انطلق الدولي المصري محمد صلاح تاركًا فريقه المقاولون العرب، ليشق طريقه الاحترافي بالملاعب الأوروبية عبر بوابة فريق بازل السويسري، كأول محطة يخوضها اللاعب في مشواره الإحترافي، وكانت خطوة هامة للغاية، حيث أظهرت اللاعب وما يمتلكه من مواهب وإمكانيات. وخلال مشوار الفرعون المصري الاحترافي بأوروبا، مع الأندية التي لعب لها بداية من بازل ومرورًا بتشيلسي ثم فيورنتينا وروما وأخيراً مع ليفربول، وخلال هذه الرحلة الحافلة عايش صلاح عدة تجارب وأفكار فنية مع مدربين ينتمون لمدراس فنية عديدة. ويستعرض لكم "الفجر الرياضي" كيف أثر هؤلاء المدربين علي تطوير مستوي محمد صلاح، على النحو التالي: مورات ياكين.. بداية الظهور ظهر صلاح مع بازل السويسري تحت القيادة الفنية للمدرب السويسري الشاب مورات ياكين كلاعب موهوب سريع قليل الخبرة، وتلك كانت مهمة المدرب ياكين، والتى نجح فيها الأخير بتحويل تلك الموهبة الصاعدة قليلة الخبرة والشخصية للاعب محترف يتأقلم بسرعة مع رتم وأسلوب الكرة الأوروبية. ويعتمد ياكين علي التحولات السريعة من الدفاع للمناطق الهجومية، ولا يؤمن برجوع جناحي اللعب للخلف من أجل المساندة الدفاعية للظهيرين، وهذا ما أتاح لصلاح الكثير من الحرية في التقدم والانطلاق بسرعته الكبيرة، ودون أى قيود تكتيكية دفاعية. وزادت قدرات صلاح مع ياكين، ومنها قدرته على المراوغة والاحتفاظ بالكرة وإنهاء الهجمة بصورة جيدة، حيث سجل النجم الدولي المصري 9 أهداف في 47 مباراة رسمية، وفاز بأفضل لاعب في سويسرا وهو لا يتعدى عامه ال21 عامًا فقط. وربما لم يكن مورات ياكين المدرب الأفضل لصلاح، ولكن يكفي إظهاره للاعب بصورة كبيرة أهلته للظهور والتأقلم الجيد، مما أهله للإنضمام لتشليسي الإنجليزي في خطوة كبيرة للفرعون المصري. جوزيه مورينيو.. المحنة تولد بطلا المرحلة الأهم في حياة محمد صلاح، قد تكون خلال مسيرته تحت قيادة البرتغالي جوزيه مورينيو، حيث تطور صلاح خارج الملعب أكثر من داخله، ونما الجانب الاحترافي لدي اللاعب بصورة ملحوظة. ومع المدرب البرتغالي تحول صلاح من لاعب ممتع ينطلق ويراوغ ويسجل إلي لاعب تكتيكى، يقوم بتطويع سرعته لخدمة الفريق في الدفاع قبل الهجوم كما هو معلوم عن تكتيك مورينيو، وبات صلاح يعلم أنه لن تترك له المساحات، وأن عليه إيجاد مزيد من الحلول، وبتنويع طرق لعبه بالدخول لعمق الملعب وصناعة اللعب بدلاً من التواجد على الطرف. وفوق ذلك فإن العمل تحت قيادة السبيشال وأن يمثل ضغطًا نفسيًا قد لا يتعرض له اللاعب تحت قيادة أى مدرب آخر، وهو ما حدث مع الدولي المصري سواء في بداية مسيرته عندما طال جلوسه على دكة الإحتياط، قبل أن يبدأ أولى مشاركاته بمباراة أرسنال، أو في موسمه الثانى عندما تعاقد المدرب البرتغالي مع دييجو كوستا وسيسك فابريجاس، مما زاد من صعوبة المهمة لديه في المشاركة وإثبات أهميته جودته كلاعب للبلوز. وكما كان متوقعًا فلم يتحمل الجناح المصري الجلوس على الدكة لموسم آخر، حتى ولو كان تحت قيادة أحد أفضل المدربين في العالم، ورغم الخبرة التى حصل عليها صلاح تحت قيادة مورينيو، فقد كان لزامًا عليه التحرك للخطوة التالية في دورى مختلف ومدرب أكثر اختلافاً. مونتيلا.. العودة لحرية الانطلاق عاد محمد صلاح لأسلوبه المعتاد مجدداً، ولكن هذه المرة تحت قيادة فينتشيزنو مونتيلا، عندما انتقل على معارًا من تشيلسي لفيورنتينا الإيطالي ليبدأ رحلة جديدة تحت قيادة فنية من نوع مختلف. عمل مونتيلا علي تحرير صلاح من الضغوط النفسية التى لازمته خلال تواجده مع تشيلسي، ومنذ مشاركته