مدير أمن الإسماعيلية يتفقد تأمين اللجان الانتخابية    وزارة الأوقاف تنظم فعاليات واسعة لمناهضة العنف ضد المرأة    قرار وزاري بتحديد رسوم زيارة المحميات الطبيعية والفئات المعفاة    باسل رحمي: نحرص على تدريب المواطنين والشباب على إقامة مشروعات جديدة    تطبيق نظم دقيقة لرصد الأداء البيئي للمشروعات باستخدام مؤشرات كمية ونوعية    أبو الغيط يؤكد ضرورة العمل على إعادة مجتمع غزة إلى الحياة الطبيعية    أبو كويك: اللجنة المصرية تطلق مبادرة لإيواء النازحين في غزة    جمال السلامي: مواجهة المغرب قمة عربية ونسعى للتتويج بكأس العرب    7 ألقاب على القمة.. تاريخ مشاركات المنتخب في أمم إفريقيا    الزمالك يكشف موقف آدم كايد من لقاء الزمالك وحرس الحدود    الأهلي يحسم ملف تجديد عقود 6 لاعبين ويترقب تغييرات في قائمة الأجانب    إصابة شخصين في انقلاب سيارة نصف نقل على الطريق الأوسطي بالمنيا الجديدة    ضبط 110 كيلو عجينة حوواشي ولحوم مفرومة فاسده وغير صالحه للاستهلاك الآدمى بأحد مطاعم الفيوم    الحكومة توضح حقيقة فيديو ضعف كفاءة مشروعات الصرف ببعض قرى مغاغة بالمنيا    التحريات تكشف أسباب وفاة الفنانة نيفين مندور في شقتها بالعصافرة.. والأسرة: لم تكن على خلاف مع أحد    إصابة شخص إثر انقلاب سيارة ربع نقل بصندوق بالمنيا (صور)    إنفوجراف.. شريف سعيد فاز بجائزة نجيب محفوظ 2025    حقيقة انفصال مصطفى أبو سريع عن زوجته بسبب غادة عبدالرازق    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    التأمين الشامل يوفر دواءً بمليون و926 ألف جنيه لعلاج طفل مصاب بمرض نادر بالأقصر    المطبخ المصري.. جذور وحكايات وهوية    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    أم كلثوم.. حين تتحول قراءة الرمز إلى تقزيم    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    ممثل البابا تواضروس: المحبة حجر الأساس لمواجهة خطاب الكراهية وبناء مجتمع متماسك    إقبال الناخبين على مدرسة النهضة بالشرابية بأول أيام إعادة انتخابات النواب    مشاهد عائلية لافتة في لجان المطرية بجولة الإعادة لانتخابات النواب    «الست» تتصدر شباك التذاكر.. أبرز إيرادات أفلام دور العرض المصرية    البرهان يعلن استعداده للتعاون مع ترامب لإنهاء الحرب في السودان    درجة الحرارة 1.. غيوم وأمطار غزيرة على مدينة سانت كاترين    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    شوبير: بلعمري قريب من الأهلي.. وتوروب يضع حامد حمدان ضمن أولوياته    السيدات وكبار السن يزينون صفوف الناخبين في جولة الإعادة بالبساتين    "متبقيات المبيدات" يستقبل وفدا صينيا رفيع المستوى لتعزيز جهود فتح الأسواق العالمية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17-12-2025 في محافظة الأقصر    59 تهمة بينها 15 قتل.. تفاصيل التهم الموجهة لمنفذ هجوم سيدنى الإرهابى    تزايد اقبال المواطنين بلجان انتخابات الإعادة لمجلس النواب بالغربية    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    بعد إدراج الكشري في اليونسكو.. التراث غير المادي مهدد بالاندثار دون توثيق    أبو الغيط: الاحتلال يُمعن في إفراغ وقف إطلاق النار بغزة من مضمونه    الصحة تكشف تفاصيل تجديد بروتوكول مواجهة الطوارئ الطبية لمدة 3 سنوات جديدة    وفاة نيفين مندور بطلة فيلم "اللي بالي بالك"    السجن 5 سنوات لعامل بتهمة إشعال النيران بسيارة مياه معدنية فى قنا    اسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاربعاء 17-12-2025 في محافظة قنا    سعر الدولار اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 في مصر    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام الطرح الخاص للشركة العملية للطاقة» وإدراجها في بورصة الكويت    معًا لمدينة آمنة    رسل الموت تنزل فى سراييفو    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    وكيل صحة الإسماعيلية تُحيل المقصرين بوحدة «أبو جريش» للتحقيق    «ترامب» يحذر فنزويلا من صدمة اقتصادية وسياسية غير مسبوقة    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفكر الاقتصادى.. وأزمتنا الراهنة
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 10 - 2016

الأزمة الاقتصادية الحالية فى مصر، برغم شدتها وقسوتها، ليست بالطبع فريدة من نوعها فى العالم، ولا فى التاريخ الاقتصادى المصري.
