علم الاقتصاد نشأ مع البدايات الأولى للبشرية، لارتباطه بإدارة الموارد التى يحتاج إليها الإنسان لمواصلة معيشته أو تحسينها ، لذا تراكم تراث ثقافى كبير على مدى التاريخ لأعمال لمفكرين وعلماء وأصحاب النظريات، الذين تعايشوا مع الأزمات واوجدوا الحلول لها التى تصلح لكافة العصور لذا نستعرض تاريخهم ونظريتهم على صفحات "بوابة الفجر". ومن هؤلاء العلماء، جون مينارد كينز، الذى ولد في 5 يونيو 1983 م بكامبريدج ،وهو صاحب أحدث ثورة في علم الإقتصاد،وأحد أعظم المُفكرين الإقتصاديين فى التاريخ، حيث يُعد المؤسس الفعلي لعلم الإقتصاد المعاصر، وكل التطورات اللاحقة في علم الإقتصاد اعتمدت على النظرية الكينزية، فقد ذاعت شهرته في العالم كمؤسس للنظرية الكينزية. وكان تلميذاً للاقتصادى المشهور ألفرد مارشال، ثم أصبح أستاذاً الاقتصاد في كلية كينغ، ألف الكثير من المؤلفات التي تُرجم معظمها إلى اللغات الأجنبية، وتُرجم بعضها إلى العربية. من مؤلفاته "النتائج الاقتصادية للسلام" ، "بحث في الإحتمالات" ، "الإصلاح النقدي" ، "بحث في النقود"، وكتابه المشهور جداً "النظرية العامة في العمالة والفائدة والنقود" الذي كان له دور كبير في تخليص علم الاقتصاد من جمودية المدرسة التقليدية الكلاسيكية. كانت حياة كينز مزدوجة، فمن ناحية الحياة الخاصة، فقد كان ذواقًا للفن، مرتبطًا بمجموعة بلومزبري، ومن ناحية أخرى، كان شخصية عامة، اقتصادي واستشاري سياسي. بعد تخرجه في جامعة كمبردج، عمل كينز موظفاً مدنياً، ثم إنتقل إلى مكتب الهند في وزارة الدفاع البريطانية ، ونتيجة لذلك تولى مهمة كبرى في تدقيق الوضع المالي والنقدي الهندي قبل الحرب العالمية الأولى. مع اندلاع الحرب عاد إلى العمل في الخزينة البريطانية مسؤولاً عن العلاقات مع حلفاء بريطانيا، بشأن توفير العملات الأجنبية لتمويل الحرب. دافع كينز عن سياسات التدخل الحكومية في الاقتصاد، حيث تتدخل الحكومات عن طريق إجراءات مالية ونقدية لتخفيف الآثار العكسية للركود الاقتصادي والكساد والوفرة الاقتصادية. وتعتبر أفكاره الأساس لمدرسة في الاقتصاد تعرف باسم الاقتصاد الكينزي، كما كانت المحرك للسياسات الاقتصادية للرئيس الأميركي باراك أوباما وزعماء آخرين لإنقاذ الاقتصاد من الركود. ألف كتابه الشهير جدا "النظرية العامة في التشغيل والفائدة والنقود" عام 1936، وكانت هذه النظرية بمثابة طوق النّجاة للاقتصاد العالمي للخروج من أزمته الطاحنة. كما عارض النظرية الكلاسيكية التي كانت من المسلمات في ذلك الوقت، وحول أنظار الاقتصاديين إلى علم الاقتصاد الكلي. كما كان هو صاحب النظرية الكينزية في الاقتصاد التي ظهرت في فترة حرجة من تاريخ العالم، وهي تلك التي امتدت بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، حيث خيمت أصعب فترات الأزمة الاقتصادية الكبرى. وقد جاءت النظرية الكينزية لتناهض -إلى حد بعيد- النظرية الكلاسيكية في الاقتصاد التي جاء بها آدم سميث. وكان لنجاح النظرية الكينزية أصداء كبيرة في العالم في خمسينيات وستينيات القرن الماضي حتى إن جميع الحكومات الرأسمالية في العالم طبقتها. وقد كان لجون مينارد كينز عدة اهتمامات ثقافية وكان شخصية محورية في ما سُمي مجموعة بلومزبري، المؤلفة من فنانين وكتاب بارزين في بريطانيا. وعلى الرّغم من أثر كينز في إنقاذ الاقتصاد العالمي عامة، والاقتصاد الأمريكي خاصة (لنفوذ الدولار)، إلّا أن العديد من الباحثين يرون إشكاليات من نظريات كينز تجعل منها قصيرة المدى، ولا تعتمد على الديمومة، فيما يرى آخرون سوء تطبيقها الذي أدّى إلى حدوث ركود كبير آخر في 2008، فضلًا عن سوء استخدامها لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه. مضي العالم الاقتصادي في دراسات وابحاث لرفع الاقتصاد واستمرت نظرياته حتي داومه المرض في الاونة الاخيرة وتوفي عام 1946.