لفت مسؤول سعودي اقتصادي رفيع المستوى إلى أن وسائل الإعلام في العالم تتجاهل ملفات مهمة في عملية الإصلاح الاقتصادي الجارية في السعودية، وتركز اهتمامها على عملية الخصخصة التاريخية التي ستتم لشركة النفط السعودية العملاقة "أرامكو"، مشيراً إلى أنه على الرغم من أهمية تحويل "أرامكو" إلى القطاع الخاص فإن التحول الاقتصادي الذي تشهده المملكة أكبر بكثير من ذلك. وكتب نائب وزير الاقتصاد السعودي محمد التويجري مقالاً في مجلة "فوربز" الأميركية معلقاً على زيارة ولي ولي العهد السعودي إلى الولاياتالمتحدة ولقائه مع الرئيس المنتخب دونالد ترمب بأن الأمير محمد "قدّم رسالة جديدة لزعيم سعودي"، حيث بالإضافة إلى تعهده بلعب دور أكبر في محاربة الإرهاب في العالم فإن الأمير نجح في الترويج للمملكة على أنها وجهة استثمارية لصناعات تتجاوز بكثير النفط والوقود الأحفوري.
وأكد التويجري في المقال الذي اطلعت عليه "العربية.نت" أن "النمو الأسرع والاقتصاد الأكثر مرونة سوف يدعم السعودية أن تلعب دوراً أكبر وأقوى في مقاومة الإرهاب والقوى التوسعية مثل إيران"، مضيفاً: "بالنسبة للشركات والمستثمرين الأميركيين فإن التنوع الاقتصادي والخصخصة سوف يوفران جيلاً جديداً من الفرص في السعودية".
وبحسب التويجري فإن وسائل الإعلام تصب كل اهتمامها على عملية الخصخصة الجزئية لشركة "أرامكو" لكن هذا ليس كل ما يجري في السعودية حالياً، حيث إن "الإصلاحات تصل إلى كل القطاعات في اقتصادنا"، لافتاً إلى أنه كمصرفي تحول إلى صانع سياسات اقتصادية في البلاد، فإنه يوجد في السعودية أربع مبادرات مهمة يتوجب على وسائل الإعلام الانتباه لها.
أما المبادرة الأولى فهي "برنامج حساب المواطن" الذي يضمن تعويض العائلات والأفراد من ذوي الدخل المحدود والمتوسط. ويتم حسابها كل شهر بناء على معادلة معقدة تأخذ بعين الاعتبار الدخول المالية والأعمال لأفراد العائلة مع نسبة التضخم في المملكة. وهذا البرنامج يوجد خمسة ملايين سعودي مؤهلين للاستفادة منه ويتم التسجيل فيه إلكترونياً أو من خلال الهاتف النقال.
أما المبادرة الثانية فهي مركز الخصخصة الوطني الجديد والذي سيقوم بتحويل 16 هيئة حكومية إلى استثمارات خاصة عبر طروحات عامة أولية واكتتابات، وبقيمة إجمالية تصل إلى 200 مليار دولار، وذلك خلال فترة تتراوح بين أربع وخمس سنوات قادمة، وهذه الهيئات تشمل مشاريع ضخمة مثل المطارات والنوادي الرياضية وغير ذلك. وسوف تصبح الحكومة منظم وشريك مع القطاع الخاص الذي سيقوم بتنمية الاقتصاد وإيجاد فرص عمل جديدة.
الملف الثالث الذي يلفت نائب وزير الاقتصاد السعودي له هو أن المستثمرين والشركاء الدوليين سوف يساعدون في تطوير الاقتصاد السعودي، ابتداء من قطاع الطاقة إلى الكيماويات إلى المواصلات إلى مشاريع المياه وغيرها، في الوقت الذي سجلت فيه المملكة أكبر طرح للسندات في تاريخ الأسواق الناشئة، فيما يجري التجهيز حالياً لثاني طرح سندات.
ويشير التويجري في مقاله إلى أن الجولة الملكية الهامة التي قام بها الملك سلمان بن عبد العزيز في آسيا واستمرت شهراً كاملاً تم خلالها التوقيع على 16 اتفاقية مع شركات يابانية، فضلاً عن اتفاقات بقيمة 65 مليار دولار تم إبرامها في اليوم الأول لوصول الملك سلمان الى الصين.
أما المبادرة الرابعة التي يدعو التويجري الإعلام للالتفات لها ويرى أنها مهمة فهي أن الحكومة السعودية منهمكة بالعمل حالياً مع المستثمرين الأجانب ورجال الأعمال المحليين من أجل إيجاد فرص عمل جديدة للشباب السعودي، وذلك من خلال تطوير العديد من القطاعات المنتجة للوظائف وفرص العمل مثل السياحة والترفيه والنقل وغير ذلك.
يشار إلى أن التويجري كان سابقاً يشغل منصب الرئيس التنفيذي لبنك "أتش بي سي" الشرق الأوسط، قبل أن يتولى منصب نائب وزير الاقتصاد والتخطيط في المملكة، كما أنه أحد أشهر وأهم المصرفيين والخبراء الاقتصاديين في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط.