شاهد.. تجهيز لجان امتحانات الترم الثاني بمدارس القاهرة لاستقبال الطلاب غداً    اليوم.. مجلس النواب يناقش حساب ختامي موازنة 2022/2023    سعر الريال السعودي بالبنوك اليوم الثلاثاء 7-5-2024    فرصة للمخالفين في البناء.. بدء تلقي طلبات التصالح اليوم بالمحافظات    سعر الدولار بالجنيه اليوم الثلاثاء 7-5-2024 .. الآن في البنوك والسوق السوداء بعد الإجازة    أسعار الخضروات اليوم الثلاثاء 7-5-2024 في قنا    أسعار الأسمنت اليوم الثلاثاء 7 - 5 - 2024 في الأسواق    سعر كيلو العدس، أسعار العدس اليوم الثلاثاء 7-5-2024 في الأسواق    جيش الاحتلال يعلن السيطرة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح    ماذا نعرف عن مدينة رفح التي تهدد إسرائيل باجتياحها عسكرياً؟    إصابة الملك تشارلز بالسرطان تخيم على الذكرى الأولى لتوليه عرش بريطانيا| صور    الجيش الإسرائيلي: تم إجلاء الغالبية العظمى من السكان في منطقة العمليات العسكرية شرقي رفح    صباحك أوروبي.. صراع أرسنال وسيتي.. مصير جواو فيليكس.. وثقة ميلان    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة الاتحاد السكندري بالدوري    ميدو: الزمالك رفض التعاقد مع علي معلول    5 محافظات تشهد سقوط أمطار متفاوتة الشدة | عاجل    اليوم، عرض عصام صاصا على الطب الشرعي لإجراء تحليل مخدرات    حالة الطرق اليوم، كثافات متحركة بمحور صفط اللبن وشارعي شبرا مصر ورمسيس    الزراعة: 35 ألف زائر توافدوا على حدائق الحيوان والأسماك في شم النسيم    بعد قليل.. بدء محاكمة المتهم بإنهاء حياة طفلة مدينة نصر    غدًا.. انطلاق امتحانات نهاية العام لصفوف النقل والشهادة الإعدادية بالوادي الجديد    7 نصائح لعلاقة ودية بعد الانفصال مثل ياسمين والعوضي.. «ابتعدي عن فخ المشاكل»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-5-2024    هل يجوز أداء سنة الظهر القبلية أربع ركعات متصلة.. مجدي عاشور يوضح    صدق أو لاتصدق.. الكبد يستعد للطعام عندما تراه العين أو يشمه الأنف    ياسمين عبد العزيز:" عملت عملية علشان أقدر أحمل من العوضي"    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الثلاثاء 7 مايو 2024    «القاهرة الإخبارية» تعرض لقطات لفض شرطة الاحتلال بالقوة المظاهرات في تل أبيب    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    ياسمين عبدالعزيز: «بنتي كيوت ورقيقة.. ومش عايزة أولادي يطلعوا زيي»    صدقي صخر: تعرضت لصدمات في حياتي خلتني أروح لدكتور نفسي    خبير لوائح: أخشي أن يكون لدى محامي فيتوريا أوراق رسمية بعدم أحقيته في الشرط الجزائي    رامي صبري يحيي واحدة من أقوى حفلاته في العبور بمناسبة شم النسيم (صور)    وسائل إعلام أمريكية: القبض على جندي أمريكي في روسيا بتهمة السرقة    مصر تستعد لتجميع سيارات هيونداي النترا AD الأسبوع المقبل    ميلكا لوبيسكا دا سيلفا: بعد خسارة الدوري والكأس أصبح لدينا حماس أكبر للتتويج ببطولة إفريقيا    شبانة ينتقد اتحاد الكرة بسبب استمرار الأزمات    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    وكيل صحة قنا يجري جولة موسعة للتأكد من توافر الدم وأمصال التسمم    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    البيت الأبيض: لا ندعم أي عملية عسكرية إسرائيلية تستهدف المدنيين الفلسطينيين برفح    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    الفرح تحول ل مأتم.. أول صورة ل شاب لقى مصرعه في حادث مروري خلال زفة عروسين بقنا    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    "يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات التهنئة بالعيد    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    "أنا مش بحبه أنا بعشقه".. ياسمين عبد العزيز تدخل في نوبة بكاء    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عمل الدنيا لا ينافي عمل الآخرة
نشر في الفجر يوم 22 - 02 - 2018

