المحكمة: قانون المناقصات خلا من نص يجيز للمحافظين فرض تبرعات إجبارية على شركات الاستثمار أرست المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة فحص، برئاسة المستشار أحمد منصور نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين ناصر رضا عبد القادر والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائبى رئيس مجلس الدولة، مبدأ مهماً فى مجال تشجيع الاستثمار خلال تنفيذ الالتزامات العقدية مع الجهات الإدارية بحظر قيام المحافظين بإجبار الشركات العاملة فى مجالات الاسثمار بالتبرع لصندوق العاملين بالمحافظة, وقضت بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من محافظ الفيوم للمطالبة بمبلغ (52.564) اثنين وخمسون ألف وخمسمائة وأربعة وستون جنيهاً خصمتها المحافظة من حساب أحد المتعاقدين فى الاستثمار العقارى كتبرع إجبارى لحساب صندوق التكافل للعاملين بالإدارة المحلية بمحافظة الفيوم, وألزمت المحافظ بصفته المصروفات. وقالت المحكمة إن المشرع الدستورى وضع أصلا عاماً مقتضاه عدم تكليف أحد بأداء ضريبة إلا إذا صدر بها قانون أما الرسم وهو مبلغ من المال يجبيه أحد الاشخاص العامة من الأفراد نظير خدمة معينة تؤديها الدولة إليه فلا يجوز فرضه إلا بناء على قانون يكتفى فيه بتقرير مبدأ الرسم تاركاً شروط دفعه وتحديد سعره إلى سلطة أخرى , وأنه باستقراء نصوص قانون تنظيم المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية فإنها قد خلت من ثمة نص يجيز للمحافظين فرض تبرعات اجبارية على شركات المقاولات مقابل قيامها بإسناد عمليات الاستثمار العقارى أو الحصول على أية أتاوات أو رسوم غير مستحقة على اسناد أعمال مقاولات إليها سوى الالتزامات المتبادلة والمتقابلة بين طرفى العقد. وذكرت المحكمة أنه لا يجوز للمحافظين تحصيل أية مبالغ أخرى من المتعاقد مع المحافظة تحت مسمى تبرع أو خلافه مالم يكن ذلك تعبيراً صريحاً في صلب العقد , ذلك أن التبرع يجب أن يكون واضح الدلالة فى نية المتبرع ومقصده وإلا حاد المحافظ وأجهزته التنفيذية والمحلية والإدارية عن الأوضاع والإجراءات القانونية التى لا معدى من التقيد بها فى هذا المضمار , وبهذه المثابة فلا يجوز للمحافظ أو أجهزته المحلية أو الإدارية تحصيل مثل هذه المبالغ في مجال الالتزامات التعاقدية , تحت أى مسمى ولو كانت تبرعات لمجافاة ذلك أحكام الدستور والنظام العقدى , وعدم استقامته على سند صحيح من القانون. وأضافت المحكمة أن المطعون ضده قام بتنفيذ عملية إنشاء عشرة عمارات سكنية بناحية طامية لحساب مديرية الاسكان بمحافظة الفيوم وذلك بموجب عقد مقاولة بينه وبين مديرية اسكان الفيوم بمبلغ اجمالى أربعة مليون وأربعمائة وخمسة ألف وأربعمائة أربعة وعشرون جنيهاً, وكان يقوم بصرف مستحقاته عن هذه العملية من ديوان عام محافظة الفيوم, إلا أنه عند إجراء الحساب الختامي للعملية فوجئ بخصم مبلغ ( 52.564 جنية ) اثنين وخمسون ألف وخمسمائة وأربعة وستون جنيهاً من مستحقاته, وذلك كتبرع اجبارى لحساب صندوق التكافل للعاملين بالإدارة المحلية بمحافظة الفيوم , استناداً لبيان صادر من ديوان عام محافظة الفيوم, وهذا الرسم المذكور لم يرد سواء في كراسة الشروط أو فى صلب عقد المقاولة فلم يكن من بين بنوده وشروطه ، كما أن الجهة الإدارية حال فرضها لهذا الرسم لم تقم بإتباع الإجراءات القانونية لفرض الرسم بأن يكون هذا الرسم مقابل خدمة حقيقية قدمتها الجهة الإدارية فى مجال التزامها العقدى للمطعون ضده، ومن ثم تكون الجهة قد خالفت القانون حين قامت بخصم نسبة هذا الرسم من مستحقات المطعون ضده المالية وهى رسوم منبتة الصلة بعقد المقاولة ، مما يتعين معه إلزامها بأن ترد له هذا المبلغ المحصل منه دون وجه حق. واختتمت المحكمة أنه لا يتبدل القول لديها أن محافظ الفيوم أنشأ صندوق اسكان اقتصادى لصالح العاملين بالإدارة المحلية تخصم مبالغ ضئيلة بنسب معينة من قيمة العمليات التى تبرمها الجهة الإدارية مع المقاولين بحجة أنها لوائح حكومية يتعين على شركات المقاولة الالتزام بها , فمثل ذلك القول فضلاً عن مخالفته لأحكام الدستور فإنه يتعارض مع ألفاظ وبنود عقد المقاولة المذكور التى جاءت خالية منه , وهى شروط صريحة فى مبانيها , واضحة في مراميها , وقاطعة الدلالة فى مقاصدها ومعانيها , فلا يجوز الانحراف عنها وابتداع معنى وتفسير لها يجافى ما اتفق عليه الطرفان بمقولة أن مؤدى صندوق العاملين بالإدارة المحلية وتفسيره أن الطرفين اتفقا على أن يكون جزء من نصوص العقد وهى منه براء ، فذلك التفسير الوارد في تقرير طعن الإدارة ينطوي على محاولة منها على إقحام التزامات لم يأت بها العقد بسلطان وخلت الأوراق مما يقطع بأنها كانت محل توافق وتراضي بين الطرفين على نحو لا يقبل منها التنصل من شروط التعاقد التى ما جنحت أو مالت إلى مخالفة عقد المقاولة.