تدرك شيرين تماما بأننا نحبها.. فهى بنت البلد المصرية السمراء حينما تتحدث فهى على سجيتها تماما لا تلقى بالا لما تقوله.. لا تضع القيود والحسابات دوما.. اعتدنا على هفواتها وعلى فطرتها.. اعتدنا أيضا على أن تمر أخطاؤها مرور الكرام عملا بمقولة: إنها (بنت تلقائية ومش مطلوب منها غير أغنياتها وموهبتها). فعليا شيرين (مش) مطلوب منها إلا أن تغنى فقط.. تغنى دون أن تطلق العنان لتلقائيتها التى باتت تزعجنا وباتت تهيننا وتجعلنا نشعر بأنها تغيرت كثيرا.. لم تعد تلك الفتاة القريبة من الروح والقلب إلا فى أغنياتها فقط.. فى طلتها الأخيرة فى برنامجها الجديد (شيرى شو) كانت على الشاشة أكثر تجمدا لم تكن بنفس الروح المحببة لنا.. وزادت من صورتها قسوة وهى تطيح بعرض الحائط نجاحات من سبقوها بجملة (راحت عليه وكبر فى السن) لو لم يكن عمرو دياب وكان آخر.. لو كان أى شخص فى الكون كبر فى السن هل يمكن قبول التجاوز أخلاقيا فى حقه؟ تعلمنا فى الطفولة توقير كبار السن واحترامهم.. أن نقف احتراما لمن سبقونا.. فإن كان مجتمع أهل الفن كما هو حال الكثير من المهن الأخرى ملىء بالنميمة والهزار كما برر لها آخرون فعلتها.. كان عليها أن تحتفظ بوجهة نظرها مع أصدقائها المقربين وليس على العلن وأمام الكاميرات وهى تمسك الميكرفون وتدرك تماما بأنها ليست فى جلسة خاصة إنما فى فرح عام لفنان مشهور ومن الطبيعى أن يتم تصوير الفرح وأن يكون (عليه العين) فهو ليس فرحا سريا مثلا. صدمتنى شيرين كثيرا والتى اعتبرها مطربتى المفضلة وهى تصيح وتؤكد بأن مصر هى تامر حسنى ومحمد حماقى فيما اعتبرت بأن (عبدالوهاب وعبدالحليم حافظ) زمان؟. اختزلت واختصرت مصر وأصبحت فقط قيمتها فى تامر وحماقى ، نسيت شيرين بأن مصر تعنى.. على الحجار ومنير وعمرو ومدحت صالح وتامر وحماقى أيضا وغيرهم كثيرين.. مصر هى أنغام وآمال ماهر وأصالة وشيرين نفسها وغيرهن.. لأن ببساطة الغناء والفن يعنى مصر.. اعتذرت شيرين أو لم تعتذر لكنها للأسف خيبت ظننا بها.. تصر على أن تكرهنا كثيرا ونحن نحاول فى كل مرة ومع كل زوبعة جديدة أن نتجاوز عن هفواتها.. ونصفو معها بمشاعرنا دائما. لا القى بالا كثيرا إذا قالت شيرين: إن عمرو دياب ليس بالموهبة الفذة وليس الالفة ولا حتى الهضبة.. كنت سأقول (نفسنة وغيرة مهنية) مثلا.. لن ألومها إذا هاجمته فنيا وكنت سأرد عنها (براحتها) بتحصل فى أغلب المهن لكن التجاوز الأخلاقى جعلنى أقف فى حيرة هل تكرهنا شيرين إلى هذا الحد!. هل أصبحنا فى زمن التجاوز الأخلاقى يجد المبررات الكافية لإمراره؟ هل يمكن أن أقول لأساتذتى فى مهنة الصحافة كبرتوا فى السن وراحت عليكم؟ واعتبرها حرية شخصية؟ فى تاريخ الفن صراعات ونميمة وأحداث مرت كثيرة لنجوم أصحاب قامة مثل أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش وعبد الوهاب وأسام كثيرة لكن وإن وجدت هل هى مبرر لأن نتقبل الطريقة غير اللائقة التى تحدثت بها شيرين عن فنان سبقها بسنوات طويلة؟ سنوات قد تصل إلى عمرها شخصيا؟ هل نتقبل الخطأ ونشيد به على اعتبار أنها ست تلقائية؟ اذا تقبلنا أن تخطئ شيرين (لأننا بنحبها ولأنها الأكثر موهبة) فإذن دعونا نتفق على أن نعيش فى مجتمع حر تماما من جميع الأخلاقيات التى تربينا عليها.. باتت شيرين فى الأشهر الأخيرة على الشاشة وفى ردودها جامدة وإن ظلت هى الأكثر إحساسا فى غنائها.. هل تحبنا شيرين كما نحبها؟ هل تدرك قيمتها التى نفتخر بها ونحن نتباهى بأن مصر أنجبت صوتا مثل شيرين عبدالوهاب؟ هل تعلم شيرين بأنها الأكثر قربا ولونا وملامح وقلبا إلينا؟ شيرين ليست مجرد مطربة عابرة نستمتع بصوتها ونقول (ومالو) شيرين اقتربت كثيرا لتصبح هى الروح التى نتنفسها بغنائها على شيرين أن تراجع مشاعرها تجاه من يحبونها لعلها تستطيع أن تتماسك قبل أن تطلق لهفواتها العنان.