رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد التعليمي هو منهج متكامل يسهم في ترسيخ ثقافة التميز    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية: الاعتماد مسار شامل للتطوير وليس إجراءً إداريًا    الإسكان تعلن تخصيص قناة رسمية لوحدة التواصل مع المستثمرين والمطورين العقاريين    نجيب ساويرس: الحكومة ليست منافسا للقطاع الخاص وطرح المصانع المتعثرة بسرعة مفتاح جذب الاستثمار    رئيس الوزراء يفتتح مصنع إنتاج الطلمبات الغاطسة بشركة قها للصناعات الكيماوية.. مدبولى: توجيهات رئاسية بتوطين الصناعة وبناء القدرات البشرية والبنية التحتية.. ووزير الإنتاج الحربي: تقلل الفاتورة الاستيرادية    هبوط مؤشرات البورصة بمنتصف التعاملات بضغوط مبيعات عربية وأجنبية    بنهاية عام 2025 .. خبير سياحي يتوقع استقبال 19 مليون سائح    مصر ترحب باعتماد الأمم المتحدة قرارين يؤكدان الحقوق غير القابلة للتصرف للفلسطينيين    مصر ترحب باعتماد الأمم المتحدة قرارين يؤكدان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني    زيلينسكي: واشنطن تعهدت بأن يدعم الكونجرس الضمانات الأمنية    كييف تعلن إسقاط 57 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    بطل سيدنى السورى.. تفاصيل رسالة أحمد الأحمد قبل سوء حالته وفقد الإحساس بذراعه    أحمد صلاح وأحمد سعيد يفسخان تعاقدهما مع السويحلي الليبي    بيان جديد من الزمالك بشأن تحقيقات النيابة العامة في ملف أرض أكتوبر    غزل المحلة: الأهلي لم يسدد حقوق رعاية إمام عاشور    ضبط شبكة لاستغلال أطفال في أعمال التسول بالقاهرة    إحباط محاولة تهريب سجائر وشيشة إلكترونية داخل 10 حاويات بميناء بحري    نقل جثمان طالب جامعى قتله شخصان بسبب مشادة كلامية فى المنوفية إلى المشرحة    المنتج تامر مرتضى يدافع عن الست: الفيلم وطني بنسبة 100% وصعب يوصف بعكس ذلك    من الفتوى إلى هندسة الوعى..الجلسة العلمية الثالثة للندوة الدولية للإفتاء تناقش "الأمن الحضاري للوعي" و"استدامة الثوابت"    تفاصيل افتتاح متحف قراء القرآن الكريم لتوثيق التلاوة المصرية    محمد فراج يبدأ تصوير مسلسله الجديد "أب ولكن" وعرضه على شاشات المتحدة    وزارة الصحة تصدر أول دليل إرشادى لمواجهة إصابات الأنفلونزا بالمدارس    الرعاية الصحية تستحدث خدمة تثبيت الفقرات بمستشفى دراو المركزى بأسوان    تجديد بروتوكول تعاون بين البنك المركزي وصندوق مواجهة الطوارئ الطبية والأمراض الوراثية    المصريون بالخارج يواصلون التصويت في جولة الإعادة بانتخابات النواب    دغموم: الزمالك فاوضني من قبل.. وأقدم أفضل مواسمي مع المصري    من المرشح الأبرز لجائزة «ذا بيست» 2025    الأهلي يقترب من حسم صفقة سوبر.. وتكتم على الاسم    مَن تلزمه نفقة تجهيز الميت؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الخارجية يؤكد أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار بغزة    وزير التعليم ومحافظ أسوان يتابعان سير العملية التعليمية بمدرسة الشهيد عمرو فريد    بالفيديو.. تفاصيل بروتوكول التعاون بين "الإفتاء" و"القومي للطفولة" لبناء الوعي المجتمعي    منها التهاب المعدة | أسباب نقص الحديد بالجسم وعلاجه؟    