انتابت حالة من السعادة الأوساط السياسية الإسرائيلية، فور الإعلان عن فوز إيمانويل ماكرون بانتخابات الرئاسة الفرنسية، بفارق أصوات كاسح عن مرشحة اليمين مارين لوبان. وترى إسرائيل فى فوز «ماكرون» تحولا جديداً فى شكل العلاقات الدبلوماسية مع فرنسا، بعدما شهدت كساداً ملحوظاً خلال فترة ولاية الرئيس السابق فرانسوا أولاند، ووصفت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية فوزه انتصاراً لإسرائيل وللطائفة اليهودية هناك. احتشد معظم أفراد الطائفة اليهودية بفرنسا لتكوين جبهة ضد مارين لوبان، التى أيدت من قبل اقتراح إلغاء بعض العادات اليهودية الأصيلة، مثل الذبح على الطريقة التوراتية وختان الذكور، واتربط الرئيس الفرنسى الجديد بعلاقات وطيدة مع عدد كبير من أبناء الطائفة اليهودية ويمتلك أصدقاء منهم، معظمهم رجال أعمال، توطدت علاقته بهم خلال عمله فى مصرف «روتشيلد» الذى يحمل اسم ملياردير يهودى شهيراً. ليس ذلك فحسب، بل يُعتبر الرئيس الجديد من أشد الداعمين والمؤيدين لإسرائيل، حيث رفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية بشكل فردى، ورغم تأييده لحل إقامة الدولتين، إلا أنه يرى أن الاعتراف أحادى الجانب بالدولة الفلسطينية لن يفيد الطرفين، وأثناء فترته كوزير للاقتصاد، خلال الفترة من 2014 حتى 2016، اتخذ موقفاً حاسماً من حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات «BDS»، والتى تبنتها 171 منظمة فلسطينية غير حكومية، ضد إسرائيل، لتنصاع للقانون الدولى والمبادئ العربية لحقوق الإنسان. وسبق أن استضافه أرييه درعى، وزير الاقتصاد الإسرائيلى قبل عام ونصف العام، لقضاء إجازته فى تل أبيب، كما تربطه علاقة وطيدة حتى الآن بزعيم حزب «هناك مستقبل» ووزير المالية الأسبق «يائير لابيد»، الذى قال عنه أمس فور الإعلان عن فوزه بالانتخابات «ماكرون مؤيد لنا بشكل كبير، وعلى إسرائيل أن تفرح هذه الليلة، فهو رجل عاقل ومتزن إلى حد بعيد»، وبنفس الصيغة أعرب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو فى برقية التهنئة التى أرسلها للرئيس الفرنسى الجديد، عن أمله فى التعاون ومواجهة التحديات وأبرزها الإرهاب الإسلامى الذى ضرب باريس والقدس. وأوضحت الصحيفة أسباب هذا التعاطف مع الرئيس الفرنسى الجديد، ففرنسا فى عهد الرئيس السابق «أولاند» حاولت مراراً التدخل فى المفاوضات بين إسرائيل وفلسطين، دون تنسيق المواقف مع الإسرائيليين، بالإضافة إلى توجيه النقد الدائم لحكومة تل أبيب، وتوقعت الصحيفة أن تشهد ولاية «ماكرون» حالة من التعاون والتنسيق الكامل مع حكومة نتنياهو. ويرى بعض الخبراء الإسرائيليين إمكانية استمرار سياسة فرنسا الخارجية تجاه تل أبيب، كما كانت فى عهد الرئيس السابق «أولاند»، دون حدوث تغييرات استراتيجية كبيرة، خاصة أن الصعوبة التى قد تواجه «ماكرون» خلال المرحلة المقبلة، تتجسد فى عدم وجود حزب يدعمه فى الوقت الحالى، وهو ما يعنى أن حشد أكبر عدد من المؤيدين سيكون على رأس أولويات الرئيس الجديد، لتشكيل كتلة برلمانية خلال الانتخابات المزمع عقدها بعد شهر ونصف الشهر من الآن، وحجم هذه الكتلة سيحدد بشكل كبير قدرة «ماكرون» على اتخاذ قرارات اقتصادية وأمنية.