" هذبوا رجالكم قبل أن تهذبوا نسائكم فإن عجزتم عن الرجال فأنتم عن النساء أعجز " ..كانت هذه الكلمات من أقوال الأديب والنابغة مصطفى لطفي المنفلوطي الملقّب " بأمير البيان" التى تمر علينا الذكرى التاسعة والثمانين لوفاته . ولد المنفلوطي في عام 1876 وتوفي عام 1924 من أب مصرى وأم تركية في مدينة منفلوط بأسيوط من أسرة مشهورة تتميز بالتقوى والعلم . نهج المنفلوطى سبيل آبائه في الثقافة والتحق بكُتّاب القرية كالعادة المتبعة في البلاد آنذاك ، فحفظ القرآن الكريم كله وهو في التاسعة من عمره ثم أرسله أبوه إلى الجامع الأزهر بالقاهرة تحت رعاية رفاق له من أهل بلدته. تلقى في الأزهر طوال عشر سنوات علوم العربية والقرآن الكريم والحديث الشريف والتاريخ والفقه وشيئاً من شروحات الأدب العربي الكلاسيكي، ولا سيما العباسي منه، وفي الثلاث سنوات من إقامته في الأزهر بدأ يستجيب لتتضح نزعاته الأدبية، فأقبل يتزود من كتب التراث في عصره الذهبي, جامعاً إلى دروسه الأزهرية التقليدية وقراءة متأملة واعية في دواوين شعراء المدرسة الشامية " كأبي تمام والبحتري والمتنبي والشريف الرضي" و النثر " كعبد الحميد وابن المقفع وابن خلدون وابن الأثير" . وكان هذا التحصيل الأدبي الجاد، الغني الثقافة، سبباً بنهوض شاب كالمنفلوطي مرهف الحس والذوق، شديد الرغبة في تحصيل المعرفة ، ولم يلبث المنفلوطي وهو في مقتبل عمره أن اتصل بالشيخ الإمام محمد عبده، الذي كان إمام عصره في العلم والإيمان، فلزم المنفلوطي حلقته في الأزهر يستمع منه شروحاته العميقة لأيات من القرآن الكريم، ومعاني الإسلام، بعيداً عن التزمت والخرافات والبدع, وقد أتيحت له فرصة الدراسة على يد الشيخ محمد عبده وبدأ يكون لنفسة أسلوبا خاصا يعتمد على شعوره وحساسية نفسه . تميز المنفلوطى بإسلوبه النقي في مقالاته والشعر الجيد الذى فيه رقة ، والذى أطلق علية " أمير البيان" لإسلوبه المؤثر والجذاب ، و قام بالكثير من الترجمة والأقتباس من روايات الأدب الفرنسي الشهير بإسلوب أدبي فذ وصياغة أدبية في غاية الروعة ، عرفه الناس من خلال ماكان ينشره في بعض المجلات الإقليمية ثم انتقل إلى أكبر الصحف وهى "المؤيد" وكتب مقالات بعنوان "نظرات" جمعت في كتاب على ثلاثة أجزاء . أُصيب في أواخر أيامة أصيب بشلل بسيط ، فثقل لسانه وأخفى نبأه عن أصدقائه، ولم يجاهر بألمه، ولم يدع طبيبًا لعيادته، لأنه كان لا يثق بالأطباء، ورأيه فيهم أنهم جميعًا لا يصيبون نوع المرض، ولا يتقنون وصف الدواء، ولعل ذلك كان السبب في عدم إسعاف التسمم البولي الذي أصيب به قبل استفحاله ، وتوفي في 24 مايو 1924 . كانت من أهم كتبه ورواياته " النظرات ، " في سبيل التاج " ، " ماجدولين " ، " الفضيلة " ، " التراحم " .