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بمدرسة كفر عامر ورضوان الابتدائية بكفر شكر    ضبط جزار ذبح ماشية نافقة خارج المجزر بمدينة الشهداء بالمنوفية    عضو بالأزهر: الإنترنت مليء بمعلومات غير موثوقة عن الدين والحلال والحرام    عاجل- دار الإفتاء تحدد موعد استطلاع هلال شهر رجب لعام 1447 ه    الخريطة الزمنية للعام الدراسي 2025–2026.. امتحانات نصف العام وإجازة الطلاب    اليابان ترفع تحذيرها من الزلزال وتدعو لتوخي الحذر بعد أسبوع من هزة بقوة 7.5 درجة    برلماني بالشيوخ: المشاركة في الانتخابات ركيزة لدعم الدولة ومؤسساتها    «التضامن الاجتماعي» تعلن فتح باب التقديم لإشراف حج الجمعيات الأهلية لموسم 1447ه    الذهب يرتفع وسط توقعات بخفض جديد للفائدة في يناير    خروقات متواصلة.. الاحتلال يرتكب 5 انتهاكات جديدة لوقف إطلاق النار في لبنان    البدري: الشحات وأفشة مرشحان للانضمام لأهلي طرابلس    مباراة دراماتيكية.. مانشستر يونايتد يتعادل مع بورنموث في الدوري الإنجليزي    مديرية الطب البيطري بالقاهرة: لا مكان سيستوعب كل الكلاب الضالة.. وستكون متاحة للتبني بعد تطعيمها    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر في سوق العبور للجملة    تعيين وتجديد تعيين 14 رئيسا لمجالس الأقسام العلمية بكلية طب قصر العينى    محمد القس يشيد بزملائه ويكشف عن نجومه المفضلين: «السقا أجدع فنان.. وأتمنى التعاون مع منى زكي»    جلال برجس: الرواية أقوى من الخطاب المباشر وتصل حيث تعجز السياسة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 16 ديسمبر    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية إنقاذ البابا
نشر في الفجر يوم 14 - 04 - 2017

الحسين محمد - محمد المالحى - عثمان جمال الدين - هادى سراج الدين - جمال جورج - ماجد صفوت
■ قائد الحراسة اتصل بجهات أمنية نقلت «تواضروس الثانى» من باب جانبى ب"المرقسية"إلى الخارج
■ البابا علم بتفجير طنطا خلال القداس.. وأنهى الصلاة سريعاً لإخلاء الكنيسة وأصيب بانهيار عصبى
■ صفحات غامضة على "فيس بوك" نشرت كلمات مشفرة عن التفجيرات وادعت وقوع حوادث جديدة الثلاثاء المقبل
■ أهالى الشهداء اعتدوا على مدير أمن الغربية المقال رداً على إهانة حراسه لهم بعد شكواهم من التقصير الأمنى قبل الحادث
الصدفة وحدها أنقذت مصر وأقباطها من آلام أكبر بكثير من سقوط نحو 44 شهيداً وإصابة نحو 100 فى التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا كنيستى مار جرجس بمدينة طنطا والمرقسية فى الإسكندرية، إذ إن المستهدف الحقيقى من هذه العمليات الإرهابية كانت قيادات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ما كان سيفجر مشاعر غاضبة كاسحة لن تنجو منها البلاد بسهولة.
الشخص الأول الذى كان مستهدفاً بتفجير الكنيسة المرقسية بالإسكندرية، هو البابا تواضروس الثانى، بابا الكنيسة وبطريرك الكنيسة المرقسية، نفسه، فى حال استطاع الإرهابى الوصول إلى صحن الكنيسة، على غرار حادث طنطا، لأن التفجير فى هذه الحالة كان سيطول البابا بكل سهولة، ولكن الصدفة وحدها جعلت رجال الشرطة الموجودين يشيرون إلى الانتحارى للمرور من خلال البوابة الإلكترونية، التى أطلقت صافرتها لتحذر من المتفجرات التى يحملها لكنه لم يمهلهم ففجر نفسه، وسقطوا شهداء بجانب آخرين كانوا يمرون فى الشارع الضيق المواجه للكنيسة.
البابا تواضروس، كان موجوداً بالفعل داخل الكنيسة الأم، لترأس قداس أحد الشعانين، لأول مرة منذ توليه منصبه البابوى، ولاحظ جميع الموجودين علامات الحزن والوجوم على وجهه، إذ إنه كان قد علم بحادث طنطا، بعد وقوعه بساعة عن طريق أحد الخدام المعاونين له، رغم التكتم الشديد من جانب طاقم السكرتارية المرافق للبابا الذين حاولوا تأخير وصول الخبر إليه حتى انتهاء العظة.
