كشف خالد كعيم نائب وزير الخارجية الليبي، في آخر حكومة ليبية، والمتحدث باسمها قبل إطاحة النظام السابق في العام 2011، أن الحكومة في حينه أرسلت إلى ثلاث دول عربية مكتبة صوتية بتسجيلات سرية لكل من: حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر السابق، ووزير خارجيته حمد بن جاسم، خلال لقاءاتهما مع الزعيم الراحل معمر القذافي، ومن بين تلك التسجيلات، ما تم تسريبها عنها من مخططات تآمرية ضد المملكة العربية السعودية. وفي أول تصريح إعلامي له منذ سبعة أعوام، أكد "كعيم"، أنه لم يتم اعتماد أي تدخل تقني على التسجيلات، وأن القذافي تعمّد الصمت خلال تلك المحادثات سواء كانت مباشرة أو عبر الهاتف، ليتم تسجيلها كاملة، كونها شهادة على تآمر "الحمدين" على الدول العربية، مردفاً أن سلطات بلاده قامت قبل سقوط طرابلس بإرسال كل التسجيلات إلى ثلاث عواصم عربية من بينها الرياض. وأضاف "كعيم"، الذي يعتبر خزينة أسرار النظام السابق، أن القذافي كان في خلاف حاد مع أمير قطر بعد أن اكتشف حقيقة الخطط التي يعدها نظام الدوحة ضد عدد من الدول العربية، وأن المشكلة الحقيقية انطلقت في أكتوبر 2010 عندما كان القطريون يسعون للزج بليبيا في مؤامراتها بالمنطقة. وظهرت آنذاك قضية "الجزيرة مغاربية"، وهي نشرة يومية كانت القناة القطرية تقدمها من مكتبها في الرباط، وتستهدف من خلالها دول المغرب العربي، وقد قررت الحكومة المغربية يوم 20 أكتوبر 2010 غلق المكتب، فيما استبقت "الجزيرة" القرار المغربي بمزيد من التصعيد. وأضاف "في ديسمبر 2010 استقبلنا رئيسي جهازي المخابرات المغربي والجزائري، وكشفنا لهما حقيقة التآمر القطري على بلديهما، وفي تونس كانت هناك مشكلة متعلقة برغبة قطر في الاستحواذ على إحدى شركات الاتصالات، وقد نجحت في الصفقة، بعد أن دخلت في شراكة مع صخر الماكطري صهر الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وما نعرفه أن نظام الدوحة كان في كل مناسبة يعبر عن عدائه للنظام المصري وللمملكة العربية السعودية، ولا يخفي أنه كان منذ العام 1996 يعد للتآمر عليهما بدعوى أنهما كانا يسعيان لمناصرة الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، الذي أطاح به ابنه غدراً في يوليو 1995". وعن علاقة قطر بإخوان ليبيا، أوضح كعيم أن الدوحة كانت تؤوي منذ فترة طويلة عدداً من الإسلاميين الليبيين، وقد فتحت لها فضاء "الجزيرة.نت" في إطار مخطط لضرب دول المغرب العربي كافة، بينما كانت تدعم التقسيم في السودان. وقال إن "الولاياتالمتحدة كانت ضد التقسيم خشية أن تصيب عدواه بقية الدول الأفريقية، بينما كانت أوروبا معه، وقد سعى القذافي بقوة لمنع انفصال الجنوب، واتجهنا إلى الخرطوم، وجلسنا مع كبار المسؤولين، بينهم مصطفى عثمان إسماعيل، وجان بينغ رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي آنذاك، ودعونا حكومة الخرطوم إلى أن تتخلى عن قوانين الشريعة التي كان الانفصاليون يبررون بها دعواتهم للتقسيم، لكننا فوجئنا بأن قطر كانت تمول عملية الانفصال وتصرّ على إتمامها مستفيدة من علاقاتها الوطيدة بالرئيس عمر حسن البشير منذ أن كان ضابطاً في الجيش القطري". وتابع كعيم: "من مشكلاتنا مع قطر أنها كانت تحاول أن تكون عرّاب ليبيا في المحافل الدولية والإقليمية، وكانت تريد احتواء بلادنا، لغرض توريطنا في صراعات لا ناقة لنا فيها ولا جمل، وقد اكتشفنا ذلك أثناء القمة العربية بمدينة سرت في أكتوبر 2010 عندما طرحت ليبيا جملة من الاقتراحات لإحداث إصلاحات في الجامعة العربية، وسعت قطر للركوب على ذلك". وقال كعيم "خلال قمة سرت، كان من المفترض أن يترأس العقيد معمر القذافي اجتماع اللجنة الخماسية لمبادرة السلام العربية، ولكن طلب أن ترأسه قطر لأنها، وفق تعبيره، الوكيل الرسمي لإسرائيل، وهو ما حدث فعلاً"، مشيراً إلى أن "قطر استفادت من الخلافات البينية العربية كالخلاف الليبي- السعودي، والخلاف السعودي- السوري، والخلاف المغربي- الجزائري، للقيام بأدوار تآمرية ضد العرب جميعاً، كما كانت حريصة على تجنيد آلاف العرب المقيمين في أوروبا، ووظفت عدداً كبيراً منهم في الدوحة لخدمة مشروعها التخريبي". وتابع كعيم "مما زاد في توتر العلاقات قرار ليبيا بإلغاء عقدي الاستثمار القطري في مشروعي «باب المدينة» و"العين الزرقاء"، بينما كان تنظيم الحمدين يصر على أن يدخل جهاز الاستثمار القطري في تشاركيات استثمارية معنا، وقد مارس ضغوطاً علينا، وكان حمد بن خليفة وحمد بن جاسم لا يزوران ليبيا إلا ومعهما مسؤول الجهاز". وأردف المسؤول الليبي الأسبق: "مشكلاتنا مع قطر كانت كثيرة، منها كذلك هرولة نظام الدوحة للتطبيع مع إسرائيل، وإصراره على استضافة المسؤولين الصهاينة على شاشة قناة "الجزيرة" لتلميع صورتهم، مقابل الإساءة المتعمدة وخاصة لمصر والمغرب والجزائر، وهو ما كان محل احتجاج من ليبيا". أما عن علاقة قطر بالإخوان، فقد تحدث كعيم قائلاً: "قطر استضافت مؤتمرات للإخوان منذ 2002 وقد دعيت ليبيا للحضور، ومن باب الاطلاع أرسلنا مبعوثين لاكتشاف ما يدور وراء الأبواب المغلقة، فاكتشفنا أن نظام الدوحة كان يقدم الإخوان للأميركان، على أنهم الحلفاء الذين يمكن الوثوق بهم وبقبولهم للديمقراطية وصندوق الانتخابات، عكس الحركات السلفية والصوفية". وتابع كعيم، أن "الولاياتالمتحدة خاضت تلك الحوارات من خلال مراكز أبحاث كان بعضها يحصل على تمويلات من قطر". بينما كان حمد بن خليفة، يقدم نفسه على أنه الحفيد الرابع عشر لمحمد بن عبد الوهاب، وأنه قادر على تغيير الوضع داخل المملكة العربية السعودية من خلال ما كان يزعم أنها تأثيرات يحظى بها قبلياً ومذهبياً في الجزيرة العربية والخليج.