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين،أما بعد: عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه : أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ: أَيْ أَخِي أَنَا أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَالا، فَانْظُرْ شَطْرَ مَالِي فَخُذْهُ، وَتَحْتِي امْرَأَتَانِ فَانْظُرْ أَيُّهُمَا أَعْجَبُ إِلَيْكَ حَتَّى أُطَلِّقَهَا، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَدَلُّوهُ عَلَى السُّوق، فَذَهَبَ فَاشْتَرَى وَبَاعَ وَرَبِحَ فَجَاءَ بِشَيْءٍ مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ" وفي رواية: "ثُمَّ تَابَعَ الْغُدُوَّ أي داوم الذّهاب إلى السوق للتجارة ثُمَّ لَبِثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَلْبَثَ فَجَاءَ وَعَلَيْهِ رَدْعُ أي أثر زَعْفَرَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"مَهْيَمْ أي: ما شأنك؟" فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً، فَقَالَ: "مَا أَصْدَقْتَهَا؟" قَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: "أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ"، قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَلَوْ رَفَعْتُ حَجَرًا لَرَجَوْتُ أَنْ أُصِيبَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً.(رواه الإمام أحمد (13360)، وهو في صحيح البخاري (1907). في هذا الحديث اشتغال بعض الصحابة بالتجارة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وتقريره على ذلك، وفيه أن الكسب من التجارة ونحوها أولى من الكسب من الهبة ونحوها. وترجيح الاكتساب بنفسه بتجارة أو صناعة. وفيه مباشرة الكبار التجارة بأنفسهم مع وجود من يكفيهم ذلك من وكيل وغيره.
عدد من المسلمين المخلصين إذا نظروا في أمر الإسلام والدين ثم التفتوا إلى أمر دنياهم وأعمالهم ووظائفهم وتجارتهم ودراستهم وجدوا تناقضاً وأحسّوا بالإثم ورأوا تعارضاً بين ما هم فيه من أمور الدنيا وبين القرآن والسنة. وهذا الشّعور قد يكون نتيجة لتصوّر خاطئ، وقد يكون نتيجة لممارسة خاطئة وعمل محرّم، فالذين يعملون في المحرّمات وظيفة وتجارة ودراسة شعورهم بالتعارض حقيقي وصحيح، ويجب أن يحصل!! لأنّهم يعملون في مجال محرّم مناف للدين، وتصير أمور دنياهم مخالفة لأحكام دينهم، فيجب على هؤلاء ترك المحرّمات التي هم فيها واقعون. ومن المسلمين من يشعر بالتعارض لأنّه غلّب جانب الدنيا على جانب الدّين في الاهتمام والعمل، فغبن نفسه وفوّت عليها حسنات كثيرة لو حصّلها لارتفع عند الله في الآخرة. ومن المسلمين من يرون التعارض لخطأ في التصوّر لقضية طريق الدنيا وطريق الدين، فهؤلاء ينبغي أن يُبصروا ويفقهوا ليزول اللبس فلا يتعذّبون ويعملون وهم في راحة ويصرّ البعض على زعم أنّ العبادة تتعارض مع الاكتساب والعمل في الصناعة والتجارة والزراعة، وأنّ من أراد الآخرة فلا بدّ أن يطلّق الدنيا طلاقاً باتّا حتى يَصْلُح قلبه، وأنّ الصحابة لم يفتحوا البلدان إلا بعد أن تركوا الدنيا وتفرّغوا تماماً للجهاد. وهذا الكلام فيه تعسّف بالغ ومنافاة لمصلحة الإنسان وفطرته التي فطره الله عليها، وبعيد عن الحكمة والعقل السليم والواقع، وهو مغاير قبل ذلك كله لحال الصّحابة رضي الله عنهم . ولتبيّن الموقف سننظر فيما جاءت به الشريعة من الأحكام في العمل الدنيوي والكسب أولاً، وكيف طبّق الصحابة ذلك في حياتهم ثانياً.
أولاً: حكم الشريعة في العمل الدنيوي:
قال الله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} [(77) سورة القصص]. وقوله: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [القصص: 77]، أي: استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة.{وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}، أي: مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح،(فإن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولزورك عليك حقاً، فآت كل ذي حق حقه). وقال الحسن وقتادة: "معناه لا تضيع حظك من دنياك في تمتعك بالحلال وطلبك إياه، ونظرك لعاقبة دنياك، فالكلام على هذا التأويل فيه بعض الرفق به وإصلاح الأمر الذي يشتهيه".قال مالك: "هو الأكل والشرب بلا سرف". قال ابن العربي: "وأبدع ما فيه عندي قول قتادة: ولا تنس نصيبك الحلال، فهو نصيبك من الدنيا ويا ما أحسن هذا". وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الخارج من بيته: "إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين، فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان".[صحيح الجامع (1428)]. وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا، أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ" [رواه البخاري (2152)]. بل حتى في مواسم الحجّ وهو الرّكن العظيم من أركان الإسلام أباح الشارع الحكيم التجارة فيه لعلمه بحاجات العباد وما يُصلحهم. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَتْ عُكَاظٌ وَمَجَنَّةُ وَذُو الْمَجَازِ أَسْوَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا كَانَ الإِسْلامُ تَأَثَّمُوا مِنْ التِّجَارَةِ فِيهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ}، أي: فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ» [رواه البخاري (1956)].
