«الرقابة النووية»: نتابع كافة التطورات ونرصد المستويات الإشعاعية في مختلف أنحاء الجمهورية    شريف سلامة يكتب: إسرائيل وإيران يشعلان الجبهة.. ومصر أمام تحديات اقتصاد الحرب    إزالة 10 تعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية في الشرقية    ميناء دمياط يستقبل 5 أوناش رصيف عملاقة لمحطة الحاويات «تحيا مصر 1»    برنامج تدريبي عن مبادئ وأساسيات الإتيكيت المهني للعاملين ب المتحف المصري الكبير    وزير الطاقة الإسرائيلي يعلن إغلاق حقل الغاز الرئيسي في المتوسط    إيران تعلن مقتل عناصر دفاع جوي بقم.. و"تلوث نووي" بنطنز    وزير الخارجية: هجمات إسرائيل على إيران غير مبررة    يفسد احتفالات إنتر ميامي.. "ABC" تحذر بيكهام من الأهلي قبل ضربة البداية    تضامني مع غزة.. وقلبي وعقلي وضميري مع مصر    عائق وحيد لاتمام انتقال جارسيا إلى برشلونة    قرار جديد من الفيفا قبل انطلاق مونديال الأندية    اتحاد الكرة ينعى نجم المصري البورسعيدي سمير الغزناوي    محمد شريف يسخر من أنباء انتقاله لأحد أندية الدوري    ضبط مصنع لإعادة تدوير زيوت السيارات المستعملة جنوب بني سويف    تجهيز 24 استراحة للمشاركين في امتحانات الثانوية العامة ب كفرالشيخ    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بوسط سيناء    شديد الحرارة ورياح وأتربة.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الأيام المقبلة    أمن القاهرة يكشف ملابسات مقطع فيديو ترويع أفراد أمن شركة بأعيرة نارية    النقل تناشد المواطنين المشاركة معها في التوعية بعدم اقتحام المزلقان    ب «فستان أحمر ورقصة مع العروسة».. ياسمين عبدالعزيز تتصدر الترند بعد فرح منة القيعي    الفيلم المصري «happy birthday» يحصد 3 جوائز من مهرجان تريبيكا بأمريكا    أنشطة وورش متنوعة لأطفال روضة السيدة زينب احتفالا باليوم العالمي للعب    كل ما تود معرفته عن الدورة ال45 للمعرض العام للفن التشكيلي    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    وزارة الطيران: المجال الجوي المصرى آمن ويعمل بشكل طبيعي    3 أيام متتالية إجازة رسمية للموظفين والبنوك والمدارس    بعد اغتيال رئيس الجيش الثوري.. كيف توقع المسلسل الإسرائيلي "طهران" ما حدث    الصحة تطلق حملة توعوية لتعريف المرضى بحقوقهم وتعزيز سلامتهم بالمنشآت الطبية    ليفربول يحسم صفقة فلوريان فيرتز    عرض أولى حلقات مسلسل فات الميعاد اليوم على watch it وغدًا على DMC    حملات أمنية لضبط جالبي ومتجري المواد المخدرة والأسلحة النارية والذخائر غير المرخصة في أسوان ودمياط    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    إخلاء سبيل والد عريس الشرقية المصاب بمتلازمة داون ووالد عروسه    أسباب عين السمكة وأعراضها ومخاطرها وطرق العلاج والوقاية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    وكيل الأوقاف ببني سويف يوجه بضبط استخدام مكبرات الصوت لعدم إزعاج المواطنين    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    كوكا: ميسي يكلم الكرة.. ولا أحب اللعب في هذا المركز    من صمت الصخور إلى دموع الزوار.. جبل أحد يحكي قصة الإسلام الأولى    بعد استهداف إيران.. رئيس الأركان الإسرائيلي: «كل من يحاول تحدينا سيدفع ثمنا باهظا»    كأس العالم للأندية - الأهلي يواصل تحضيراته لمواجهة إنتر ميامي    رئيس مدينة بلبيس يتعرض لمحاولة اعتداء مسلح أثناء ضبط مخالفة بناء    رئيس بعثة الحج ل"اليوم السابع": تفويج الحجاج بسلاسة ومتابعة دقيقة    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    أبو العينين: طارق أبو العينين ابتعد عن سيراميكا كليوباترا بعد انضمامه لاتحاد الكرة    سعر الفراخ بالأسواق اليوم الجمعة 13-6-2025 فى المنوفية.. الفراخ البيضاء 87 جنيه    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 13-6-2025 في محافظة قنا    في ختام رحلة الوفاء.. أسر الشهداء يغادرون المدينة المنورة بقلوب ممتنة    مع إعلانها الحرب على إيران.. إسرائيل تُغلق مجالها الجوي بالكامل    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    "مستقبل وطن المنيا" ينفذ معسكرا للخدمة العامة والتشجير بمطاي    وكيل وزارة الصحة بالشرقية يؤكد على دور الإعلام الحيوي في دعم المنظومة الصحية    تعرف على برامج الدراسة بجامعة السويس الأهلية    دينا عبد الكريم تلتقي بالسفير حبشي استعدادًا لجولة كبرى لبناء قواعد للجبهة الوطنية من المصريين بالخارج    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفكر الاقتصادى.. وأزمتنا الراهنة
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 10 - 2016

الأزمة الاقتصادية الحالية فى مصر، برغم شدتها وقسوتها، ليست بالطبع فريدة من نوعها فى العالم، ولا فى التاريخ الاقتصادى المصري.
من الممكن أن نذكر مثلا ما حدث للاقتصاد اللبنانى لفترة تزيد على عشر سنوات، بين منتصف السبعينيات والثمانينيات، من جراء الحرب الأهلية، وللاقتصاد العراقى لأكثر من عشرين عاما بسبب الحصار الاقتصادى الذى فرض على العراق عقب غزو العراق للكويت فى 1990، ثم بسبب الغزو الأمريكى للعراق فى 2003، كذلك عانت معظم الشعوب الأوروبية معاناة شديدة لما حدث لاقتصادها خلال الحربين العالميتين، حيث شحت الأيدى العاملة بسبب تجنيد الناس للحرب، وتقلص إنتاج السلع الاستهلاكية بسبب تحول الإنتاج لخدمة الحرب، وزادت صعوبات نقل السلع من مكان لآخر، وارتفعت معدلات التضخم، ولكن الأزمة الاقتصادية تجاوزت أوروبا بكثير خلال الثلاثينيات التى عرفت بفترة «الكساد الكبير»، وعانت مصر منها كما عانت غيرها من الدول، باستثناء الدول الاشتراكية التى فرضت حول نفسها سياجا منيعا من الاعتماد شبه الكامل على النفس: عمالة وسلعا ورءوس أموال.
كان القطن هو سلعة التصدير الرئيسية لمصر فى ذلك الوقت، والتى حلت محلها الآن السياحة، وقد عانت صادرات القطن حينئذ مثل سائر الصادرات، بسبب التدهور الشديد فى معدلات التجارة الدولية نتيجة للكساد العام، كما تعانى السياحة فى مصر الآن بسبب تدهور الأمن، تدهورت أيضا خلال الثلاثينيات معدلات تدفق الاستثمارات العالمية، إذ لم تكن تتكون، خلال فترة الكساد، فوائض من رءوس الأموال التى تبحث عن فرص للربح فى الخارج، فتدهور معدل مجيء رءوس الأموال الأجنبية إلى مصر، مثلما تدهور معدلها الآن بسبب تدهور الأمن أيضا وعدم الاستقرار السياسي.
كان لابد إذن أن تزداد معدلات البطالة فى مصر خلال الثلاثينيات، وهو ما انعكس فى تفاقم البطالة المقنعة فى الريف، وزيادة الهجرة من الريف إلى المدينة للعمل فى الخدمة المنزلية ومختلف الأعمال الرثة. لم يسترد الاقتصاد المصرى عافيته بعد أزمة الثلاثينيات، التى جاءت بين حربين عالميتين مدمرتين ، إلا فى منتصف الخمسينيات، فتدل تقديرات متوسط الدخل الحقيقى للفرد فى مصر، على أنه لم يستعد مستواه الذى تحقق قبيل الحرب العالمية الأولى إلا بعد أربعين عاما، ثم بدأ يرتفع مع تأميم قناة السويس فى 1956، وما أعقبها من برامج التصنيع وخطة التنمية. نحن الآن نمر بأزمة اقتصادية عاتية أخري، منذ قامت ثورة يناير 2011، وكادت الأزمة، مثل الثورة، تتم سبع سنوات من عمرها، فما الذى يمكن أن نغيره من الفكر الاقتصادى الذى ولدته أزمة الثلاثينيات، وأسهم بلا شك فى خروج العالم منها؟ نحن نعرف الدور المهم الذى لعبه الاقتصادى الانجليزى الشهير جون مينارد كينز (J.M.Keyns)، وكتابه «النظرية العامة فى العمالة وسعر الفائدة والنقود» (الصادر فى 1936) فى انتشال الاقتصاد الغربى من أزمته (بالإضافة إلى دور الانفاق الحكومى خلال الحرب العالمية الثانية)، وكيف انتشر تطبيق السياسة الكينزية بعد انتهاء هذه التحرب، لفترة تقرب من ربع قرن، حتى قال سياسى أمريكى كبير فى أواخر الستينيات: «لقد أصبحنا جميعا كينزيين الآن»، ومن ثم لم ينته عقد الستينيات إلا وقد حلت العمالة الكاملة محل البطالة، فما سر هذه الوصفة الكينزية السحرية التى قضت على الأزمة الاقتصادية فى العالم؟ وهل تصلح أيضا للقضاء على الأزمة الاقتصادية المصرية الراهنة؟ إنى أزعم، برغم ما بين ظروف الأزمتين من اختلافات مهمة، أن الحل الكينزى مازال هو الحل الملائم للحالة المصرية الآن. إنه من الممكن النظر إلى الحل الكينزى لمشكلة البطالة على أنه يتكون من جزءين: جزء «قومي»، أى يتعلق بما يجب أن تفعله الدولة فى داخل حدودها، والآخر «دولي» يتعلق بعلاقاتها مع الدول الأخري، أما الحل القومي، أو الداخلي، فيتلخص أساسا فى ضخ المزيد من الإنفاق العام (أى الحكومي)، وتشجيع الزيادة فى الإنفاق الخاص، بتخفيض الضرائب (لتشجيع الإنفاق العائلي)، وتخفيض سعر الفائدة (لتشجيع الاستثمار)، زيادة الإنفاق، عاما كان أو خاصا، سوف يرفع مستوى الطلب فى المجتمع ككل، وهذا سيشجع المنتجين على زيادة الإنتاج ومن ثم تشغيل المزيد من العمال، ومن المهم هنا مراعاة ما يعرفه الاقتصاديون باسم «أثر المضاعف» (multiplier)، إذ ليس كل زيادة فى الإنفاق لها نفس الأثر فى زيادة الطلب الكلي، إن كل انفاق على سلعة أو خدمة يحفز على انفاق جديد على سلع وخدمات أخري، فتكون له آثار «مضاعفة»، ولكن هذه تختلف بين حالة وأخري، فالسلع التى تعتمد على استيراد كثيف «يضيع» جزء كبير من الانفاق عليها فى صورة انفاق فى الخارج، فلا يولد عمالة بنفس القدر فى الداخل، والانفاق على إنشاء جامعة جديدة مثلا ليس له من الآثار المضاعفة فى رفع مستوى الطلب والعمالة مثلما لإنشاء مصنع جديد أو تشغيل مصنع قديم متوقف عن العمل..الخ.
وأما الجزء الدولى أو الخارجى من الحل الكينزي، فيتلخص فى فرض قيود على الواردات وتشجيع الصادرات، فالصادرات جزء من الطلب الكلى على ما تنتجه الدولة، ومن ثم تؤدى زيادتها الى زيادة العمالة، والواردات تمثل خصما من هذا الطلب، ومن ثم تعتبر خصما من الزيادة المرجوة فى العمالة. السؤال الجوهرى الآن: أين نحن فى مصر الآن من هذه الحلول الكينزية؟ نعم، العالم الآن ليس كما كان منذ ثمانين عاما، الدولة القومية أضعف الآن، والعولمة أشد، ومن ثم فقدرة الدولة على التحكم فى الطلب الداخلى أضعف مما كانت، وقدرتها على فرض الحماية لمنتجاتها تواجه قيودا أشد، فى صورة الاتفاقات الدولية وغيرها، وعلى الرغم من ذلك، فمن الواضح أننا فى مصر لا نستغل الفرص المتاحة لنا باستخدام قوة الدولة فى الناحيتين، إن الاتفاقات الدولية تقلل حقا من حريتنا فى التدخل بتقييد الاستيراد، ولكن فيها ما يسمح لنا بالتدخل المطلوب لعلاج مشكلة البطالة.
والدولة مهما يكن ضعفها إزاء الشركات العملاقة، مازالت قوية على المواطنين، فما بالها، بدلا من أن تفعل اللازم لزيادة الطلب تبدو وكأنها تفعل العكس بالضبط؟ تزيد الضرائب بدلا من خفضها، مما يخفض من الدخول ويرفع الأسعار، وكلاهما يخفض من حجم الطلب الكلي، وتصر على أن تتخذ الزيادة فى الانفاق الحكومى صورة الانفاق على مشروعات ضخمة لا يقال لنا شيء عن حجم العمالة المنتظرة منها، ولا تجرى مقارنتها بمشروعات أصغر وأقل تكلفة ولكنها يمكن أن تسهم مساهمة أكثر فعالية بكثير فى زيادة العمالة، كل ما يقال لنا هو أن العاصمة الجديدة مثلا (التى تسمى أيضا بالعاصمة الإدارية) ستحتوى على مساكن جديدة، ومبان للسفارات، وجامعة جديدة، وحدائق وأماكن للترفيه..، ولكن لا يقال لنا شيء عن مدى مساهمتها فى حل الأزمة الاقتصادية الراهنة.
لمزيد من مقالات د. جلال أمين;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.