حجز سائق سيارة نقل تسبب في حادث تصادم بالبساتين    "إعارة بنية البيع".. تقارير تونسية تكشف تفاصيل اتفاق الأهلي مع النجم الساحلي بشأن كريستو    مصدر في الزمالك ليلا كورة: عدي الدباغ ليس من أولوياتنا    كاريراس يتجاهل المنافسة ويعلنها: سأقاتل من أجل ريال مدريد    ارتفاع شبه جماعي للبورصات الخليجية بدعم من بيانات أمريكية ومحادثات التجارة    اجتماعات مصرية قطرية إسرائيلية في القاهرة لبحث «مساعدات غزة»    الخطيب يرفض محاولات الصلح مع مصطفى يونس    عميد كلية الحقوق بجامعة أسيوط: نسخر كافة إمكانياتنا لتوفير بيئة أكاديمية متميزة    تسرب غازي من جهاز الشحن.. إصابة مواطن في محطة وقود برمسيس    وزير الثقافة يهدي الفائزين بالدورة 7 من مهرجان المسرح الجامعي كارنيه حضور مجاني    انطلاق حملة 100 يوم صحة في عامها الثالث بقنا بحضور نائب المحافظ وقيادات الصحة    مستشفى سوهاج العام تحصل على المركز الثانى فى إجراء جراحات العظام    المفتي يوضح حكم إلقاء السلام من الرجال على النساء    الشيخ خالد الجندي: الإيمان بالنبي مبني على العلم والمعرفة    سعر ومواصفات MG ZS الفيس لفت الجديدة فى السوق المصرى    جنايات سوهاج تحيل أوراق المتهم بقتل زوجته بالسم إلى فضيلة مفتى الجمهورية    طرح قطع أراض سكنية بالمجتمع السكنى الجديد غرب طريق الأوتوستراد بحلوان للبيع    جمهور رحمة محسن يطالب بالدعاء لها بعد تداول صورتها داخل المستشفى    نتيجة الامتحان الإلكتروني لمسابقة معلم مساعد دراسات اجتماعية.. الرابط الرسمي    رئيس الطائفة الإنجيلية: الموقف المصري من نهر النيل يعكس حكمة القيادة السياسية وإدراكها لطبيعة القضية الوجودية    لليوم الثالث.. انتظام أعمال تصحيح الشهادة الثانوية الأزهرية بالقليوبية    محافظ المنيا يكرم الفائزين بمسابقة "الصياد الكبرى" لحفظ القرآن الكريم ويمنح جوائز ورحلات عمرة للمتميزين    مها عبد الناصر تطالب بالكشف عن أسباب وفاة 4 أطفال أشقاء في المنيا    التعليم العالي: 22 ألف طالب يسجلون لأداء اختبارات القدرات    تضم 5 آلاف كتاب من مختلف المجالات، افتتاح مكتبة متحف المركبات الملكية ببولاق    برج السرطان.. حظك اليوم الثلاثاء 15 يوليو: احذر    أمير كرارة وأبطال فيلم الشاطر يحتفلون بالعرض الخاص فى 6 أكتوبر.. اليوم    آخر موعد للتقديم على التدريب الصيفي بالبنك المركزي للطلبة.. الرابط والتفاصيل    شواطئ شرم الشيخ تستقبل زوار العالم    الإيجار القديم بين الواقع والمأمول.. نقلا عن "برلماني"    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر أمورنا وتشرح صدورنا    كل ما تريد معرفته عن كأس العالم للأندية 2029    "الأونروا": ارتفاع معدلات سوء التغذية في قطاع غزة    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الثلاثاء    إنجاز جديد لمصر.. "أيميا باور" تُشغّل أول نظام بطاريات لتخزين الطاقة    قوات الاحتلال تعتقل أكثر من 32 فلسطينيا من الضفة الغربية    «مصيرك في إيد الأهلي».. شوبير يوجه رسالة إلى أحمد عبدالقادر    حكومة كردستان العراق: تعرض حقل نفطي في دهوك لهجوم بطائرة مسيّرة    الرئيس الإيراني: الحرب وحّدت الإيرانيين داخل البلاد وخارجها.. ونتمسك بخيار الدبلوماسية    وزارة العمل: 3 فرص عمل في لبنان بمجالات الزراعة    الصحة: بدء تدريب العاملين المدنيين بوزارة الداخلية على استخدام أجهزة إزالة الرجفان القلبي (AED)    تسجيل 17 مليون عبوة منتهية الصلاحية ضمن مبادرة «سحب الأدوية» (تفاصيل)    القومي لحقوق الإنسان ينظم ورشة عمل حول مقترح قانون الأحوال الشخصية الجديد    بإقبال كبير.. قصور الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" لدعم الموهوبين بشمال سيناء    ثنائي بيراميدز ينضم إلى معسكر الفريق في تركيا    الجيش الإسرائيلي يطلق النار على فلسطيني ويعتقله بالضفة الغربية    مدحت العدل يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحه حول حجاب حفيدة أم كلثوم    عمال الجيزة: مشاركتنا في انتخابات الشيوخ ستعكس وعيًا ديمقراطيًا ومسؤولية وطنية    مشاركة الرئيس السيسي في قمة الاتحاد الأفريقي بمالابو تؤكد دعم مصر لأمن واستقرار القارة    الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله    محمد حمدي: هذه أسباب عدم نجاحي مع الزمالك    أستاذ فقه بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك    تعرّف على عقوبة إصدار شهادة تصديق إلكتروني دون ترخيص وفقًا للقانون    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    أكلت بغيظ وبكيت.. خالد سليم: تعرضت للتنمر من أصدقائي بعد زيادة وزني    «مستقبل وطن» يُسلم وحدة غسيل كلوي لمستشفى أبو الريش بحضور قيادات جامعة القاهرة    السيطرة على حريق في مخلفات غزل ونسيج بالغربية    أكثر أنواع السرطان شيوعًا.. تعرف على أبرز علامات سرطان القولون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علم اقتصاد مجنون
نشر في الشروق الجديد يوم 28 - 06 - 2010

«أفكار الاقتصاديين وفلاسفة السياسة، سواء كانت صحيحة أو خاطئة، أكثر قوة مما نعتقد فى العادة، والرجال العمليون، الذين يعتقدون أنهم لا يخضعون على الإطلاق لأية تأثيرات فكرية، غالبا ما يكونون عبيدًا لاقتصادى بائد أو آخر».
الاقتصادى الإنجليزى جون مينارد كينز (1883 1946)
كل الناس تقريبا يريدون من حكومات العالم بذل المزيد من أجل إنعاش الاقتصاديات العليلة. فلا أحد يود رؤية ركود «مضاعف». والغرض من قمة مجموعة العشرين فى تورنتو هو تفادى ركود كهذا. وفى البلدان المتقدمة الرئيسية البلدان الأعضاء الواحد والثلاثون فى منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية تشمل البطالة الآن 46 مليونا، بزيادة نحو 50% منذ 2007.
ولا يقتصر الأمر على حرمان الناس من فرص العمل. فالبطالة طويلة الأمد يترتب عليها تدهور المهارات، وتؤدى إلى تراجع الحراك أو تأبيد البطالة. لكن ما الذى يمكن أن تفعله الحكومات أكثر مما فعلت؟ هذه مسألة غير واضحة.
ربما نكون قد بلغنا أقصى حدود علم الاقتصاد. وكما لاحظ كينز، فإن الزعماء السياسيين يقعون أسرى أفكار الاقتصاديين الأحياء منهم والأموات والاقتصاديون تتزايد بينهم الخلافات بشأن ما ينبغى عمله. ومن الواجب أن نعترف بأن الاستجابة الأولية للأزمة (الخفض الحاد لأسعار الفائدة، وعمليات إنقاذ البنوك، وحفز الإنفاق) جنبتنا على الأرجح كسادا اقتصاديا. لكن الأزمة أطاحت أيضا بمنطق كل النظريات الاقتصادية الأساسية: الكينزية، والنقدية، و«التوقعات المنطقية». وتوفر الفوضى الفكرية المترتبة على ذلك سياقا للصراعات السياسية اليوم فى الداخل والخارج.
ولنأخذ مسألة الميزانيات. هل العجز الأكبر يحفز الاقتصاد ويوفر فرص العمل، كما ترى الكينزية الأصيلة؟ أم أن انفجار الديون الحكومية يمكن أن يؤدى إلى أزمة مالية أخرى؟
يبدو منطق الكينزية محكما. فإذا كان الإنفاق الاستهلاكى والاستثمارى ضعيفا، تزيد الحكومة الطلب عبر تخفيض الضرائب أو زيادة الإنفاق. إلا أنه عند التطبيق، يفرض الدين الحكومى المرتفع قيودا مالية ونفسية. ونسبة الدين الحكومى إلى الاقتصاد (إجمالى الناتج المحلى) فى فرنسا 29%، وفى ألمانيا 82%، وفى بريطانيا 83%، كما يفيد تقرير بنك التسويات الدولية فى سويسرا.