من الممكن أن نذكر مثلا ما حدث للاقتصاد اللبنانى لفترة تزيد على عشر سنوات، بين منتصف السبعينيات والثمانينيات، من جراء الحرب الأهلية، وللاقتصاد العراقى لأكثر من عشرين عاما بسبب الحصار الاقتصادى الذى فرض على العراق عقب غزو العراق للكويت فى 1990، ثم بسبب الغزو الأمريكى للعراق فى 2003، كذلك عانت معظم الشعوب الأوروبية معاناة شديدة لما حدث لاقتصادها خلال الحربين العالميتين، حيث شحت الأيدى العاملة بسبب تجنيد الناس للحرب، وتقلص إنتاج السلع الاستهلاكية بسبب تحول الإنتاج لخدمة الحرب، وزادت صعوبات نقل السلع من مكان لآخر، وارتفعت معدلات التضخم، ولكن الأزمة الاقتصادية تجاوزت أوروبا بكثير خلال الثلاثينيات التى عرفت بفترة «الكساد الكبير»، وعانت مصر منها كما عانت غيرها من الدول، باستثناء الدول الاشتراكية التى فرضت حول نفسها سياجا منيعا من الاعتماد شبه الكامل على النفس: عمالة وسلعا ورءوس أموال.
كان القطن هو سلعة التصدير الرئيسية لمصر فى ذلك الوقت، والتى حلت محلها الآن السياحة، وقد عانت صادرات القطن حينئذ مثل سائر الصادرات، بسبب التدهور الشديد فى معدلات التجارة الدولية نتيجة للكساد العام، كما تعانى السياحة فى مصر الآن بسبب تدهور الأمن، تدهورت أيضا خلال الثلاثينيات معدلات تدفق الاستثمارات العالمية، إذ لم تكن تتكون، خلال فترة الكساد، فوائض من رءوس الأموال التى تبحث عن فرص للربح فى الخارج، فتدهور معدل مجيء رءوس الأموال الأجنبية إلى مصر، مثلما تدهور معدلها الآن بسبب تدهور الأمن أيضا وعدم الاستقرار السياسي.
كان لابد إذن أن تزداد معدلات البطالة فى مصر خلال الثلاثينيات، وهو ما انعكس فى تفاقم البطالة المقنعة فى الريف، وزيادة الهجرة من الريف إلى المدينة للعمل فى الخدمة المنزلية ومختلف الأعمال الرثة. لم يسترد الاقتصاد المصرى عافيته بعد أزمة الثلاثينيات، التى جاءت بين حربين عالميتين مدمرتين ، إلا فى منتصف الخمسينيات، فتدل تقديرات متوسط الدخل الحقيقى للفرد فى مصر، على أنه لم يستعد مستواه الذى تحقق قبيل الحرب العالمية الأولى إلا بعد أربعين عاما، ثم بدأ يرتفع مع تأميم قناة السويس فى 1956، وما أعقبها من برامج التصنيع وخطة التنمية. نحن الآن نمر بأزمة اقتصادية عاتية أخري، منذ قامت ثورة يناير 2011، وكادت الأزمة، مثل الثورة، تتم سبع سنوات من عمرها، فما الذى يمكن أن نغيره من الفكر الاقتصادى الذى ولدته أزمة الثلاثينيات، وأسهم بلا شك فى خروج العالم منها؟ نحن نعرف الدور المهم الذى لعبه الاقتصادى الانجليزى الشهير جون مينارد كينز (J.M.Keyns)، وكتابه «النظرية العامة فى العمالة وسعر الفائدة والنقود» (الصادر فى 1936) فى انتشال الاقتصاد الغربى من أزمته (بالإضافة إلى دور الانفاق الحكومى خلال الحرب العالمية الثانية)، وكيف انتشر تطبيق السياسة الكينزية بعد انتهاء هذه التحرب، لفترة تقرب من ربع قرن، حتى قال سياسى أمريكى كبير فى أواخر الستينيات: «لقد أصبحنا جميعا كينزيين الآن»، ومن ثم لم ينته عقد الستينيات إلا وقد حلت العمالة الكاملة محل البطالة، فما سر هذه الوصفة الكينزية السحرية التى قضت على الأزمة الاقتصادية فى العالم؟ وهل تصلح أيضا للقضاء على الأزمة الاقتصادية المصرية الراهنة؟ إنى أزعم، برغم ما بين ظروف الأزمتين من اختلافات مهمة، أن الحل الكينزى مازال هو الحل الملائم للحالة المصرية الآن. إنه من الممكن النظر إلى الحل الكينزى لمشكلة البطالة على أنه يتكون من جزءين: جزء «قومي»، أى يتعلق بما يجب أن تفعله الدولة فى داخل حدودها، والآخر «دولي» يتعلق بعلاقاتها مع الدول الأخري، أما الحل القومي، أو الداخلي، فيتلخص أساسا فى ضخ المزيد من الإنفاق العام (أى الحكومي)، وتشجيع الزيادة فى الإنفاق الخاص، بتخفيض الضرائب (لتشجيع الإنفاق العائلي)، وتخفيض سعر الفائدة (لتشجيع الاستثمار)، زيادة الإنفاق، عاما كان أو خاصا، سوف يرفع مستوى الطلب فى المجتمع ككل، وهذا سيشجع المنتجين على زيادة الإنتاج ومن ثم تشغيل المزيد من العمال، ومن المهم هنا مراعاة ما يعرفه الاقتصاديون باسم «أثر المضاعف» (multiplier)، إذ ليس كل زيادة فى الإنفاق لها نفس الأثر فى زيادة الطلب الكلي، إن كل انفاق على سلعة أو خدمة يحفز على انفاق جديد على سلع وخدمات أخري، فتكون له آثار «مضاعفة»، ولكن هذه تختلف بين حالة وأخري، فالسلع التى تعتمد على استيراد كثيف «يضيع» جزء كبير من الانفاق عليها فى صورة انفاق فى الخارج، فلا يولد عمالة بنفس القدر فى الداخل، والانفاق على إنشاء جامعة جديدة مثلا ليس له من الآثار المضاعفة فى رفع مستوى الطلب والعمالة مثلما لإنشاء مصنع جديد أو تشغيل مصنع قديم متوقف عن العمل..الخ.
وأما الجزء الدولى أو الخارجى من الحل الكينزي، فيتلخص فى فرض قيود على الواردات وتشجيع الصادرات، فالصادرات جزء من الطلب الكلى على ما تنتجه الدولة، ومن ثم تؤدى زيادتها الى زيادة العمالة، والواردات تمثل خصما من هذا الطلب، ومن ثم تعتبر خصما من الزيادة المرجوة فى العمالة. السؤال الجوهرى الآن: أين نحن فى مصر الآن من هذه الحلول الكينزية؟ نعم، العالم الآن ليس كما كان منذ ثمانين عاما، الدولة القومية أضعف الآن، والعولمة أشد، ومن ثم فقدرة الدولة على التحكم فى الطلب الداخلى أضعف مما كانت، وقدرتها على فرض الحماية لمنتجاتها تواجه قيودا أشد، فى صورة الاتفاقات الدولية وغيرها، وعلى الرغم من ذلك، فمن الواضح أننا فى مصر لا نستغل الفرص المتاحة لنا باستخدام قوة الدولة فى الناحيتين، إن الاتفاقات الدولية تقلل حقا من حريتنا فى التدخل بتقييد الاستيراد، ولكن فيها ما يسمح لنا بالتدخل المطلوب لعلاج مشكلة البطالة.
والدولة مهما يكن ضعفها إزاء الشركات العملاقة، مازالت قوية على المواطنين، فما بالها، بدلا من أن تفعل اللازم لزيادة الطلب تبدو وكأنها تفعل العكس بالضبط؟ تزيد الضرائب بدلا من خفضها، مما يخفض من الدخول ويرفع الأسعار، وكلاهما يخفض من حجم الطلب الكلي، وتصر على أن تتخذ الزيادة فى الانفاق الحكومى صورة الانفاق على مشروعات ضخمة لا يقال لنا شيء عن حجم العمالة المنتظرة منها، ولا تجرى مقارنتها بمشروعات أصغر وأقل تكلفة ولكنها يمكن أن تسهم مساهمة أكثر فعالية بكثير فى زيادة العمالة، كل ما يقال لنا هو أن العاصمة الجديدة مثلا (التى تسمى أيضا بالعاصمة الإدارية) ستحتوى على مساكن جديدة، ومبان للسفارات، وجامعة جديدة، وحدائق وأماكن للترفيه..، ولكن لا يقال لنا شيء عن مدى مساهمتها فى حل الأزمة الاقتصادية الراهنة.
لمزيد من مقالات د. جلال أمين;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.