القومي للإعاقة يطلق غرفة عمليات لمتابعة انتخابات النواب 2025    «قومي المرأة» يكرم فريق رصد دراما رمضان 2025    «قومي المرأة»: تنفيذ ورشة إعداد مدربين بمحافظة بني سويف    المدير الإقليمي لليونسكو بالقاهرة: تعمل على إصدار توصيات بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي    لو زوجتك مش على بطاقتك التموينية.. الحل فى 3 دقائق    «المرشدين السياحيين»: المتحف المصرى الكبير سيحدث دفعة قوية للسياحة    أطول إغلاق حكومى يلغى آلاف الرحلات    أردوغان: أكثر من 1.29 مليون لاجئ سوري عادوا إلى بلادهم منذ 2016    الاتحاد الأوروبي يرفض استخدام واشنطن القوة ضد قوارب في الكاريبي    عضو بالحزب الجمهوري: ترامب والديمقراطيون يتحملون مسؤولية الإغلاق والمحكمة العليا أصبحت سياسية    أحمد عبد الرؤوف يعلق على خسارة الزمالك للسوبر ويتحدث عن كثرة الإصابات    حالة الطقس غدًا الاثنين 10-11-2025 في مصر.. الظواهر الجوية ودرجات الحرارة    خيانة تنتهي بجريمة.. 3 قصص دامية تكشف الوجه المظلم للعلاقات المحرمة    حبس المتهمين في مشاجرة بالسلاح الناري في أسيوط    الدبلوماسى الأمريكى ونجيب محفوظ    ختام الحفل الملكى فى أوبرا العاصمة الجديدة    عضو بالحزب الجمهوري: ترامب والديمقراطيون يتحملون مسؤولية الإغلاق    استشاري: العصائر بأنواعها ممنوعة وسكر الفاكهة تأثيره مثل الكحول على الكبد    برنامج مطروح للنقاش يستعرض الانتخابات العراقية وسط أزمات الشرق الأوسط    بث مباشر.. البابا تواضروس يشارك في احتفالية مرور 17 قرنًا على انعقاد مجمع نيقية    «فريق المليار يستحق اللقب».. تعليق مثير من خالد الغندور بعد فوز الأهلي على الزمالك    أهالي «علم الروم»: لا نرفض مخطط التطوير شرط التعويض العادل    شبيه شخصية جعفر العمدة يقدم واجب العزاء فى وفاة والد محمد رمضان    قراءة صورة    هل يجوز أن تكتب الأم ذهبها كله لابنتها؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    هل يجوز الحلف ب«وحياتك» أو «ورحمة أمك»؟.. أمين الفتوى يُجيب    الخارجية الباكستانية تتهم أفغانستان بالفشل في اتخاذ إجراءات ضد الإرهاب    محافظ الغربية خلال جولة مفاجئة بمستشفى قطور: لن نسمح بأي تقصير    خالد الجندي: الاستخارة ليست منامًا ولا 3 أيام فقط بل تيسير أو صرف من الله    هل يذهب من مسه السحر للمعالجين بالقرآن؟.. أمين الفتوى يجيب    قتل وهو ساجد.. التصريح بدفن جثة معلم أزهرى قتله شخص داخل مسجد بقنا    غدًا.. وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة فى لقاء خاص على القاهرة الإخبارية    استعدادات أمنية مكثفة لتأمين انتخابات مجلس النواب 2025    بيحبوا يثيروا الجدل.. 4 أبراج جريئة بطبعها    حزب السادات: مشهد المصريين بالخارج في الانتخابات ملحمة وطنية تؤكد وحدة الصف    رسميًا.. بدء إجراء المقابلات الشخصية للمتقدمين للعمل بمساجد النذور ل«أوقاف الإسكندرية»    توقيع مذكرة تفاهم لدمج مستشفى «شفاء الأورمان» بالأقصر ضمن منظومة المستشفيات الجامعية    أخبار السعودية اليوم.. إعدام مواطنين لانضمامهما إلى جماعة إرهابية    راحة 4 أيام للاعبي الاتحاد السعودي بعد خسارة ديربي جدة    الصدفة تكتب تاريخ جديد لمنتخب مصر لكرة القدم النسائية ويتأهل لأمم إفريقيا للمرة الثالثة في تاريخه    محافظ بني سويف ورئيسة المجلس القومي للطفولة والأمومة يفتتحان فرع