ثانياً: الامتزاج بين الدنيا والآخرة في حياة الصحابة:
الزراعة وطلب العلم:عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: « ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الْحَدِيثَ يَسُوقُهُ، قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَجَارٌ لِي مِنْ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهُمْ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ، وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِمَا حَدَثَ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْوَحْيِ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ» [رواه البخاري]. وفيه: أن طالب العلم يجعل لنفسه وقتاً يتفرغ فيه لأمر معاشه وحال أهله.وأَنَسٌ رضي الله عنه «كَانَ لَهُ بُسْتَانٌ يَحْمِلُ فِي السَّنَةِ الْفَاكِهَةَ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ فِيهَا رَيْحَانٌ كَانَ يَجِيءُ مِنْهُ رِيحُ الْمِسْكِ» [روه الترمذي وحسنه: سنن الترمذي (3768)].
رعي الغنم:عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةِ الْجَبَلِ يُؤَذِّنُ بِالصَّلاةِ وَيُصَلِّي فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل : انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاةَ يَخَافُ مِنِّي؛ قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي وَأَدْخَلْتُهُ الْجَنَّة" [رواه النسائي (660)]. التجارة:قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: 275].وقال : {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ الآية لآيات لقوم يتفكّرون} [البقرة: 164]. وقال تعالى: {وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [فاطر: 12].وقال البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه: بَاب الْخُرُوجِ فِي التِّجَارَةِ وَقَوْلِ اللَّهِ تعالى: {فَانْتَشِرُوا فِي الأرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}،[الجمعة: 10] كتاب البيوع: باب الخروج في التجارة". قال ابن المنيِّر: «غرض البخاري إجازة الحركات في التجارة ولو كانت بعيدة خلافاً لمن يتنطع ولا يحضر السوق» [فتح الباري]. وسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَفْضَلِ الْكَسْبِ فَقَالَ: " بَيْعٌ مَبْرُورٌ، وَعَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ". [رواه الإمام أحمد (15276)]. ونقل ابن حجر رحمه الله عن الزبير بن بكار في "الموفقيات" من حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: "خرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه تاجراً إلى بصرى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ما منع أبا بكر حبه لملازمة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا منع النبي صلى الله عليه وسلم حبه لقرب أبي بكر عن ذلك لمحبتهم في التجارة" هذا أو معناه. وعَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا"، قَالَ: «وَكَانَ إِذَا بَعَثَ سَرِيَّةً أَوْ جَيْشًا بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَكَانَ صَخْرٌ رَجُلا تَاجِرًا، وَكَانَ إِذَا بَعَثَ تِجَارَةً بَعَثَهُمْ أَوَّلَ النَّهَارِ، فَأَثْرَى وَكَثُرَ مَالُهُ..". قَالَ أَبُو عِيسَى: "حَدِيثُ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ حَدِيثٌ حَسَنٌ». [سنن الترمذي (1133)]. وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ". [رواه البخاري (1932). فهذه الشّريعة الإسلامية المباركة بمبادئها المبثوثة في القرآن والسنّة وبالتطبيق العملي لها من قِبَل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه تحثّ على العمل للدنيا والآخرة، وتذمّ البطالة والكسل ومدّ اليد إلى الناس.
