فرحة عارمة لنيل ذويهم شرف «الشهادة» ألقى الله فى قلوبهم الصبر، ولا تجد سوى علامات الرضا والفرح على وجوههم رغم فقدانهم فلذات كبدهم، لكنهم يفخرون بأبنائهم الذين قدموا أرواحهم فداءً لأرض مصر، فظلوا فى قلوبنا أحياء ببطولاتهم وتضحياتهم لوطنهم وأهلهم وذويهم. وراء كل شهيد حكاية وقصة طويلة لا تعكس سوى معانى الشرف والأمانة والتضحية بالروح والدم فى سبيل أرض الوطن، فهؤلاء الشهداء هم من ضحوا بأرواحهم فى سبيل أن تحيا مصر آمنة، ينعم أبناؤها بالاستقرار الذى فقدته دول كثيرة بالمنطقة مثل سوريا وليبيا والعراق. «ابنى كان نموذجاً للفداء والتضحية منذ صغره، وكان حب الوطن والدفاع عن الأهل والعرض يجرى فى عروقه».. هكذا قال عبد العزيز حسن والد الشهيد مقاتل بطل «مصطفى»، قائلاً: عندما حان وقت تجنيد ابنه استقبل الخبر بسعادة ولم يحاول أن يجد أى «واسطة» للخروج من الجيش، بل كان يأمل أن يخدم فى أكثر الأماكن ضراوة وشراسة فى قلب محافظة سيناء، ليدافع عن أهله ووطنه بكل ما أوتى من قوة وكان يتصارع الجنود لأى عملية تقوم بها القوات المسلحة ضد العناصر التكفيرية المسلحة فى مثلث إرهاب سيناء فى العريش ورفح والشيخ زويد. وأضاف والد الشهيد: أن ابنه كغيره من الجنود الذين لم يتجاوزا العشرين من عمرهم، ومع ذلك ضربوا أروع الأمثلة فى التضحية والفداء، وكانوا أبطالاً حقيقيين يدافعون عن تراب مصر بكل شرف وأمانة، وتشهد على ذلك مناطق العمليات فى مختلف ربوع «سيناء» التى شهدت بطولاتهم فى مواجهة الإرهابيين، مشيراً إلى أن ابنه الشهيد كان دائم الحديث عن تضحيات زملائه فى كل إجازة كان ينالها، وكان يتمنى الشهادة مثلهم حتى نالها. وأكد والد الشهيد أن جنازة ابنه كانت عرساً حضرها كل أبناء بلدته واستقبلنا الجثمان بالزغاريد، ولم نقم صوانًا للعزاء، فالقوات المسلحة أعطت الفرصة لابنى ليكون عريساً فى «الجنة» مع الأنبياء والمرسلين، بل إن كثيرًا من شباب بلدته من المجندين طلبوا أن تكون خدمتهم فى سيناء ليأخذوا بثأره وينالوا شرف خدمة وطنهم. وقالت والدة الشهيد بطل مقاتل الرائد وليد عصام، ابنى كان مثلاً يحتظى به فى حسن الخلق والالتزام، وكان رحيماً ومقدراً لجنوده الذين يؤدون خدمتهم فى سيناء للدفاع عن أرض الوطن وكان عرسه قبل يوم من استشهاده، لكنى بحمد ربنا طول الوقت أنه هيفرح فى الجنة.. مفيش أحلى من الشهادة فى سبيل الوطن.. ابنى بطل والحمدلله والعسكرية شرف كبير». وأضافت: كانت العلاقة بين الجنود والضباط فى سيناء أقرب للأخوة والصداقة، فلا فرق بين جندى وآخر إلا فى التزامه بأداء واجبه العسكرى ووطنيته وحبه للوطن والدفاع عنها ضد كل من يحاول النيل منها. وروت والدة البطل الشهيد أحداث يوم استشهاده فقالت، إن مجنداً كان قد أنهى مأمورية وكان فى طريقه للرجوع لخدمته فى الوحدة التى