الأولى كأساسي مع الفيولا أمام باليرمو، عاد صلاح مجددًا للتسجيل وتحرر من كل تلك القيود التكتيكية التى فرضت عليه مع مورينيو، مما أعاد إليه الثقة مرة أخرى. ودفع مونتيلا بصلاح في الكثير من المباريات في مركزي المهاجم الصريح أو خلف المهاجم، مما أتاح له حرية في التحرك في كافة مراكز الخط الأمامي دون التقيد بمركز معين، والنتيجة هي ظهور أحد أمتع النسخ لصلاح، سواء بالمراوغات والأهداف التى وصل عددها إلى 9 أهداف وصناعته ل4 أخرين في 26 مشاركة مع الفيولا. سباليتى.. العودة للتكليفات التكتيكية في نهاية موسم 2015/2016 قامت إدارة فيورنتينا بإقالة مونتيلا تزامنًا مع موافقة تشيلسى على عرض نادي روما الإيطالي للتعاقد مع صلاح. وبدأ صلاح مسيرته مع ذئاب العاصمة الإيطالية تحت قيادة رودى جارسيا، والذي كان يمر بفترة سيئة مع روما بسبب سوء النتائج التى أدت سريعًا لإقالته، والتعاقد مع المخضرم لوتشانو سباليتى، لتبدأ مسيرة صلاح مع الذئاب، والتي حفلت بالكثير من المدح وبعضًا من النقد. عاد صلاح مع سباليتى ثانية للقيود التكتيكية، والتى قد عايشها اللاعب مع جوزيه مورينيو في البلوز، ولكن في نسخته الجديدة، بات أكتر نضجاً علي المستوى الهجومى وكذلك الدفاعي. وظهر صلاح مع سباليتى أكثر قربًا من المرمى، ومتمتعًا بقوة هجومية لم يصل إليها من قبل، سواء للتطور الكبير الذى حدث لموهبته أو حتي لطريقة سباليتى نفسها مع روما، والتى تعتمد علي الانطلاقات السريعة من أطراف الملعب والدخول للعمق. ومع ذلك تخلو مسيرة صلاح مع روما رغم هذا الكم من الأهداف التى سجلها وصنعها والتى وصلت ل29 هدفًا في موسمين من انتقادات سباليتى، سواء بسبب عدم التزام صلاح بالجانب الدفاعي أو بسبب ضعف شخصية اللاعب "حسب وصف المدرب الإيطالى له !!". وعلى كل حال، فقد تمكن صلاح بالدور الثاني من التغلب على انتقادات سباليتى، وأصبح تكتيكيًا بامتياز، فيعود لمساندة "الباك" الذي يلعب خلفه، ثم ينطلق بسرعة مع إيدين دجيكو وستيفان الشعراوى للمناطق الهجومية، ووصل صلاح تحت قيادة سباليتى لمرحلة النضج بصورة كبيرة أهلته مجددًا للعودة للمكان الذي فشل فيه وهو البريميرليج، لكن هذة المرة تحت قيادة يورجن كلوب وعبر بوابة ليفربول العريق. يورجن كلوب.. قمة التوهج رأى الألماني يورجن كلوب المدير الفني لليفربول ضرورة التعاقد مع محمد صلاح، لأنه لاعب مثالي لأسلوب لعب الريدز، وذلك برغم القدرة التهديفية الغزيرة التي كان عليها الفريق الإنجليزي آنذاك، علمًا بأن صلاح جناح أو طرف هجومي في المقام الأول. والمعروف أن طريقة كلوب تعتمد دائمًا على التحولات الهجومية السريعة والضغط العالي على مدافعي الخصم، وهو ما يتطلب قدرات بدنية كبيرة من مهاجمي الفريق الذين يعتبرهم كلوب بنظرته الفنية "خط الدفاع الأول للفريق". ومنذ انطلاقة الموسم الكروي 2017-2018 بالبريمييرليج وكذلك دوري أبطال أوروبا وحتى هذه اللحظة، جعلنا كلوب نشاهد النسخة الأكثر تكاملاً لصلاح، فقد أصبح يعرف كيف يتحرك ما بين الخطوط جيدًا، والمراوغة وتوزيع طاقته على الدقائق ال90، وباتت لديه تلك الشراسة الهجومية والرغبة في تسجيل أكثر من هدف في المباراة الواحدة. وبالتأكيد، فإن صلاح قد وجد ضالته المنشودة رفقة المدرب الألماني المتميز كلوب، بحيث أن اللاعب حتي الآن وقبل نهاية الموسم نجد أن اللاعب قد سجل هدفًا بكافة البطولات، محطمًا العديد من الأرقام القياسية الغير مسبوقة، ونجح مو صلاح حتي الآن بالإشتراك في تسجيل 49 هدف خلال 43 مباراة منذ انضمامه للريدز، مسجلاً 38 هدف وصانعًا 11 آخرين.