تلقى جنود مشاة البحرية الأمريكية المنتشرون في ولاية هلمند المضطربة، معقل حركة طالبان، قرار الرئيس دونالد ترامب بإبقاء قواته في أفغانستان بالترحيب معتبرين أنهم بحاجة لمزيد من الوقت لإتمام مهمتهم. وقال السرجنت جورج كالدويل (30 عاماً) في قاعدة كامب شوراب في ولاية هلمند: "ليس هناك حدّ زمني، لدينا كلّ الوقت لإتمام مهمتنا بشكل جيّد".
وتقع هذه الولاية في جنوبأفغانستان، وهي أكبر الولايات في هذا البلد وأكثرها اضطراباً، وهي تضم 14 منطقة، يسيطر مقاتلو طالبان على 12 منها أو يحاولون السيطرة عليها، وتقول السلطات الأفغانية إنها ليست قادرة على مواجهتهم منفردة.
وبعدما كان عدد الجنود الأمريكيين في هلمند يصل إلى 20 ألفاً، لم يعد يتجاوز الآن 3%، وقد نشرت هذه القوة هناك في أبريل(نيسان) الماضي في مهمة لحلف شمال الأطلسي هدفها مساعدة القوات الأفغانية وتدريبها.
ويبلغ العدد الإجمالي للقوات الأمريكية في أفغانستان 11 ألفاً، ويمكن أن ينضم إليهم 4 آلاف آخرون بموجب السياسة الجديدة التي أعلنها ترامب آخر أغسطس الماضي، ولا يُعلم عدد من سينضمون من هؤلاء الأربعة آلاف الإضافيين إلى زملائهم في هلمند.
وفي الصحراء المحرقة التي تحيط بالقاعدة، يتدرّب الجنود الأفغان على إخراج متمردين من مجموعة من المنازل الصغيرة، وإجلاء الجرحى بالمروحيات، ونزع الأجسام المتفجّرة من الأرض، ويندرج هذا التدريب ضمن برنامج أعدته القوات الأمريكية لتعزيز كفاءة الجنود الأفغان المرابطين على الجبهات.
ويرى الجنرال والي محمد أحمد زادي الذي تولى العام الماضي قيادة الفرقة 215 في الجيش الأفغاني المنتشرة في هلمند، أن الدعم الأمريكي لقواته مهم جداً، ويقول: "جيشنا لم ينضج بعد ليخوض القتال وحيداً".
ويحظى هذا الجنرال الأفغاني بتقدير من القوات الأمريكية على كفاءته العسكرية وأيضاً على صرامته بوجه الفساد.
ويقول قائد قوة التدخل السريع في مشاة البحرية الأمريكية في جنوب غرب هلمند الجنرال رودجر تورنر: "زيادة عدد القوات سيمنحنا القدرة على التحرك السريع، وإن أُضيف إلى ذلك الموارد والمستشارون سنكون أسرع في تحقيق أهدافنا".
ومع أن الرئيس الأمريكي يتحدث عن نصر في أفغانستان من دون تحديد ما يعنيه ذلك، إلا أن تورنر يرى أن القضاء التام على المتمردين في يوم من الأيام ليس أمراً مرجّحاً، ويقول: "لا أعرف ما إن كانت السلطات ستقدر على السيطرة على كل جزء من أراضي أفغانستان".
ويناصر نظرة يراها واقعية تقضي بإرساء تسوية بين الحكومة الأفغانية والمتمردين، بحيث تحتفظ الحكومة بالسيطرة على التجمعات السكنية والبنى التحتية، فيما يبقي المتمردون سيطرتهم على المناطق النائية.
ويؤيد عدد من الخبراء اعتماد هذه السياسة، وبحسب كايت كلارك من شبكة المحللين حول أفغانستان "آي أن أن"، فإن هذه السياسة ستريح الحكومة، لكنها ليست سياسة ترمي إلى هزيمة حركة طالبان.
ورغم التدريب الذي يتلقاه الجيش الأفغاني، ما زالت وحداته تُمنى بخسائر كبيرة في هلمند في معاركها مع مقاتلي طالبان الذين يستمدّون مواردهم من تجارة الأفيون والمعادن.
وما زال مقاتلو طالبان الذي حكموا البلاد بين العامين 1996 و2001، قادرين على اتخاذ المبادرة بشنّ الهجمات، وقد توّعدوا ترامب بأن يجعلوا أفغانستان مقبرة لقواته، ردا على استراتيجيته الجديدة.
وفي الأسابيع الماضية، هزّت ولايةَ هلمند هجمات انتحارية عدة، منها واحد استهدف موكباً عسكرياً أفغانياً وأودى بحياة 13 شخصاً، وبحسب منظمة سيغار الأمريكية بلغ عدد الجنود ورجال الشرطة الأفغان القتلى في الأشهر الخمسة الأولى من العام 2014 أكثر من ألفين و500 شخص في عموم البلد.
وتعاني القوات الأفغانية من ضعف الروح المعنوية، إضافة إلى الإنهاك وحالات فرار كثيرة.
ويبدي بعض الجنود عزماً كبيراً على مواصلة القتال ضد طالبان، ويقول أحد رجال القوات الخاصة الأفغانية في المعسكر "إنهم يحاولون تدمير البلد، ونحن واثقون من أننا قادرون على تحقيق النصر".