يقيم بها البطل الشهيد، فطلب منه أن يستريح ليأخذ مكانه فى الخدمة، وتولى الخدمة بدلاً من الجندى بكل صدر رحب ليستريح الجندى، وأثناء وجوده على المدرعة مع جنوده داخل وحدته سمع صوتاً خارج الوحدة، فانطلق فوراً ليعرف مصدر الصوت، ووجد إرهابياً يستعد للجرى تجاه المدرعة لتفجيرها بحزام ناسف كان يرتديه فما كان من البطل إلا أن أخرج «طبنجته» وأطلق عليه النار فوراً، فانفجر الحزام الناسف، واستشهد ابنه، وافتدى الوحدة بأكملها. وأضافت والدة الشهيد «وليد عصام» أن الجندى الذى أخذ مكانه ابنها لم يستطع دخول الوحدة بعد استشهاد البطل، خاصةً بعد أن علم أنه استشهد، وطلب الالتحاق بالمجموعات القتالية، التى تنفذ عمليات عسكرية ضد البؤر الاجرامية فى سيناء، كى يثأر له من التكفيريين الذين لا يبغون سوى خراب مصر، إلا أن القوات المسلحة المصرية تقدم دروساً كل يوم فى معانى الإخلاص والوطنية والشرف. وقال « محمد الجندى « ابن عم الشهيد بطل مقاتل النقيب « عبدالله الجندى «، إن عبدالله كان محباً لوطنه وأهله، ولم يتأخر فى أداء خدمته عند استدعائه فى مرة من المرات، بل كان متشوقاً للرجوع لوحدته، للقيام بمهامه البطولية على الرغم من أنه كان حديث الزواج وله طفل فى السنة الأولى من عمره. وأضاف ابن عم الشهيد: البلدة كلها كانت تزف جثمان البطل الشهيد عند قدومه حتى مدفنه، وأطلقت المحافظة اسمه على أحد الأنفاق، تقدريراً للجهود التى قدمها فداءً لوطنه، قائلاً: كل الجنود والضباط والصف الذين يخدمون فى سيناء يشعرون بالفخر والعزة بخدمتهم على «أرض الفيروز» التى ارتوت بدماء أبطالاً قبلهم. وقال «محروس» والد البطل مقاتل جندى «محمد»، أن ابنه فور دخوله الخدمة العسكرية فى أول إجازة حصل عليها بعد فترة تدريبه، علق فى غرفته لافتة مكتوبًا عليها «إننا رجال نعشق الشهادة كما تعشقون أنتم الموت»، وكان يروى لنا يومياته فى التدريب والتعامل مع الضباط والجنود، بل إن فى عرس شقيقه حضر عدد من الجنود والضباط والقيادات فى وحدته العرس، حتى امتلأت القاعة بشخصيات عسكرية لا نعرفها ولكنها تكن كل تقدير والاحترام لولدى، مما أشعرنا بالفخر ومدى العلاقة التى تربط الجنود والضباط والقيادات فى القوات المسلحة المصرية. وأضاف محروس: كان مشهداً أثار فى نفسى الطمأنينة بأن ولدى ليس وحيداً فى وحدته أو خدمته، بل هناك رجال حقيقيون يساندونه ويدعمونه وسيكونون ظهراً قوياً لبعضهم البعض ضد أى معتد. واضاف والد الشهيد البطل أنه ليس نادمًا على دخول الده االشهيد البطل الجيش، بل يشعر بالفخر والعزة كون ابنه كان سبباً فى القضاء على عدد من الإرهابيين الذين هاجموا الكمائن الخاصة بالقوات الأمنية فى مدخل العريش، وكان يتمنى أن يطيل الله فى عمره ليحصد المزيد من تلك الأرواح الشريرة التى تريد لمصر ولأهلها الخراب.