اتسم بأسلوب نقي في مقالاته،و قام بالكثير من الترجمة والاقتباس من بعض روايات الأدب الفرنسي الشهيرة بأسلوب أدبي وصياغة عربية، لم يحظ بإجادة اللغة الفرنسية لذلك استعان بأصحابه الذين كانوا يترجمون له الروايات ومن ثم يقوم هو بصياغتها وصقلها في قالب أدبي، إنه النابغ في الإنشاء والأدب مصطفى لطفي المنفلوطي. نهج ابن مدينة منفلوط بسوهاج، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم، سبيل آبائه في الثقافة والتحق بكتاب القرية كالعادة المتبعة في البلاد آنذاك فحفظ القرآن الكريم كله وهو في التاسعة من عمره ثم أرسله أبوه إلى الجامع الأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق له من أهل بلده، فتلقى فيه طوال عشر سنوات علوم العربية والقرآن الكريم والحديث الشريف والتاريخ والفقه وشيئاً من شروحات على الأدب العربي الكلاسيكي، ولا سيما العباسي منه.
وفي الثلاث سنوات من إقامته في الأزهر بدأ يستجيب لتتضح نزعاته الأدبية، فأقبل يتزود من كتب التراث في عصره ، جامعاً إلى دروسه الأزهرية التقليدية قراءة متأملة واعية في دواوين شعراء المدرسة الشامية، بالإضافة إلى النثر كعبد الحميد وابن المقفع وابن خلدون وابن الاثير، كما أنه كان كثير المطالعة في كتب: الأغاني والعقد الفريد وزهر الآداب، وسواها من آثار العربية الصحيحة، وكان هذا التحصيل الأدبي حريا بنهوض شاب كالمنفلوطي.
ولم يلبث المنفلوطي، وهو في مقتبل عمره أن اتصل بالشيخ الإمام محمد عبده، الذي كان إمام عصره في العلم والإيمان، فلزم المنفلوطي حلقته في الأزهر، يستمع منه شروحاته العميقة لآيات من القرآن الكريم، وقد أتيحت له فرصة الدراسة على يد الشيخ محمد عبده، وبعد وفاة أستاذه رجع المنفلوطي إلى بلده حيث مكث عامين متفرغا لدراسة كتب الأدب القديم فقرأ لابن المقفع والجاحظ والمتنبي وأبي العلاء المعري وكون لنفسه أسلوباً خاصاً يعتمد على شعوره.
وكان المنفلوطي يكتب مقالاته في جريدة المؤيد، تحت عنوان "أسبوعيات" عام 1907، ولكنه لم يستمر وانقطع عن الكتابه بها، وكان يرسل مقالات أيضا إلى جريدة الصاعقة.
كان له أعماله أدبية فكانت كثيرة اختلف عليها النقاد،عرفت للناس من خلال ما كان ينشر له في المجلات الإقليمية ك"مجلة الفلاح، والهلال، والجامعة، والعمدة". ومن أهم كتبه ورواياته "كتاب النظرات، وكتاب العبرات، ومختارات المنفلوطي، ورواية في سبيل التاج، ورواية بول وفرجيني، ورواية الشاعر، ورواية تحت الزيزفون".
أما عن حياته الشخصية فتزوج المنفلوطي من السيدة آمنه محمد أبوبكر الشيخ، في أثناء دراسته بالأزهر، وأنجب منها 5 أولاد منهم توأم لم يعيشا، وثلاثة بنات هم: "زكية، وأنيسه، ونجيه"، كما تزوج مرة ثانية من السيدة رتيبة حسني، وأنجب منها فاضل، وحسن، وحسنان، وزينب، وقدريه، ومحاسن، وأحمد.
وعقب هذه الحياة الحافلة بالعلم توفي مصطفى لطفي المنفلوطي في مثل هذا اليوم من العام 1924.