قبل عام واحد فقط وعند دخولك إليه، كان صوت الزبائن والتجار، يغطي أرجاء المكان، خلية نحل كانت هنا، كيف تحول المكان فجأة إلى مسرح صامت، معظم المتواجدين به أرهقتهم قرارات الحكومة المتعددة على مدار عامين. في سوق البلح تحديدا في الساحل بمنطقة شبرا، كان قبلة للعديد من المواطنين قبل بداية شهر رمضان، لشراء البلح، حيث الأنواع الكثيرة بأسعار رمزية لمحدودي الدخل، فجأة كل شئ قد ذهب، أصبحت الاختيارات محدودة لضيق اليد بفعل آثار تحرير سعر الصرف، الذي جعل سهم الأسعار في ارتفاع. أكوام من البلح في أجولة تبحث عن من يشتريها، وجوه التجار يغلب عليها اليأس، لم يعد فيها البهجة المعهودة عند إقبال الزبائن، ولا حتى تلك الأموال التي اعتادت جيوبهم على استقبالها عند نهاية كل يوم. أنواع كثيرة من البلح متراصة إلى جانب بعضها تعلوها اللافتات، لجأ التجار إلى تسميتها تارة بالإشارة إلى الأوضاع السياسية المختلفة، حين تلمح عيناك "حلب تحترق"، "ليلة سقوط بغداد"، "شهداء رفح". كما كان لكلمات الرئيس عبدالفتاح السيسي في معظم خطاباته نصيبا أيضا، حين لجأ أحدهم إلى تسمية البلح "احنا فقرا أوي". أغاني الزمن الجميل كانت حاضرة بقوة على لافتات أجولة البلح، منها " ثورة الشك، حبيب الروح، رمش عين، دارت الأيام"، كما لجأ بعضهم إلى تسميته باسم المسلسل الشهير "حريم السلطان". "الأسعار غالية والناس مش لاقية"، يقولها أحد التجار متندرا بالأيام السابقة حينما كان سعر كيلو البلح ب9 جنيهات. وأضاف، أن سوق البلح في الوقت الحالي يشهد ركودا غير مسبوق بسبب ارتفاع الأسعار التي تراوحت، بين 30 و40 جنيها، ما جعل المواطنين لا يقبلون على شرائه. رغم لجوء التجار على غير المعتاد إلى ابتكار أساليب جديدة في الدعاية، من خلال اللافتات المعروضة بأسماء لخصت الوضع الحالي، لجذب المزيد من المواطنين لشراء البلح، إلا أن التعويم كان سيد الموقف في حسم القرار بتقليل المعروض وعزوف المواطنين عن الشراء.