إنّ قضية الفصام بين طريق الدنيا وطريق الآخرة جعلت عامل الاحتساب يغيب عند الكثيرين الذين ضاقت عقولهم عن استيعاب أن ينوي الإنسان بعمله الدنيوي وجه الله، ففقدوا أجراً عظيماً كان يمكنهم تحصيله لو احتسبوا الأجر في أعمال دنيوية وأرادوا بطعامهم ونومهم وإتيانهم اللذات المباحة أرادوا الدار الآخرة؛ "إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي". ولكن هاهنا مسألة مهمة وهي: ما هي الضوابط الشرعية للأعمال الدنيوية حتى لا تكون وبالاً على صاحبها، وحتى لا تنفلت الأمور وينصرف الناس عن الآخرة إلى الدنيا؟
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلامِهَا نَظْرَةً، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: "اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ؛ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلاتِي». وفي رواية: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «كُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى عَلَمِهَا وَأَنَا فِي الصَّلاةِ فَأَخَافُ أَنْ تَفْتِنَنِي". [رواه البخاري (373)]. خَمِيصَةٍ: كساء مربّع لَهَا أَعْلامٌ، الأَنْبِجَانِيَّة: كساء غليظ ليس له أعلام. الدنيا تشغل شغلاً لا بدّ منه، والتفرّغ للعلم أو العبادة عزيز ونادر، وكثيراً ما يكون شاقّا حتى في العهد الأول. يحدّثنا عن ذلك أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه فيقول: "إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ!! وَلَوْلا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا، ثُمَّ يَتْلُو: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} إِلَى قَوْلِهِ: {الرَّحِيمُ} [البقرة: 159]، « إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالأسْوَاقِ، وَإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنْ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمْ الْعَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشِبَعِ بَطْنِهِ، وَيَحْضُرُ مَا لا يَحْضُرُونَ، وَيَحْفَظُ مَا لا يَحْفَظُونَ». قال البخاري: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «إِنَّكُمْ تَقُولُونَ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَقُولُونَ: مَا بَالُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ لا يُحَدِّثُونَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِنَّ إِخْوَتِي مِنْ الْمُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمْ صَفْقٌ بِالأَسْوَاقِ، وَكُنْتُ أَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مِلْءِ بَطْنِي، فَأَشْهَدُ إِذَا غَابُوا، وَأَحْفَظُ إِذَا نَسُوا، وَكَانَ يَشْغَلُ إِخْوَتِي مِنْ الأَنْصَارِ عَمَلُ أَمْوَالِهِمْ، وَكُنْتُ امْرَأً مِسْكِينًا مِنْ مَسَاكِينِ الصُّفَّةِ أَعِي حِينَ يَنْسَوْنَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثٍ يُحَدِّثُهُ: "إِنَّهُ لَنْ يَبْسُطَ أَحَدٌ ثَوْبَهُ حَتَّى أَقْضِيَ مَقَالَتِي هَذِهِ ثُمَّ يَجْمَعَ إِلَيْهِ ثَوْبَهُ إِلا وَعَى مَا أَقُولُ"، فَبَسَطْتُ نَمِرَةً عَلَيَّ حَتَّى إِذَا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَقَالَتَهُ جَمَعْتُهَا إِلَى صَدْرِي فَمَا نَسِيتُ مِنْ مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ مِنْ شَيْءٍ» [رواه البخاري (2047)].فمسألة التفرّغ هذه قد لا يُطيقها في عصرنا إلا من كان لديه إرث كبير، أو عقار دارّ لا يحتاج إلى مزيد متابعة، أو قريب ينفق، أو جهة خيرية تدعم وتَمدّ.. وهذا مهمّ للتفوّق والنبوغ في العلم مثلاً؛ لأنّ العلم كثير لو أعطيته كلّك أعطاك بعضه، ثمّ ليس كلّ النّاس ولا أكثرهم عندهم الأهلية للنبوغ في العلم،
هل يُمكن أن يُمارس الإنسان أعمالاً أخروية من خلال عمل دنيوي؟
إليكم هذه القصّة، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلاةٍ مِنْ الأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ أي توجّه وقصد فَأَفْرَغَ مَاءهُ فِي حَرَّةٍ الأرض الصلبة ذات الحجارة السوداء، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ والشّراج مسايل الماء قَدْ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلانٌ، لِلاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، لِمَ تَسْأَلُنِي عَنْ اسْمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ لاسْمِكَ! فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟! قَالَ: أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ"، وفي رواية: "وَأَجْعَلُ ثُلُثَهُ فِي الْمَسَاكِينِ وَالسَّائِلِينَ وَابْنِ السَّبِيلِ" [صحيح مسلم (5299)]. في هذا الحديث فضل الصدقة والإحسان إلى المساكين وأبناء السبيل، وفضل أكل الإنسان من كسبه، والإنفاق على العيال. إذن من الخطأ أن نتصوّر أن العمل الدنيوي منفصل تماماً عن عمل الآخرة، وأنّه لا يُمكن احتساب شيءٍ أُخْروي من خلال العمل الدنيوي، ولكن الأعمال الدنيوية إذا لم تنضبط بضوابط الشّرع كانت وبالاً على صاحبها.