وقبل انتشار الخبر بين المصلين داخل الكنيسة، الذين تجاوز عددهم 3 آلاف شخص، تم الإسراع من وتيرة الصلوات، وبدا واضحاً أن ذهن «البابا» مشغول بحادث طنطا، وكيفية عدم تكراره فى الإسكندرية، بأى شكل لذا تم إنهاء الصلوات نحو الساعة 11 صباحاً، رغم أنه كان من المفترض أن تنتهى نحو 12 ظهراً أو بعدها، وبدأ خروج المصلين من القاعة ومغادرة الكنيسة، وهو ما كان سبباً فى نجاة الكثيرين من التفجير الذى تم لاحقاً، حيث كان المبنى خالياً إلا من البابا ومرافقيه وخدم الكنيسة.
بعدها توجه «البابا» لاستراحته بالمقر البابوى، داخل الكنيسة، والقريب من الباب الخلفى، المطل على المعبد اليهودى بشارع النبى دانيال، ثم حدث التفجير بعد ذلك بفترة قصيرة للغاية، ولكن المصلين كانوا قد رحلوا بالفعل، وهو ما قلل من عدد الضحايا الذى كان يمكن أن يرتفع للعشرات فى حال وصل الانتحارى إلى باب الكنيسة بالتزامن مع خروجهم.
وبحسب محسن جورج- عضو المجلس الملى الكنسى بالإسكندرية- ومصادر كنسية أخرى، كان «البابا» متواجدا فى تلك اللحظات باستراحته بالمقر البابوى داخل الكنيسة، مع طاقم سكرتاريته ومعاونيه لمتابعة تطورات حادث كنيسة طنطا، وطلب «البابا» من المحيطين أن يتركوه بمفرده ليتمكن من الصلاة، لكن مرافقيه كانوا مشغولين بتأمين خروجه.
اتصل عمرو عزت، قائد الحرس الخاص بالبابا بجهات أمنية لتأمين خروجه، حيث تم استخدام باب جانبى للكنيسة، خاص بالمقر البابوى ومواز لشارع النبى دانيال، واستقل سيارته الخاصة، حيث تم نقله إلى مستشفى الأنبا تكلا التى أشرف بنفسه مؤخرا على تطويره للخضوع لفحص بعد إصابته بانهيار عصبى نتيجة لتأثره الشديد بنتائج الحادثتين وسقوط عدد كبير من الشهداء والمصابين، فى أول أيام أسبوع الآلام، المناسبة الدينية المهمة لكل قبطى، والتى تسبق عيد القيامة المجيد، خصوصاً أن البابا يعانى من مرض ارتفاع الضغط، ويخضع للعلاج الدائم من آثاره، وبعد اطمئنان الأطباء على رأس الكنيسة تم نقله إلى دير الأنبا بيشوى، بوادى النطرون للصلاة والاعتكاف حتى تهدأ أعصابه من هول الصدمة.
بعد الحادث مباشرة، قامت الأجهزة الأمنية ب»التشويش» على أجهزة المحمول، بنطاق المنطقة المحيطة بالكنيسة، خشية وجود سيارات مفخخة بالمنطقة، يتم تفجيرها عن بعد، ومشط رجال البحث الجنائى وخبراء المفرقعات، الشوارع المحيطة بالكنيسة، وفرضت الشرطة كردونات أمنية لمنع الوصول إلى الكنيسة من جميع الشوارع، واستطاعت إبطال مفعول قنبلة تم العثور عليها، داخل كيس قمامة، بشارع الشهداء، بعد نحو نصف ساعة من الحادث.
