أثار اختيار الفيلم الجديد للمخرج المغربي نبيل عيوش للمشاركة في مسابقة جوائز الأوسكار الأميركية، جدلا مستمرا في الساحة الفنية المغربية، بسبب اتهام اللجنة المكلفة بالانتقاء، بالمحاباة وتغليب العلاقات الشخصية وكذلك نتيجة عدم استجابة الفيلم إلى شروط المشاركة في المسابقة. وكان المركز السينمائي المغربي، أعلن في بيان قبل أيام عن اختيار فيلم "غزية"، لمخرجه نبيل عيوش لتمثيل المغرب في مسابقة جوائز الأوسكار للسنة المقبلة في فئة أفضل فيلم أجنبي، موضحا أن لجنة قامت بانتقاء هذا الفيلم من بين مجموعة من الأعمال، وفقا للمعايير والضوابط المقررة في أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية، وذلك عقب الاجتماع الذي عقدته اللجنة برئاسة الفنان والرسام ماحي بينبين. غير أن عملية ترشيح هذا الفيلم لهذه المسابقة العالمية، قوبلت بالرفض من طرف عدد من السينمائيين والنقاد الذين ندّدوا بالطريقة التي وقع بها اختيار هذا الفيلم، والتي وصفوها بالغير قانونية كون هذا الفيلم لا تتوفر فيه شروط المشاركة لأنه لم يعرض في القاعات السينمائية مثلما تنص على ذلك قوانين مسابقة جوائز الأوسكار، كما احتجوا على اللجنة التي وقع تكليفها للاختيار. وكانت اللجنة التي أشرفت على الاختيار ترأسها الكاتب والتشكيلي ماحي بينبين، وتشكلت من المخرجة زكية الطاهري والممثلة والمخرجة سامية أقريو والموزعة السينمائية ومستغلة القاعات منية العيادي والموزعة السينمائية سهام الفايدي والناقد السينمائي عمر بلخمار، بالإضافة إلى خديجة فضي ممثلة المركز السينمائي المغربي. المكتب التنفيذي للغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام في المغرب، وصف عملية الانتقاء التي وقع إثرها ترشيح فيلم نبيل عيوش لجوائز الأوسكار ب"الفضيحة" بسبب ما اعتبره "الطريقة الغريبة وغير القانونية التي عينت بها لجنة اختيار الفيلم الذي سيمثل المغرب في المسابقة، مؤكدا أن "العملية تحكمت فيها العلاقات الشخصية والمصالح المادية وغابت فيها الشفافية". وبين في بيان له، أن اللجنة التي قامت بعملية الاختيار تشكلت من أفراد غير منتمين إلى أية غرفة أو هيئة مهنية، حيث جرى "اختيار أشخاص، وبنية مبيتة"، لهم علاقات عمل مباشرة مع منتج الفيلم الذي تم اختياره. واتهمت الغرفة المسؤولين على اختيار الفيلم بتزوير شهادة تثبت أن الفيلم تمّ عرضه لمدة أسبوع في إحدى القاعات السينمائية بمراكش، في وقت يعلم الجميع أن الفيلم المعني لم يقدم له إلى حد الآن أي عرض عمومي في المغرب. وتشير اللوائح التنظيمية للأوسكار أنه من الشروط المطلوبة للترشح لجائزة أفضل فيلم أجنبي أن يكون العمل السينمائي قد عرض على الأقل لمدة أسبوع كامل في بلد الإنتاج. من جهته أكد الإعلامي جمال الخنوسي في تدوينة له على موقعه الإلكتروني "إحاطة"، وجود "مؤامرة تمثلت في اختيار أعضاء لجنة تربطهم علاقات إنسانية مالية أو مصالحية مع المنتج والمخرج نبيل عيوش"، مضيفا أن ذلك "يعكس ما يحدث من فساد وعلاقات مشبوهة وشللية، هدفها فتح الأبواب وتعبيد الطريق والربح الذاتي السريع والفائدة اللحظية، والسطو على كل شيء دون وجه حق". وبيّن الخنوسي في هذا السياق، إن "رئيس اللجنة ماحي بنبين تربطه والمخرج علاقة وثيقة جدا، إذ يشتركان في المجمع الثقافي "نجوم سيدي مومن" في الدار البيضاء، كما أن فيلم عيوش "يا خيل الله" مقتبس من رواية للكاتب ماحي بنبين، وابنة رئيس اللجنة "دنيا" تلعب دورا في فيلم "غزية" المرشح للأوسكار، أمّا المخرجة والممثلة سامية أقريو عضو اللجنة فقدمت المسلسل التلفزيوني "سر المرجان" من إنتاج شركة يملكها نبيل عيوش خلال موسمين، يضاف إلى ذلك أن الممثلة والمخرجة زكية الطاهري عضو اللجنة الأخرى سبق لها أن أخرجت سلسلة "دور بها آلشيباني" التي أنتجها نبيل عيوش عبر شركته العملاقة. وبدوره، وصف الاتحاد الوطني لتنمية الصناعة السينمائية والسمعية البصرية في بيان له، هذا الحدث بالخطأ الجسيم والتصرف المخالف للقانون وللأخلاق المهنية لإدارة المركز السينمائي المغربي ومنتج الفيلم واللجنة. وفي ظل هذا الجدل وحالة التذمر التي سيطرت على المشهد السينمائي المغربي هذه الأيام، طالب المهنيون والنقاد والعاملين في قطاع السينما، وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج بفتح تحقيق في قضية التلاعب التي رافقت عملية ترشيح فيلم نبيل عيوش لتمثيل سينما المغرب في مسابقة الأوسكار والطريقة المشبوهة التي أحاطت بهذه العملية، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتجنب هذا السلوك في المستقبل. ومقابل ذلك، نفى الكاتب ورئيس اللجنة ماحي بينبين، في تصريحات صحفية، الاتهامات الموجهة لهم، موضحا أن اللجنة تداولت بشأن عشرة أفلام مرشحة، انحصر التنافس ضمنها بين "غزية" و"عرق الشتا"، ليتم الاختيار في النهاية على فيلم "غزية" عن طريق أوراق سرية، و"بالإجماع تقريبا"، مؤكدا أن فيلم "غزية" يعد "الفرصة الوحيدة للسينما المغربية بالأوسكار". وتوقع المراقبون أن ألا يقل الفيلم الجديد "غزية" لمخرجه نبي عيوش جرأة عن عمله السابق "الزين للي فيك"، الذي منع من العرض في المغرب، سيما أنه يسلط الضوء على الحريات الفردية، وكانت لجنة المراقبة التابعة للمركز السينمائي المغربي صنفت هذا الفيلم، في خانة الأفلام الممنوعة على الجمهور دون 16 سنة، باعتبار أنه يتضمن مشاهد حميمية لشابات مغربيات يطالبن بحرية الممارسة الجنسية.