المجلس بديوان عام المحافظة    المشاط: ألمانيا من أبرز شركاء التنمية الدوليين لمصر.. وتربط البلدين علاقات تعاون ثنائي تمتد لعقود    زلزال قوي يضرب الساحل الشمالي لليابان وتحذير من تسونامي    علاج مجانى ل1382 مواطنا من أبناء مدينة أبو سمبل السياحية    أحمد سعد يتألق على مسرح "يايلا أرينا" في ألمانيا.. صور    رئيس الجامعة الفيوم يستقبل فريق الهيئة القومية لضمان جودة التعليم    رئيس البورصة: 5 شركات جديدة تستعد للقيد خلال 2026    ضبط تشكيل عصابي لتهريب المخدرات بقيمة 105 مليون جنيه بأسوان    امتحانات الشهادة الإعدادية للترم الأول وموعد تسجيل استمارة البيانات    «زي كولر».. شوبير يعلق على أسلوب توروب مع الأهلي قبل قمة الزمالك    زيادة فى الهجمات ضد مساجد بريطانيا.. تقرير: استهداف 25 مسجدا فى 4 أشهر    وجبات خفيفة صحية، تمنح الشبع بدون زيادة الوزن    انتخابات مجلس النواب 2025.. اعرف لجنتك الانتخابية بالرقم القومي من هنا (رابط)    الزمالك كعبه عالي على بيراميدز وعبدالرؤوف نجح في دعم لاعبيه نفسيًا    التشكيل المتوقع للزمالك أمام الأهلي في نهائي السوبر    نهائي السوبر.. الأهلي والزمالك على موعد مع اللقب 23    معلومات الوزراء : 70.8% من المصريين تابعوا افتتاح المتحف الكبير عبر التليفزيون    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. رشا سمير تكتب: روايات نسائية بلون قوس قزح
نشر في الفجر يوم 23 - 02 - 2018


يولد الربيع حين يكتبن
حين تكتُب النساء، تنبت من بين السطور أزهار البنفسج، حين تكتب النساء، ترتدى الاستعارات والكنايات معطفا من حبات الكرز، حين تشدو النساء بالكلمات تميل أغصان الأشجار طربا، وتهتز أفنان الأزهار، حين ترتدى المرأة معطف الأدب، تختبئ كل الحروف بين ضلوعها باحثة عن الدفء، حين تنسج المرأة من بين أروقة ذكرياتها قصة، تسترق جنية الحواديت السمع، وتتساءل السطور فى نهم: هل من مزيد؟
حين يُكتب الأدب بأقلام النساء، تُصبح مساحات البوح هى تلك السماء الرحبة، وترتدى الصحراء رمالا بلون قوس قزح..
اقتحمت النساء عالم الأدب منذ زمن طويل، قررن بعد محاولات عديدة من الوقوف خلسة بجانب الرجال، أن يتسللن من كهوفهن السحيقة ويصرخن فى وجه المجتمع بتجاربهن الشخصية والحياتية، دون خوف ولا شعور بالدونية،
لكن وكعادته أبى المُجتمع أن يتقبلهن فى رداء الأديبات، فوصمهن بلقب «الأدب النسوى»!.
لم أفهم يوما لماذا قرر المجتمع أن يُصنف الأدب الذى تكتبه النساء بصفة «النسوية»، ولم يكلف نفسه عناء تصنيف الأدب الذى يكتبه الرجال بصفة «الذكورية»؟!..
هل لأن الأدب مقتصر فقط على الرجال وما دون ذلك استثناء؟ أم لأن المجتمع تعود أن يمنح الألقاب فقط للأقليات؟!، أم لأن المجتمعات العربية مازالت تتعامل بفكرة العنترية الذكورية مع النساء، حتى فى المعارك الثقافية؟.
إن تاريخ اقتحام النساء عالم الأدب، تاريخ طويل ومشوق، كتبت المرأة من واقع القهر فى البدايات، ثم تحول الأمر إلى الكتابة من واقع الوجود والخيال والحُلم، بل تحول مؤخرا إلى التعبير الصريح عن الحاجة والعشق دون خوف ولا حرج، لتخرج الأصوات النسائية متجردات من كل القيود والقوالب التى وُضعن فيها طويلا.
وأصبح ما تكتبه النساء اليوم هو صُراخ وليس همسا، هو سماء ترعد ولا تمطر، هو سكين يقتل ولا يجرح، إنها رحلة طويلة مع الإبداع، ومن رحم القاهرة مدينة الألف ليلة وليلة نبدأ الرحلة...
