مهنة قديمة منذ العصور الفرعونية، مازالت متواجدة حتى يومنا هذا، تبدأ من تخمير التراب، ليمر بمحطات وتحوله إلى أواني متعددة الألوان للطهي والشراب، أو أدوات زينة للمنازل، على يد فنانين تشكيليين، اكتسبوا هذه الصناعة بالوارثة، أو التعلم من آخرين، دون اللجوء إلى دراسة. وللتعرف أكثر إلى تلك مهنة التقت "الفجر" ب"ناصر بدوي" أحد صناع الفخار، بمحافظة الأقصر، فيقول إنه تعلم هذه الصناعة، منذ صغره عندما كان عاملًا في إحدى الورش، وبدأ بممارستها بعد اتقانها، ليقوم بعمل ورشة خاصة به. ويشير بدوي إلى أن صناعة الفخار تتطلب في الوقت الحالي بداية شراء التربة، والذي يختلف نوعه بحسب الاستخدام سوءً طمي أو أصوانلي، لتبد المحطة الأولى بتخميره ليلًا، لبدء العمل صباحًا باكرًا. وأوضح أن مرحلة تخمير الطينة من أهم المراحل ويجب مراعاتها تمامًا، لعدم دخول أية مواد أخرى به، كالحصوة، أو القش، وغيرهما، أثناء عجنها، حتى تتماسك جيدًا، ودمجها في بعضها البعض، لتفريغ الهواء منها، وتهيئتها للتقطيع لرفعها على الدولاب الذي يتم عليه مرحلة التشكيل. وتابع الفخاخري، أنه أثناء التشكيل يراعى قطع الطينة بحسب المراد، لافتًا إلى أن هذه الصناعة تعتمد على لمسات فنية بأصابع اليد، عند تشكيل القطعة أثناء تواجدها على "السلندر"، مع حركة الطبلية التي يقوم بتدويرها بقدمه من الأسفل، لتشكيلها وزخرفتها، مستخدمًا بعض قطرات المياه للتحكم في القطعة. واستطرد، أنه يمكن صنع قطع كبيرة كالأزيار لشرب المياه، وقصاري الزرع، وغيرها بتغيير "السلندر" لتركيب "فلنشة" أكبر، لتوسيع المساحة التي يتم التشكيل عليها، والعكس في القطع الصغيرة بتركيب "فلنشة" أصغر. وعن القطع الصغيرة التي يمكن صناعتها، أشار إلى أنه من الممكن تصنعيه أواني كحلل للطهي، وطواجن تستخدم في حفظ الأكل ساخنًا لفترات طويلة، وهذا ما يفضله المواطنين، خاصة في الشتاء، كما يمكن صنع "مجات"، وأشكال عديدة، كطفايات السجائر وفازات، وشمعدان، وغيرها، لتأتي بعد ذلك مرحلة حرقها في النار، ليصبح جاهزًا للاستخدام كما كان قديمًا. أما عن تطور المهنة، أكد أنه بتطور الزمن، دخلت مراحل جديدة بعد عملية الحرق، وهي التجليز، وفيها يلون الاناء بالبطانة البيضاء، عن طريق أكسيد من الجليز، ثم يحرق مرة أخرى، وكذلك مرحلة الأوفر جليز التي يتم من خلالها رسم الزخارف على القطعة، والتي يقوم بها فنانين من خريجي كليات الفنون الجميلة، ثم يحرق للمرة الثالثة. ولفت، إلى أن هناك طريقتين للحرق، الأولى والتي كانت تستخدم قديمًا عن طريق تجميع الحطب أو النشارة، وما زالت تستخدم في حرق "الشغل السوقي"، كالأزيار وقصارى الزرع، والقطع الغير ملونة، أما عن أدوات الطهي والقطع المزخرفة فيتم حرقها بداخل أفران الخزف، لمنعها دخول التراب لما تم تلوينه.