رحل عن عالمنا الشاعر سيد حجاب، مساء اليوم الأربعاء، عن عمر يناهز 77 عامًا، بعد صراع مع المرض، وسط حالة حزن طرقت أبواب الوسط الثقافي في مصر، خاصة لرحيل الشاعر بعد رحلة عطاء قدم خلالها عدد من الأعمال التي أثرت في الشعب المصري ككل. وينشر "الفجر الفني" أخر حوار ل"شاعر الفقراء" –كما كان يوصف قبل رحيله- بعد أن كنا قد زرناه داخل مسكنه بحي المعادى، وكان استقباله لنا حفيا ودودا، وإلى نص الحوار..،،
- ما هو تقييمك للوضع الثقافي الذى تعيشه مصر فى الوقت الحالى؟ بأمانة شديدة مصر منذ أيام رفاعة الطهطاوى تسعى إلى أن تدخل عالم الحداثة، وتقترب فى خطوات وتتعثر فى خطوات، و25 يناير كانت الهبة الأخيرة من أجل الحداثة لأنها ثورة الحريات وفى نفس الوقت العدالة الاجتماعية، وكان فى هذه الثورة جانب ثقافى مهم جدا لم يلتفت له الكثيرين، فقد تفجرت الطاقة الإبداعية عند الشعب المصرى وظهرت هذه الطاقة فى اللافتات واللوحات والجرافتى وتلوين الوجوه والمسرح الشعبى والسينما الوثائقية وغيرها.
الشعب المصري فى هذه اللحظة رفض المنظومة القديمة وطرد الرموز الثقافية القديمة من الميادين طرد لاعقى أحذية كل الأنظمة، بعدها لعب الإعلام الموجه إعادة البريق لنجوم الصدفة اللذين رفضهم الشعب وذلك من خلال البرامج التليفزيونية أو المسلسلات التي لا تقدم قيم تقدمية.
- تقصد أنه لا يوجد مشروع ثقافى مستنير فى مصر حاليًا؟ الإستراتيجية الخاصة بدكتور جابر عصفور والتى تتلخص فى أن يكون هناك تنسيق بين كل الوزارات والهيئات المعنية بالعقل المصرى لتمثل معا ثقافة جديدة نحن بحاجة إليها، ولكن حدث انقلاب على هذه الفكرة بخلع دكتور جابر لحساب اتجاهات ظلامية وسلفية ضد الاستنارة، هذا هو الموقف، وهناك مثقفون يسعون لثقافة حديثة مستنيرة تواجه الهجمة الظلامية التى يشنها أعداء الوطن الذين يمثلهم سلاح الإرهاب ويمثلهم كبيئة حاضنة الفكر المتخلف الموجود بمناهجنا التعليمية وبالتحديد معاهدنا الأزهرية.
نحن الآن أمام محاولة جديدة للالتفاف على الثورة الثقافية التى بدأها شباب يناير ومحاولة أعادتنا لحظيرة الأفكار الظلامية.
- هل ترى أن وزراء ما بعد 25 يناير كانوا على قدر المسئولية؟ بالتأكيد لكن طبيعة هذه الوزارات أنها كانت انتقالية، لكن الوزير الإخوانى كان واضح اتجاهه الرجعى؛ فقد حاول تفريغ الوزارة من كوادرها المستنيرة وفرض على الوزارة كوادر تنتمي للفكر السلفي والرجعى والإخوانى.
- من تراه يصلح وزيرًا للثقافة فى الوقت الحالي؟
بعيدًا عن شخص الوزير نحن بحاجة إلى سياسة ثقافية تعيد للثقافة والمثقفين دورهم فى النهضة بهذا المجتمع، فالسياسات القائمة لا تفعل هذا بالعكس تقصى المثقفين لحساب الظلاميين والسلفيين.
- توجهت بصحبة مجموعة من الفنانين والمثقفين لرئيس الوزراء بشأن وزارة الثقافة أثناء تولى د. عبد الواحد النبوى حقبة الوزارة.. لماذا وماذا تم أثناء هذا اللقاء؟ طلبنا لقاء السيد رئيس الوزراء وكان لقاءا وديا استعرضنا فيه طبيعة المرحلة ودقتها، وكان تحركنا نتيجة لضغط شباب المثقفين الذين أزعجهم ما آلت إليه أحوال الثقافة فى المجتمع وكانوا يفكرون فى تكرار فكرة اعتصام جديد فى وزارة الثقافة، وإدراكا منا لدقة هذه المرحلة، ورأينا أن ننقل مخاوف الشباب إلى رئيس الوزراء في جلسة ودية مطولة، لإن مصر تخوض معركة ضد الإرهاب فلابد إلى جانب مواجهة الإرهاب بالسلاح القضاء على الطابور الخامس الذي يشكل حاضن للإرهاب.
- ألم يتطرق الحديث مع رئيس الوزراء إلى استياءكم من عدم التجديد لأحد القيادات بالوزارة؟ أكيد كان هناك جانب من الحديث عن سياسات معينة وإقصاءات وتعيينات، كنا نريد أن نصل لرئيس الوزراء بالغليان الذي ينتاب الوسط الثفافى وشباب المثقفين ليس من اجل الالتفاف عليه ولكن لنبصره بالواقع الثقافي.
- هل استطعتم الحصول على وعود معينة من رئيس الوزراء؟ لم نحاول اخذ وعود منه، لكنه قام بمبادرة طيبة، حيث اصدر قراره أثناء اجتماعنا به بإلغاء الاجتماع الذى كان ينوى وزير الثقافة عقده فى اليوم التالى مع المثقفين الذين اختارهم وفقا لأهوائه.
- لماذا لم تحاولوا مقابلة وزير الثقافة فى ذلك الوقت أولا لتعرضوا عليه آرائكم واعتراضاتكم؟ كان البعض يرى أن الأزمة ليست مع وزير الثقافة لكن مع الدولة بأكملها، فانطلقنا من خشيتنا على المجتمع المصرى والدولة المصرية.
- البعض يرى أن اعتراضكم على الوزير سببه إنهاء ندب احد القيادات بالوزارة آنذاك.. هل هذا صحيح؟ حين اعتصمنا ضد علاء عبد العزيز كان السبب هو القشة التي قسمت ظهر البعير وهو إنهاء انتداب د. إيناس عبد الدايم ود. أحمد مجاهد لكن سبق هذا قرارات كثيرة له كنا نرفضها.
والآن الواقع الثقافي وأداء الدولة فيما يتعلق بأمور الثقافة كانت تستدعى وقفة مع رئيس الحكومة شخصيا لتصويب المسار بغض النظر عن جزئيات صغيرة كإقالة أحد القيادات، وبشكل العام فالوزارة تفرغ من كوادرها الأكفاء.
- ما رأيك فى طرح فكرة قانون تغيير أعضاء المجلس الأعلى للثقافة؟
المجلس كان الغرض من إقامته أن يكون مجلس حكماء ومثقفين على أساس أن هؤلاء الحكماء خارج السياسات الحزبية، على أساس أن نلحق به وزارة دولة تكون الجهاز التنفيذي لمجلس حكماؤه ولكن ما حدث أن المجلس بدلا من أن يخطط لأمور الثقافة أصبح خاضعا لتنفيذ قرارات وزير الثقافة.