1- ابنة الحريم قوت القلوب الدمرداشية:
ولدت قوت القلوب الدمرداشية عام 1892، تنتمى لسلالة أمراء المماليك، وكان والدها زعيم الطريقة الدمرداشية، وبدأت الكتابة فى الخامسة والأربعين من عمرها، بروايتها الأولى «زنوبة» ثم «الحريم»، وهى روايات تعبر عن واقع عاشته وقررت أن تشهر السلاح فى وجهه، وعادت لتكتب «رمزة ابنة الحريم»، لتحكى بكل صراحة عن مجتمع الحرملك الذى ولدت وترعرعت فيه، فكانت روايتها بمثابة استدعاء لأمس طعنها بخنجر العبودية.
أمسكت من بعدها طرف الخيط فوزية أسعد، فى روايتها «مصرية»، وهى التى ولدت فى الثلاثينيات، وتكتب باللغة الفرنسية، كتبت عن المرأة المصرية وتصف تقاليد المجتمع، ثم عادت إلى الريف لتنقل تجربتها فى باريس، وتحاول وصف الريف وطموح المرأة الاجتماعى هناك، وكم من مرة بكت وهى ترى بعينيها مجتمعا بأكمله يقهر النساء.
هكذا بدأت قوت القلوب، ثم أكملت فوزية أسعد الحُلم، ومن قلب قاهرة المعز ولد الأدب الناعم.
2- فاطمة المرنيسى ابنة المغرب:
من القاهرة انتشرت العدوى الأدبية لتطول الوطن العربى بأسره، وظهرت فاطمة المرنيسى من المغرب لتكتب روايتها «شهرزاد ليست مغربية»، و«أحلام نساء الحريم»، فأصبحت طالبة العلوم السياسية بجامعة السوربون أشهر من كتب عن حقوق المرأة، وفى مجتمع ذكورى قررت أن تترك بصمتها وترحل، ووصفت ببراعة احتلال الفرنسيين والإسبان لشمال وجنوب المغرب، وحاولت أن تقدم للمجتمع العربى وصفة سحرية للخروج من عصر الحريم.
كتبت المرنيسى تقول: «إذا كانت حقوق النساء مشكلة بالنسبة لبعض الرجال المسلمين فى الوقت الراهن، فليس ذلك بسبب القرآن، والرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وليس بسبب التقاليد الإسلامية، لأن هذه الحقوق بكل بساطة فى صراع مع مصالح نخبة ذكورية».
3- السطور ما بين روز اليوسف وغادة السمان:
أما الفتاة الطموحة اللبنانية التى تعود جذورها إلى الأصل التركى، روز اليوسف، فقد كانت تحلم مثل أى فتاة بالشهرة والفن، حتى التقطها عزيز عيد، وعملت كومبارس بالإسكندرية، وما لبثت أن اعتزلت الفن وقررت أن تصدر مجلة فنية أسمتها «روزاليوسف»، كانت سيدة قوية تؤمن بقيمة الكلمة التى تستطيع أن ترتقى بالفن وتساهم فى التنوير، ومن بين كلماتها الشهيرة:
«كلنا سنموت ولكن هناك فرقا بين شخص يموت وينتهى، وشخص مثلى يموت، ولكن يظل حيا بسيرته وتاريخه».
عندما ظهرت غادة السمان، الكاتبة السورية التى تسلحت بقلم أكثر جرأة ممن سبقوها، سألوها: متى قررت أن تكتُبين؟، فقالت: «قررت أن أكتب حين اكتشفت أن حقوقى لا تتعدى حق الأكل والشرب والإنجاب والموت».
4- أديبات يحملن السلاح:
ترحل أجيال وتأتى أجيال، ومن بين هذه وتلك تتحول مشاعر المرأة من مجرد القدرة على التعبير إلى الحرب بالقلم، وتتصدى الأديبات العربيات لمشاكل أوطانهن، ويقررن النزول إلى ساحات الحرب حاملات رماح الكلمات، فتظهر أحلام مستغانمى التى تخفى بين رواياتها أسلحة وقنابل، تحكى تاريخ الجزائر النضالى، وتكتب بعشق عن ملايين العائلات التى مزقتها وطأة الحرب والدمار، فقد تأثرت بوالدها أحد الثوار الجزائريين، حتى أنها حكت عنه كثيرا بشكل مستتر من تحت عباءة أبطال قصصها.
