"القضاء على الإقطاع، والنهوض بحال الفلاح المصري".. من من أهم مكاسب ثورة 23 يوليو 1952، والتي تم على إثرها انشاء الجمعيات التعاونية، وتحديد نسبة للفلاحين داخل مجلس النواب، بل أنتجت بذرة لتحرر العمال والفلاحين من سيطرة الرأسمالية فقضت على معاملتهم كسلعة تباع وتشترى. فعندما هبت نسائم ثورة يوليو، تم القضاء على الاقطاعيين، ومنح جمال عبد الناصر كل فلاح خمسة أفدنة، وأنشئت جمعيات الإصلاح الزراعي لتتولى استلام الأرض من الملاك، بعد ترك النسبة التي حددها القانون لهم، وتوزيع باقي المساحة على الفلاحين، الذين بدأوا الانتقال من فئة الأجراء المعدومين العاملين بالأرض إلى ملاك آدميين، وصاحب هذا القانون تغيرات اجتماعية عديدة، أسهمت في رفع الفلاح المصري قامته، بعد أن استرد أرضه وأرض أجداده التي حرم من تملكها على مدار آلاف السنين.
إلا أن الأنظمة التالية للرئيس الراحل جمال عبد الناصر لم تمنح الفلاح التسهيلات التي تضمن له الحفاظ على أرضه وعلى مهنته التي طالما بذل فيها كل ما لديه من جهد. وجاءت ثورة 25 يناير 2011، دون أن تمنح الفلاح شيئا، ثم تبعتها الموجة الثانية في 30 يونيو، التي يمكن القول إنها أيضا تجاهلت الفلاح، لكنها فيما بعد أسفرت عن كتابة دستور مصري جديد يرعى الفلاح ويضمن حيا ة كريمة له ولأسرته.
الحال لم يتغير في البداية يقول جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعي بكلية الزراعة جامعة القاهرة، إن ثورة 23 يوليو قامت لأجل القضاء على الفروق الاقتصادية وعودة حقوق الفلاحين، ورغم قوانين الإصلاح الزراعي إلا أن الحال لم يتغير إلا بشكل ضئيل، موضحًا أن في ثورة 23 يوليو الثورة أعطت الأولية لقطاع الصناعة والزراعة، وكانت الزراعة لها الأولوية في الاستثمارات إلى منتصف عام 1980، فكان يتواجد سياسة زراعية قوية، وأصناف عالية الإنتاج ساهمت في انتعاش الاقتصاد المصري.
وتابع"صيام"، أن نصيب الزراعة في الاستثمارات العامة 3% فقط، بالرغم من الزراعة مرتبط بها حوالي 50% من سكان مصر، وهنا لا توجد عدالة في توزيع الاستثمارات لاسيما وأن القطاع الزراعي به 70% من فقراء مصر، ومرتكزين في الريف، مشيرًا إلى أن الفجوة الغذائية لازالت متسعة، فنصف طعامنا بنستورده من الخارج، لافتًا إلى أنه التنمية الزراعية كانت بحاجة لاهتمام أكثر من الحكومة وأن تضعها أولى اهتمامتها؛ ولكن ما حدث العكس.
وأشار أستاذ الاقتصاد الزراعي، إلى أن حال الفلاح تحسن بنسبة ولكن ضئيلة منذ مرور ثورة 23 يوليو حتى الأن، فالفجوة بين الريف والحضر لازالت موجودة، والفجوة الغذائية مرتفعة، والتحسن الملحوظ في الموارد المائية فقط، موضحًا أن بعد ثورة 23 يوليو، تم تحديد أصناف معينة من القطن المصري كطويل وقصير ومتوسط التيلة، ومن ثم تم بناء 1000 مصنع للغزل والنسيج، أما الآن فهناك ملاين القنطار من القطن مخزنة من الموسم المنقضي ولم يتم بيعها بسبب إلغاء مجلس الوزراء قرار وقف استيراد القطن.
انعدام الأمان الاجتماعي من جانبه قال محمد برغش، الملقب ب"الفلاح الفصيح"، إن ثورة 25 يناير أحسن حال من الآن، نظرًا لعدم معاناة الفلاح في بيع المحاصيل، فضلا عن ارتفاع مستلزمات الإنتاج حاليا من 30%:50%، وأسعار الأسمدة 20% ولم نستطيع أن نصدر الموالح.
وأضاف "برغش" في تصريحات خاصة ل"الفجر"، أن بعد ثورة 25 يناير انخفضت حاصيلات التصدير من الحصيلة الزراعية بنسة ما تتراوح من 50%:60%، لافتًا إلى أن الدولة تدعم المصدرين ب2 مليارو200 مليون جنية ولم تدعم الفلاح المصري" صاحب المنتج النهائي للسلع"، مؤكدًا أن حال الفلاح المصري لن ينصلح إلا بحالة واحدة أنه يدرك أن هناك مؤامرة خبيثة على الزراعة المصرية تستهتدف الأمن القومي المصري عن طريق الفلاحين والزراعة المصرية_بحسب قوله.
وتابع "برغش": أننا " منذ ثورة 23 يوليو كنا قوة اقتصادية، بالرغم من أنهم كانو يعملو عمال "أجرة" ومعدمين، وكان الحال أصعب في العمل لقلة الموارد لكن الحالة الاقتصادية عقب الثورة اانتعشت وتحقق الأمان الاجتماعي للفلاح المصري داخل الوطن، وانعكس ذلك على الحالة الاقتصادية داخل القرية المصرية، بعكس ما هو عليه الأن".