خلال نحو الساعة بدأ توافد الأقباط على الكنيسة، وبدأت المشاحنات مع رجال الأمن، بسبب الكردون الأمنى المفروض على جميع الشوارع المؤدية إليها، بسبب قيام رجال البحث الجنائى والأدلة الجنائية برفع الأدلة، وحاول الشباب القبطى الغاضب خلال تلك اللحظات، اقتحام الكردونات الأمنية أكثر من مرة، وهو فى حالة غضب لمحاولة دخول الكنيسة والاطمئنان على ذويهم الذين فشلوا فى التواصل معهم بسبب «التشويش» على أجهزة المحمول، من جهة، والكردون الأمنى من جهة أخرى، وقام بعضهم بمحاولة قطع طريق الكورنيش بمنطقة المنشية، بعدها بدأت الهتافات الغاضبة، ورفع الشباب الغاضب «الصلبان» و«الأناجيل» مرددين الهتافات ب«الروح والدم نفديك ياصليب» وحاول بعضهم الاعتداء على عناصر من الشرطة، ما دفع الشرطة لإطلاق الأعيرة النارية بالهواء أكثر من مرة، لمنع الشباب من اقتحام الكردون الأمنى، وخلال ساعات بدأت أعداد الشباب الغاضب تزيد، بعضهم قام بالمبيت بالشوارع المحيطة بالكنيسة، حتى صباح اليوم التالى، حيث تم دفن الشهداء الأقباط بدير «مارمينا العجايبى» بالكنج مريوط، فى مقبرة جماعية أعدت لهم، بالقرب من مقبرة جماعية لشهداء كنيسة القديسين، فى مشهد جنائزى غلب عليه البكاء والنويح والإغماءات المتكررة.
الصدفة وحدها خفضت عدد ضحايا التفجير، حيث قام اللواء مصطفى النمر، مدير أمن الإسكندرية، بالوصول إلى مقر «الكنيسة» لمتابعة الحالة الأمنية والتمركزات بمحيطها، الساعة 9 صباحاً، أثناء متابعته لتأمينات الكنائس بالمحافظة، ولفت انتباهه وضع بوابة الكشف عن المعادن والمفرقعات، داخل الكنيسة، بعد عدة أمتار من البوابة الرئيسية، فطلب من قوة التأمين، وضع البوابة خارج المبنى وأمام البوابة الرئيسية، وليس داخلها، ودخل فى مناقشة مع قوة التأمين، وبينهم العميد نجوى الحجار والرائد عماد الركايبى، حيث طلب منهما اليقظة الشديدة وزيادة مساحة حرم الكردون الأمنى، بمحيط الكنيسة، قبل أن يهم بالمغادرة لمتابعة جولته الأمنية، ولولا ملاحظته لكان الانفجار تم داخل الكنيسة وارتفع عدد الضحايا.
فى كنيسة طنطا، استطاع الإرهابى الوصول إلى مكان مثالى، حيث رصدت كاميرا المراقبة تحركات مريبة لشخص يرتدى قبعة وجاكت جلد بنى، دخل بسهولة من البوابات الإلكترونية دون أن يعترضه أحد، وتبين بعد ذلك أنها كانت معطلة، بجانب التأمين الضعيف، حيث وصل الإرهابى إلى الصف الأول بجوار الشمامسة ليفجر حزامه الناسف، وكان من المنطقى فى هذه الحالة أن يكون أحد الضحايا هو الأنبا بولا أسقف طنطا، مسئول الملف السياسى، والذى يقوم بالتنسيق بين الكنيسة والدولة حيث دمر الانفجار كرسيه تماماً، ونجا فقط لأنه كان يتفقد بعض الكنائس فى مدينة كفر الزيات.
استهداف الأنبا بولا، تم على مرحلتين، الثانية هى المعروفة، والتى سقط فيها الشهداء، أما الأولى، فكانت الأسبوع الماضى، بقنبلة تم العثور عليها فى ساحة الكنيسة وفككها خبراء المفرقعات.
لا تزال الطريقة التى استطاع بها انتحارى طنطا التسلل إلى داخل الكنيسة، غامضة، فحسب شهود عيان تحدثوا إلى «الفجر» وضعت الشرطة كردوناً أمنياً بمحيط الكنيسة مساء السبت الماضى، فى خطوة غريبة إذ إنه من المعتاد أن يقام الكردون قبلها ب48 ساعة، بجانب غلق البوابة الرئيسية والسماح بالدخول عبر بوابة فرعية مزودة كما أكدوا ببوابة إلكترونية، كانت تطلق صافرات إنذار لدى مرور أى شخص، فيما قال آخرون إن البوابة كانت معطلة وتم إبلاغ مديرية الأمن بالأمر.