ولم تنس فدوى طوقان، الشاعرة الفلسطينية، أن تكتب عن الواقع الاجتماعى المؤلم للمرأة الفلسطينية، وهى الفتاة التى لم يؤمن والدها بفكرة تعليمها، فأخرجها من المدرسة ليأخذ أخوها على عاتقه فكرة تعليمها الشعر، حتى أصبح له الفضل فى أنها أصبحت من أشهر الشاعرات فى الوطن العربي، فكم من امرأة وُئدت أحلامها على يد أب ظالم أو زوج طاغ. كان لقلم الروائية الكويتية ليلى العثمان، ورواية «وسيمة تخرج من البحر» مذاق آخر، إنه تحد لأحكام المجتمع فى كيفية تحريم كل ماهو جميل، حتى الحُب، وتأخذنا الكاتبة فى رحلة عشق تتناولها أمواج البحر، وتتلقفها حبات رماله بين وسيمة ابنة الحسب والنسب، وعبد الله بن مريومة، الدلالة، وكيف يحول المجتمع دون الاعتراف بتلك القصة التى نمت وترعرعت خلف ستائر المحظورات والشكليات، إلى أن تنتهى القصة داخل البحر كما بدأت يوما على شاطئه.
5- الحُرية لنساء العالم العربى:
بعد أجيال من الأديبات اللاتى بحثن عن الحرية والنضال والحقوق الضائعة، وبعد باع طويل لأديبات تحملن أوزار أوطانهن، كسرت الأديبات كل القيود وقررن أن يكتبن بلا خوف من همسات المجتمع، ودون أن يلتفتن إلى أصابع الاتهام الموجهة لهن طول الوقت.
كتبت سمر اليزبك، السورية الأصل، رواية فاقت كل التوقعات، هى «رائحة القرفة»، وقررت أن تصف لياليها مع حبيبها بكل سفور!، واختزلت عالمها كله فى مساحة لم تتجاوز حجم الفراش، لكن الرواية مُنعت من دخول سوريا وحاربتها الأوساط الأدبية المتحفظة.
ومن سوريا إلى الأردن، تكتب الروائية الأردنية عفاف البطانية، رواية أخرى يتم رجمها بالحجارة، وهى رواية «خارج الجسد» التى تمت مصادرتها فى الأردن، فور صدورها، حيث أظهرت الرجل فى أبشع صورة، مرورا بالأب المتسلط والزوج العنيف، بل كشفت المستور بقوة عن مجتمع يغوص فى الخطايا ويتسلح بالفضيلة.
6- أديبات خلف الأسوار:
من تجارب الأوطان والعشق إلى التجربة الأكثر إيلاما، وهى تجربة السجون ومرارة الظلم، من بين جدران المعتقلات تكتب مارينا نعمت رواية «سجينة طهران»، وهى الفتاة التى حُبست ظُلما داخل أسوار سجن إيفين بطهران فى عهد الخومينى لمجرد احتجاجها على مدرسة التفاضل بالمدرسة، لأنها حولت حصة الرياضيات إلى حصة دين!
إنها قصة تقشعر منها الأبدان لمجتمع تحول تحت مظلة الفضيلة، إلى وحش كاسر ينتهك أعراض النساء، ويتلذذ بشوى لحومهن.
وتكتب مليكة أوفقير، عن أيام وليال عاشتها هى وعائلتها فى عتمة السجن وظلامه الدامس، بعد محاولة فاشلة قادها أبوها الجنرال أوفقير للانقلاب على الملك الحسن الثانى بمحاولة لاغتياله، ويتم الزج بالعائلة كلها فى السجن لمدة 19 عاما، فقدوا خلاله حتى قدرتهم على التعرف على بعضهم البعض، وبعد خروجها إلى النور تقرر مليكة أن تحكى للعالم كله ما ذاقته من مرارة السجن وقسوة الظلم.
7- هكذا كتبن النساء:
هكذا قررت أديبات الوطن العربي، أن يعترفن جهرا وأن يكتبن دون قيد، فنثرن الزهور بأقلامهن كلمات وصرخن فى وجه الأفكار الرجعية للمجتمعات الشرقية.
اليوم فقط نجحت أديبات الوطن العربي، فى إشهار أقلامهن، والانتصار بمعركة التحرير والإبداع. ها هى زهور الأقحوان تورق من بين أصابع الأديبات، لتتحول صفحات التاريخ إلى مرج من الكلمات، فتحية لكل أديبة سطرت بقلمها حرفا فتحت به طاقة نور لأجيال من النساء، لم يكن جزءا من المعركة.
تحية لأديبات لم يرتدين الحرية، رداء للتباهى بل ارتدين الحروف رداء من المعرفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.