فما هي يا تُرى التوجيهات التي وردت في الشريعة بشأن هذا الموضوع؟ إليكَ أخي، إليكِ أختي بعضها:
الإيمان بحقارة الدنيا وتفاهتها:
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "أَلا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا؛ إِلا ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا وَالاهُ، وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ" قَالَ أَبُو عِيسَى: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ» [سنن الترمذي (2244)]. قوله: «إن الدنيا ملعونة» أي: مبغوضة من الله لكونها مُبعِدة عن الله. «ملعون ما فيها» أي: مما يشغل عن الله. « إلا ذكرُ الله» بالرفع..«وما والاه» أي: أحبه الله من أعمال البر وأفعال القرب.
الزهد في الدنيا وعدم تعلّق القلب بها:
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ازهد في الدنيا".فإذا كانت الأموال بمثابة الحمار الذي يركبه والكنيف الذي يدخل لقضاء حاجته فهذا ليس متعلقاً بالدنيا مع متاجرته وعمله. وسئل الإمام أحمد: "أيكون الرجل زاهداً وعنده مائة ألف؟" قال: "نعم، بشرط أن لا يفرح إذا زادت، ولا يحزن إذا نقصت".
عدم الانشغال بها عن الآخرة:
قال تعالى: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37]، كقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [المنافقون: 9] الآية، وقوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الجمعة: 9] الآية، يقول تعالى لا تشغلهم الدنيا وزخرفها وزينتها وملاذ بيعها وربحها عن ذكر ربهم الذي هو خالقهم ورازقهم، والذين يعلمون أن الذي عنده هو خير لهم وأنفع مما بأيديهم؛ لأن ما عندهم ينفذ وما عند الله باق. عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه رأى قوماً من أهل السوق حيث نودي للصلاة المكتوبة تركوا بياعتهم ونهضوا إلى الصلاة فقال عبد الله بن مسعود: "هؤلاء من الذين ذكر الله في كتابه (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله..) الآية". وهكذا روى عمرو بن دينار القهرماني عن سالم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان في السوق فأقيمت الصلاة فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد فقال ابن عمر: "فيهم نزلت (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله)". وقال عمرو بن دينار الأعور: "كنت مع سالم بن عبد الله ونحن نريد المسجد، فمررنا بسوق المدينة وقد قاموا إلى الصلاة وخمروا متاعهم، فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد فتلا سالم هذه الآية (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) ثم قال: هم هؤلاء". وقال مطر الوراق: "كانوا يبيعون ويشترون ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه وأقبل إلى الصلاة".
القناعة:
نصيبك مما تجمع الدهرَ كلَّه رداءان تُلوى فيهما وحَنوطُ
وقال آخر:
هي القناعة لا تبغي بها بدلا فيها النعيم وفيها راحة البدن
انظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن
ترك محرّماتها وعدم الافتتان بزخرفها:
قال تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}[طه: 131].
إخراج حقوق الله من ممتلكاتها:
تسليم حقّ المال زكاة المال، والزّرع وآتوا حقّه يوم حصاده، النفقات الواجبة على الزوجة والأولاد والوالدين المحتاجين والصدقات: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245].
الالتزام بالأحكام الشرعية في الاكتساب والإنفاق:
وهي لما أباحت أنواع المكاسب الطيّبة جعلت ضوابط وحدّت حدوداً من تعدّاها في عمله الدنيوي وقع في المحظور، ودخل في الذمّ والوعيد. فمن ذلك: أن لا يعمل محرّماً ولا يبيعه؛ كخمر وخنزير، ولا يغشّ ولا يحتكر. وجاءت الشّريعة كذلك بتحريم المضارة بالآخرين، وتحريم الدّخول في الوظائف المحرمة، وتحريم بيع المحرمات، ومنع تأجيرها، واستيفاء الشروط الشرعية في البيع؛ كالتراضي، وتحديد الثمن، وأن لا يبيع ما لا يملك.. وهكذا، وعدم مخالفة ذلك، وعدم الإنفاق في المحرمات لا شراء ولا استئجاراً. وحسن القصد والنيّة الحسنة:بأن يقصد بتجارته وجه الله لا الأشر ولا البطر، ولا التفاخر ولا التكاثر، وأن يقصد إعفاف نفسه عن سؤال الناس والاستغناء عن الخلق، والإنفاق على نفسه وأهله وكلّ من تلزمه نفقتهم من الأقارب، وصلة الرحم وأداء حقّ المال من الزكاة والصّدقة والإنفاق في كلّ ما يحبّه الربّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.