أودعت محكمة النقض، حيثيات الحكم النهائي الصادر ببراءة الرئيس المخلوح حسني مبارك، في قضية قتل المتظاهرين والمعروفة إعلاميًا بقضية "القرن" والتي اشتملت على 55 صفحة، فندت أساب حكم البراءة والتي كان أبرزها أقوال قيادات وزارة الداخلية والقيادات العسكرية في ذلك الوقت. واستندت محكمة النقض برئاسة المستشار أحمد عبدالقوى، وعضوية كل من المستشار كمال قرن ومحمد طاهر وأحمد البدرى وأحمد قال، وسكرتارية عادل عبد المقصود وأحمد عبد الرحمن، في حيثيات حكمها علي تداول الدعوى أمام محكمة الجنايات، ومن ثم إعادة المحاكمة والتي استمعت خلالهما لأقوال الشهود، وتداولت تقارير اللجان المنضمة، وكذلك تقارير الخبراء المنتدبين بمعرفتها ودفاتر الأوراق المرفقة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات الرسمية. كما استندت إلى مواجهة "محمد حسني مبارك" بالتهم المسندة إليه بتحقيقات النيابة العامة، والتي أنكرها، وكذا الحال بمواجهته أمام محكمة الجنايات والإعادة، وأمام محكمة النقض أنكرها أيضًا. وأوضحت النقض فى حيثياتها تناول الدفاع الحاضر مع المتهم أمام النقض أدلة الدعوى بالتشكيك، واستشهد أن القضاء ببراءة وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، المنسوب إليه الاشتراك مع المتهم، هي براءة لأسباب عينية تستلزم القضاء ببراءة المتهم مبارك أيضًا. وقالت المحكمة إن الدفاع استعرض أدلة الدعوى التي قام عليها الإتهام عن بصر وبصيرة، فإنها لا سند لها للواقع او قانون ويحوطها الشك والريبة، بما يباعد بينها وبين الاطمئنان والتعويل لها، ومن ثم فإن الأوراق قد خلت من أدلة يقينية أو قرائن أو إشارات على مساهمة المتهم سواءً "العادلي"، أو حتي مع غيره مما يبعد شبهة المساهمة الأصلية او التبعية في قتل المتظاهرين وقت الثورة. واستندت النقض في حيثيات الحكم إلي الاطمئنان لأقوال من كانوا بالقرب من الأحداث، ومنهم النائب الأسبق لرئيس الجمهورية، عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات العامة الأسبق، حيث حضر إجتماع يوم 20 يناير 2011 بالقرية الذكية، بناء علي أمر المتهم مبارك، برئاسة رئيس مجلس الوزراء حينذاك، والمشير محمد حسين طنطاوي وحبيب العادلي وأنس الفقي وزير الإعلام وطارق كامل وزير الاتصالات وقتها، حيث عرض فيه "سليمان" وجهة نظره بشأن مظاهرات 25 يناير، كما عرض العادلي الطرق المعتادة المتبعة في التعامل مع التظاهرات. وأضاف أن جهاز المخابرات العامة تابع تأمين الشرطة للمظاهرات في 25 يناير حتي فضها بعد نصف الليل بالوسائل السلمية المتمثلة في العصي وخراطيم المياه وواصل جهاز المخابرات الرصد يومي 26، 27 يناير ولم تحدث ثمة أحداث جسام. وأوضحت الحيثيات في شهادة "سليمان"، أن جهاز المخابرات رصد يوم 27 يناير اتصالات وتحركات لعناصر أجنبية مسلحة دخلت البلاد، وشوهد بعضهم بميدان التحرير وإقتحم بعضهم السجون، وبدأت الاشتباكات بين المتظاهرين وبين الشرطة، وهاجمت عناصر إجرامية أقسام الشرطة وإندلعت الحرائق، مما أدى الي إنهاك الشرطة، وطلب وزير الداخلية من مبارك الإستعانة بالقوات المسلحة يوم 28 يناير فوافق علي ذلك. وأشارت الحيثيات في شهادة "سليمان" إلي أن "مبارك" أمر لدى علمه بوقوع وفيات ومصابين بتشكيل لجان تقصي الحقائق، مضيفا في شهادته أنه لا يستطيع الجزم بمسئولية المتهم عن الوفيات أو الإصابات التي حدثت بالمتظاهرين، إذ استجاب لكل ما طلب منه لحماية البلاد، كما تجاوب فور مطالبته بتنازلات سياسية بان تخلي عن منصب رئاسة الجمهورية. كما استندت الحيثيات واطمأنت إلي شهادة المشير محمد حسين طنطاوي وزير الدفاع إبان الأحداث، بأنه حضر اجتماع يوم 20 يناير وناقشوا فيه الموقف المتوتر بشأن التظاهرات، واستعداد الداخلية لمجابهة الموقف علي ألا تستخدم الشرطة أي وسائل عنيفة ضد المتظاهرين. وأضاف "طنطاوي" في شهادته، أن مبارك أمر في 28 يناير بنزول القوات المسلحة بدون استخدام سلاح لتأمين الأهداف الحيوية ومساعدة الشرطة، ونفى في شهادته بأن يكون "مبارك" قد وجه وزير الداخلية باستعمال الشرطة للقوة او الأسلحة النارية ضد المتظاهرين او أن يكون قد أصدر أمرًا بإطلاق الاعيرة النارية عليهم، وأنه خلال اجتماع عقد يوم 29 يناير بمعرفة عمليات القوات المسلحة وبحضور سليمان، ورئيس الأركان علي عدم استخدام العنف من جانب القوات المسلحة. كما استندت المحكمة بشهادة أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق، والذي نفي أيضا أن يكون "مبارك" أمر باستخدام الأسلحة أو الخرطوش أو سمح بقتل شعبه. كما استندت المحكمة لنفي اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية الأسبق، أمر مبارك باستخدام الأسلحة، وكذا اللواء محمود وجدي وزير الداخلية الأسبق، وكذلك سامي عنان، واللواء خالد عبدالوهاب محمد وكيل جهاز مباحث أمن الدولة إبان الأحداث، واللواء أركان حرب حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية انذاك، بأن المتهم لم يصدر أوامر باستخدام الاسلحة، واللواء أركان حرب حسن الرويني قائد المنطقة العسكرية إبان الأحداث، واللواء أحمد محمد جمال الدين مدير أمن أسيوط وقتها، واللواء مصطفي عبدالمنعم يعمل بجهاز المخابرات العامة، واللواء محمد فريد التهامي رئيس هيئة الرقابة الإدارية، كما نفي اللواء مراد موافي محافظ شمال سيناء وقتها أمر مبارك بقتل المتظاهرين.