يعنى هذا إمكانية ضياع فوائد العجز الأكبر بأكثر من طريقة: من خلال أسعار الفائدة الأعلى إذا تسبب الدين الأكبر فى إخافة المستثمرين، وعبر تراجع الإنفاق الخاص إذا فقد المستهلكون والمستثمرون الثقة فى قدرة الحكومات على ضبط ميزانياتها، وعبر أزمة مصرفية فى حال انخفاض قيمة رأس مال البنك الذى يتألف فى جانب كبير منه من سندات حكومية. وهناك نوع من شد الحبل بين حافز المزيد من العجز والمخاوف الناجمة عن عمل كهذا.
واعتمادا على الفرضيات المؤيدة، تقول إدارة أوباما إن برنامج «الحوافز» الذى بلغت قيمته 787 مليار دولار أسهم فى خلق 2.8 مليون فرصة عمل. وهذا جائز. ولم يفقد المقرضون بعد ثقتهم فى سندات الخزانة الأمريكية. ولا يزيد سعر فائدة سندات الخزانة لأجل 10 سنوات على 3%. لكن القيود المالية فى أوروبا تحللت. وقد ترتب على ديون اليونان الضخمة (نسبة الدين إلى إجمالى الناتج المحلى: 123%) زيادة كبيرة فى أسعار الفائدة. ويدور النقاش فى ألمانيا وبريطانيا للتوصل إلى خطط لتقليل العجز حتى لا تلقيا مصير اليونان.
هذا ضرب من الجنون، كما كتب مارتن وولف، كبير المعلقين الاقتصاديين فى الفاينانشال تايمز. وهو ما يتطابق مع ما يقوله بول كروجمان، الاقتصادى الحاصل على جائزة نوبل والكاتب بفى نيويورك تايمز، الذى يرى أن الاقتصاد الأمريكى بحاجة إلى المزيد من الحوافز وقدر أكبر من العجز. وقد كتب يقول إن «التقتير فى وقت كهذا يهدد مستقبل الأمة».
ويختلف معه الاقتصادى من هارفارد كِن روجوف. ولربما «ساعدت» حزمة الحوافز التى قدمها الرئيس أوباما فى «تهدئة الذعر» فى 2009، لكن زيادة الإنفاق الآن فى ظل عجز فيدرالى يتجاوز تريليون دولار قد «ينذر بأزمة ديون فى وقت قريب». إذ ينبغى تقليص العجز بالتدريج، على حد قوله.وهناك من الاقتصاديين من يعتقد أن التخفيضات يمكن أن تحفز النمو الاقتصادى فى ظروف معينة.
وتوصلت دراسة أجراها الاقتصاديان ألبرتو ألسينا وسيلفيا أردجانا إلى أن خفض الميزانيات فى البلاد الغنية تفاقم تأثيره عندما انصب الاهتمام على تقليل الإنفاق وليس زيادة الضرائب. ومن المفترض أن تؤثر خطط الموازنة تأثيرا مواتيا على أسعار الفائدة والثقة دون إضعاف أثر الحوافز على العمل والاستثمار.
وكشأن الكينزية بشكلها الأصلى، فقد عانت «المدرسة النقدية» كذلك فى قدرتها التفسيرية. وترى هذه النظرية أن ضخ بنك الاحتياط الفيدرالى كميات كبيرة من المال (الاحتياطيات) فى النظام المصرفى لابد أن يؤدى إلى زيادة الإقراض والإنفاق، بل والتضخم إذا ما كانت كمية الأموال كبيرة بما يكفى. ومنذ صيف 2008، قدم الاحتياطى الفيدرالى للبنوك نحو تريليون دولار من الاحتياطيات، ولم يحدث أى من الأشياء التى ذكرناها. فالتضخم لا يزال تحت السيطرة، وانخفضت قروض البنوك المعلقة بما يزيد على 200 مليار دولار خلال العام الماضى. ولدى البنوك مبالغ كبيرة من الاحتياطيات الزائدة.
هناك الكثير مما لا يفهمه الاقتصاديون. وليس مستغربا أن أنصار «التوقعات المنطقية» وهى النظرية القائلة إن الناس يحددون أفضل الطرق للرد على الأحداث الاقتصادية لم يتوقعوا الذعر المالى والانهيار الاقتصادى. وينذر الانفصال بين النظرية والتطبيق بالسوء. فقد كان رد الفعل تجاه الأزمة الأولى هو ضخ الأموال لخفض أسعار الفائدة وزيادة عجز الموازنة. لكن فى ظل انخفاض معدلات الفائدة الآن وارتفاع العجز، ما الذى يمكن أن يحدث إذا ما حلت أزمة أخرى؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.