الشهود قالوا أيضاً إنه كان هناك تباطؤ من رجال الشرطة فى التفتيش، وكانوا يركزون على تفتيش حقائب السيدات فقط، لافتين إلى أن كميات كبيرة من سعف النخيل دخلت إلى الكنيسة ويمكن أن يتم دس متفجرات فيها، وقال الشهود أيضاً إن البعض لاحظ الانتحارى، واسترابوا فيه، حيث قضى نحو ساعتين داخل المبنى، قبل أن يفجر نفسه، فيما كشفت بطاقة تموين إلكترونية عثر عليها رجال البحث الجنائى بين أشلائه، عن هويته وتبين أن اسمه، حسن على من مواليد منيا القمح بمحافظة الشرقية.
شباب أقباط قالوا إن عمليات تأمين الكنائس، تردت منذ قدوم اللواء حسام الدين خليفة، مدير أمن الغربية المقال، حيث عانت كنائس المدينة من فراغ وتقصير أمنى ملحوظ، وحسب قساوسة، إنهم كانوا يعانون من عدم وجود حراسة على مداخل الكنائس خصوصاً كنيسة مار جرجس المنكوبة، وهو ما يفسر اعتداء الأقباط الذين كانوا يحيطون الكنيسة بعد الحادث، على مدير الأمن المقال والمحافظ، وهى الواقعة التى بدأت أمام الكنيسة واستمرت داخلها، وذلك بعد اعتداء الحراسة الشخصية لمدير الأمن على أسر الشهداء والمصابين وسبهم بأفظع الألفاظ، بعد حديث أحد الشباب عن مسئوليته عن تقصيره الأمنى على جميع كنائس المدينة، وهو ما رد عليه مدير الأمن المقال بنظرة استخفاف أثارت مشاعر الأهالى فاعتدوا على الأخير.
وقال أحد العاملين بالكنيسة طلب عدم نشر اسمه إن الحراسة المرافقة للواء حسام خليفة، وجهت شتائم وإهانات للموجودين عندما عنفه البعض بسبب تعطل البوابة الإلكترونية التى كانت قادرة على كشف الانتحارى، وانهال عليه أهالى الشهداء بالضرب المبرح ومعه المحافظ، فاصطحبه أمن الكنيسة داخل قاعة الأنبا بولا، وأغلقوا عليه الباب لمدة 6 ساعات، ولكن الأهالى تظاهروا أمام القاعة وهتفوا مطالبين بعزله وهو ما حدث بعد نصف ساعة، نفس الأهالى الغاضبين شاركوا فى بناء مدافن للشهداء داخل الكنيسة فى أقل من ساعة.
ظل جميع سكان الشارع المجاور للكنيسة، مسلمين وأقباطًا، موجودين حول المبنى أكثر من 15 ساعة، يعزون بعضهم البعض، ودموعهم لم تتوقف، داعين الله الانتقام من كل إرهابى كان سبباً فى وجع قلوب أمهات وآباء الشهداء.
وخلال هذه الفترة تراجعت قوات الشرطة، خشية وقوع اشتباكات بينها وبين الأقباط الغاضبين ما جعل شباب كشافة الكنيسة يتولون عملية تأمين المبنى من الداخل والخارج، ونشبت مشادات كلامية بين أفراد الكشافة والأهالى بسبب عدم السماح لهم بدخول الكنيسة من البوابة الفرعية، فاستدعى الأهالى أفراد الشرطة الذين يبتعدون عن محيط الكنيسة بمئات الأمتار، لكنهم رفضوا لأن الأحوال لا تسمح بحدوث أى احتكاك مع أحد فى الوقت الراهن ونصحوا الأهالى بالصبر.
وتوجهت مجموعات من شباب الكشافة إلى محيط الكنيسة وقاموا بتفتيش حقائب الأهالى المحتشدين، والتأكد من هويتهم، وقال أحدهم إن سبب تصرفهم وجود تقصير أمنى فى الانتشار داخل محيط الكنيسة، وأنهم يخشون اندساس العناصر المتطرفة بين المواطنين، وتحسباً لوقوع كارثة أكبر.
وعلمت «الفجر» من الأهالى المحتشدين بمحيط شارع على مبارك المجاور للكنيسة أن هناك حالة من الاستنفار الأمنى بمحيط مسجد السيد البدوى، بعد العثور على جسم غريب داخله حيث انتقل على أثر ذلك عدد كبير من خبراء المفرقعات، وطلب إمام المسجد عبر مكبر الصوت من الموجودين داخله الخروج من المبنى وعدم زيارته فى الوقت الراهن.
خطة داعش كانت تستهدف أكبر عدد ممكن من الكنائس خلال أسبوع الآلام الذى يسبق عيد القيامة، وحسب الفيديو الذى بثه تنظيم داعش الإرهابى، وسجله الانتحارى محمود شفيق، المعروف ب«أبو دجانة»، قبل تفجير الكنيسة البطرسية، فقد توعد فيه التنظيم الأقباط بمزيد من العمليات الإرهابية، بجانب فيديوهات تم بثها عقب تفجيرات الإسكندرية وطنطا، أعلن فيها التنظيم مسئوليته عن تلك الحوادث، وأشار فيها إلى عزمه مستقبلاً على إسقاط مزيد من الشهداء بين الأقباط، بالإضافة إلى صفحات أخرى غامضة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعى إحداها تسمى «تحت الأرض»، والتى أشارت بطريقة مشفرة إلى حادثى طنطا والإسكندرية كما أشارت إلى عمليات أخرى فى دمياط ستحدث فى 18 إبريل الجارى.
وشمل مخطط تفجير الكنائس أماكن أخرى، مثل كنيسة العذراء بالمطرية، والتى تم العثور على سيارة مفخخة بجوارها، الأحد الماضى، هو نفس اليوم الذى شهد التفجيرين، كما تم تفكيك قنبلة هيكلية بمدرسة سان مارك بالإسكندرية، بجانب معلومات ورودت لجهاز الأمن الوطنى عن وجود شبكة إرهابية تخطط لنسف كنائس بالمنيا وأسيوط.
ويرى خبير شئون الشرق الأوسط بصحيفة معاريف الإسرائيلية، يوسى ميمان، فى تقرير نشره بعنوان «أزمات داعش تتفاقم» أن النجاحات التى حققها الجيش المصرى أخيراً فى سيناء، وتصفيته لعدد كبير من قيادات التنظيم الإرهابى، دفع الأخير إلى تغطية فشله بتنفيذ عمليات انتقامية ضد الحكومة فى قلب مصر، عن طريق اللعب على ورقة الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط، وتنفيذ عمليات انتحارية داخل الكنائس تحقق أصداء عالمية للتنظيم وتعيد له جزءاً من كرامته المهدرة .
وقال ميمان إنه «كلما ازدادت المشكلات التى يعانى منها التنظيم فى سيناء، فإنه سيعمل على نقل نشاطاته إلى داخل القاهرة بصورة أكبر» ، مشيراً إلى أن العمليات الإرهابية الأخيرة، كان مخططا لها منذ فترة ولم تكن مجرد قرار عابر من قيادات التنظيم، وغرضها تحقيق عدة مكاسب، أولها إلحاق الأذى بالأقباط «الكفار من وجهة نظرهم»، ومحاولة اغتيال البابا تواضروس، علاوة على زعزعة استقرار الدولة، بعد التقارب بين الرئيس عبد الفتاح السيسى والإدارة الأمريكية الجديدة «.
وهو ما أكده أيضاً موقع «والا» العبرى الإخبارى بقوله: «التنظيمات الإرهابية تعود لمدرستها القديمة عندما تفشل فى تحقيق أهدافها، عن طريق القيام بتفجيرات وعمليات انتحارية ضد الأهداف المدنية، وهو ما ينطبق على تنظيم داعش فى مصر، فبعد فشله فى تحقيق نجاحات مشابهة لما حققه فى العراق وليبيا وسوريا، قرر العمل على زعزعة المجتمع المصرى من الداخل، وتخريب اقتصاده ».
أما صحيفة هاآرتس العبرية، فأشارت إلى أن الرئيس السيسى سيكون لديه فرصة أكبر للتعامل بشكل أقوى وأشد مع تنظيم داعش فى سيناء، فى ظل العلاقات الطيبة التى باتت تربطه بالإدارة الأمريكية الجديدة، والدعم الذى سيلقاه منها، خلافاً للنظام الأمريكى السابق.
وتوقعت الصحيفة، استمرار معاناة الشعب المصرى من الجرائم الإرهابية لفترة، لأنه كلما اشتدت القبضة الأمنية على تنظيم داعش الإرهابى، كلما زادت معدلات محاولاته للانتقام من النظام المصرى، بتنفيذ عمليات إرهابية ضد المدنيين، خاصة ضد الأقباط، لإظهار عجز الشرطة فى حمايتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.