توقع خبراء اقتصاديون أن تحقق خصخصة "أرامكو" عدة نتائج إيجابية - بعد الإعلان عن طرح جزء منها للاكتتاب - تتمثل في رفع عبء الإدارة عن كاهل الدولة، فضلًا عن زيادة حجم السيولة، بالإضافة لتحقيق أهدافها التوسعية، وتغطية احتياجاتها المادية، وتعزيز مدخرات المواطنين، والإسهام في توفير النقد الأجنبي لسوق المال السعودي، ويتماشي مع التحول الاقتصادي الجديد للمملكة. وتوقع الخبراء، أن يتم طرح بعض الأصول في قطاعي التكرير والبتروكيماويات للاكتتاب، نظرًا لضخامة أسهم أرامكو، والتي تبلغ مستويات قياسية، مشيرين إلى أن الخصخصة لن تشمل علميات بيع لباطن الأرض من النفط، لكنها قد تشتمل على إحدى القطاعات ال12 التي تديرهم الشركة. وقال الدكتور فتحي إسماعيل، الخبير الاقتصادي: إن عملية خصخصة أرامكو، يتطلب إعادة هيكلة الشركة وتقسيمها إلى شركات مستقلة، حسب أنشطتها. وتتركز أنشطة أرامكو في "التنقيب، الإنتاج والبحث، مصافي التكرير، البتروكيماويات، والتسويق، التوزيع المحلي والعالمي، وتصنيع ومعالجة الغاز، والخدمات المساندة، وإدارة الأملاك، والهندسة والإدارة، والخدمات الطبية، والتعليم والتدريب". وأضاف ل"المدينة" أن حجم الشركة الضخم يصعب من خصخصتها، نظرا لإشرافها على عشرات الأنشطة العملاقة مثل الاستكشاف والتنقيب وإنتاج وتطوير حقول النفط والغاز، فضلًا عن الأنشطة التحويلية "التكرير والتوزيع" أي الصناعة التحويلية، وكذلك شركة الخدمات المساندة، وكل ما يتعلق بها، لكن الطرح سينال بعض الأنشطة المهمة، التي تدعم الشركة. وحذر إسماعيل من خصخصة الشركة بالكامل، خاصة وأنها تعمل في أنشطة سيادية، كالمنابع، مطالبًا بخصخصتها بما يضمن لها الحصول على المزيد من الأرباح، والنقد الأجنبي، الذي تراجع مع انخفاض أسعار النفط عالميًا وتراجع الطلب عليه. وقال الدكتور سيد العليمي، الخبير في اقتصاديات النفط: إن خصخصة أرامكو لا تقتصر فقط على الحصول على المزيد من النقد الأجنبي، وجذب الاستثمارات فقط، بل ينتج عن ذلك، الوصول إلى حالة من الشفافية والإفصاح عن الأرقام المتعلقة بالشركة، ومن ثم يتم تخفيض النفقات ومراجعة المردود الاقتصادي للشركة. ورجح أن يتم الاكتتاب على المدى البعيد، نظرًا لضخامة أسهم أرامكو الهيكلية، خاصة أن الشركة تمتلك أصولًا في جميع أنحاء العالم، وتنتج نحو 10% من إنتاج النفط العالمي، مما يتطلب دراسة مستوفية للآلية التي سيتم من خلالها عملية الخصخصة. قال الخبير المصرفي أحمد آدم: إن طرح أرامكو يعزز من مدخرات المواطنين، نظرًا لكونها شركة ذات أصول ضخمة، مما يعزز من قيمة أسهمها، والتي من المتوقع أن تبلغ قيمتها مستويات قياسية بعد الطرح. وأضاف آدم أن الصندوق السيادي يطمئن السعوديين على مستقبلهم، في ظل تذبذب أسعار النفط، التي تعتمد عليها المملكة، كأحد الموارد الرئيسية في الدخل القومي، مما يتيح عددًا من الاستثمارات المتعددة كبديل استراتيجي للعائدات البترولية. وأشار إلى أن الصندوق السيادي، سيحقق طفرة غير مسبوقة في معدلات نمو المملكة، نظرًا لضخامة المشروعات التي يستقطبها، لافتًا إلى أن السعودية دولة محورية، وجاذبة للاستثمار، مما يتطلب إعادة النظر في بعض التعديلات والتشريعات التي تعيق المستثمرين. وقال الخبير البترولي رشاد عبد الرحيم: إن بيع جزء من أسهم أرامكو يمنحها ثقلا اقتصاديا غير مسبوق، مما يسهم في ضخ حصيلة الطرح في مشروعات تنموية متعددة، تدعم الاقتصاد المحلي، وتتماشي مع التحول الاقتصادي. وأضاف ل"المدينة"، أن هناك إجراءات يتم الترتيب لها بشكل دقيق لتحديد ما يمكن طرحه للاكتتاب من الشركة العملاقة، خاصة أن بعض الأنشطة تمس السيادة، مشيرًا إلى أن الإجراءات ستحسن من أداء الشركة، وتحقق من أهدافها التوسعية. وقالت الدكتورة علياء المهدي، عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية السابقة، بجامعة القاهرة: إن إجراءات طرح أرامكو هي إعادة تدوير لآليات السوق السعودية، من منظور علمي، وطرح بدائل استراتيجية جديدة لتنويع مصادر الدخل، بهدف سد احتياجات الموازنة. وأضافت ل"المدينة"، أن الطرح له عدة نتائج إيجابية، تتمثل في تشجيع الشركات والأفراد، لمشاركة الدولة في مشروعات عملاقة، وفتح آفاق للاستثمار الخارجي، مشيرًا إلى أن هذا يعطي انطباعًا بأن المملكة ترحب بالاتجاه للخصخصة، ولو بشكل نسبي. وقال الخبير البترولي، مدحت يوسف، إن طرح أسهم من أرامكو ينعش سوق الأسهم، نظرًا لقوتها في الاقتصاد السعودي، مشيرًا إلى أن الطرح له آثر إيجابي على ضخ استثمارات بالسوق المحلية. وأضاف ل"المدينة"، أن هناك هدفين لطرح أرامكو للاكتساب أولهما: التشجيع على الخصخصة، وثانيهما: دعم برامج التحول لتنويع الموارد الاقتصادية. وأشار إلى أن دخول أرامكو سوق الأسهم يجعلها أكبر شركات العالم من حيث القيمة السوقية، مما يسهم في تنويع استثماراتها، كإنتاج الطاقة المستدامة.