رئيس الهيئة وممثل للمالية و2 تختارهم نقابة الصحفيين، وممثل لمجلس الدولة، وممثل للعاملين.
وأكد أنه تم تقليل عدد المُنتخبين في الجمعية العمومية، وصار رئيس الهيئة عضوًا في الجمعية العمومية لكل مؤسسة، ومعه ثلاثة من أعضاء الهيئة. وقال محمود كامل عضو مجلس النقابة، إن المؤسسات الصحفية القومية في طريقها للدمج والبيع، على خلفية إقرار هذا القانون، مؤكدًا أن مواد تشكيل الحمعية العمومية ومجلس الإدارة والقانون في مجمله، عليه ملاحظات كتير، مضيفًا: "سندفع ثمنًا كبيرًا من مستقبلنا".
وقال بعض أعضاء الجمعية العمومية للنقابة، على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي، إن القانون يقوم يُحول المؤسسات الصحفية ل"عمر أفندي"، ويقوم بتقليص تمثيل وسلطة الصحفيين داخل المؤسسات القومية.
تخوفات من تعديل يُلزم المؤسسات بأن يكون 70% من طاقم العمل نقابي بينما قال أيمن عبدالمجيد عضو مجلس نقابة الصحفيين، إن تعديلات قانون تنظيم الصحافة والإعلام، التي أجراها مجلس النواب قبل الموافقة عليه، أخذت بمادة اقترحها مُسبقًا، وهي أن تُلزَم كل صحيفة قائمة أو طالبة للترخيص، بألا يقل نسبة الزملاء أعضاء النقابة بها عن 70% من طاقم العمل، وأصبحت المادة رقم 49 من القانون.
وأضاف في تصريحات صحفية، أن هذا يُعد بشرى عظيمة للزملاء الصحفيين؛ نظرًا أنه تعمل على خلق فرص عمل لأعضاء النقابة، والحيلولة دون استبدالهم بمتدربين، كما تحمي المتدربين، مؤكدًا أن الصحف ستكون مُلزَمة بتعيين الكفاءات، للإيفاء بالشرط القانوني. وأوضح "عبدالمجيد" أن المُقترح الذي تقدم به، يتضمن مادة تُلزم الصحيفة بتعيين الزملاء المُتدربين، ممن مر عليهم عامين على التدريب بالصحيفة أو المؤسسة، على أن تُخطر النقابة بأسماء المتدربين في أول يوم عمل لهم.
ولاقى اقتراح "عبدالمجيد" هجومًا من بعض أعضاء الجمعية العمومية للنقابة، على موقع التواصل الاجتماعي، حيث وصف بعضهم هذا القرار ب"السلاح ذو الحدين" نظرًا أن بعض المؤسسات الصحفية من الممكن أن تقوم بالاستغناء عن الزملاء المتدربين نهائيًا، بدلًا من تعيينهم. وأكد البعض أن المادة "منقوصة"، نظرًا أنها تحتاج جزءًا مُكملًا، يُجبر المؤسسة الصحفية على تعيين الزملاء المتدربين، بدلًا من الاستغناء عنهم، بحجة عدم ثبوت الكفاءة، وذلك خوفًا من المُسائلة القانونية. عمرو بدر: قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد 'كارثة' فيما وصف عمرو بدر عضو مجلس نقابة الصحفين، قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد، الذي يناقشه البرلمان، اليوم، ب"الكارثي"، والمُعادِ للحريات بوضوح.
وقال "بدر" على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن المواد 4 و5 و19 نصوص مشبوهة ومطاطة، مؤكدًا أن ليس لها معنى واضح، وتستخدم كلمات مثل: التعصب، والكراهية، والتعرض للأديان، والمواد الإباحية، وممارسة نشاط مُعادٍ للديمقراطية، والتعرض للحياة الخاصة للمواطنين والمسؤولين، مشيرًا إلى أنها كلمات غير منضبطة وبلا تعريفات واضحة.
وأضاف أن المادة 19 من القانون تمنح المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام حق وقف الصفحات الشخصية على فيسبوك وتويتر والمدونات وغيرها، إذا تعدى عدد المتابعين 5 آلاف متابع، وذلك في حالة الوقوع في خطأ أو جريمة من الجرائم السابقة، واصفًا ذلك ب"الكارثة الجديدة".
وأكد "بدر" أنه يرى أن هذا القانون "كارثة" على المهنة، وعلى الحريات بشكل عام، مشددًا أن رأيه يأتي بصفته عضوًا مُنتخبًا في مجلس نقابة الصحفيين، حملته الجمعية العمومية للنقابة أمانة تمثيلهم.