تسببت دراسة أعدها المستشار عبدالستار إمام رئيس المجلس الاستشارى لنادى القضاة، حول تعديلات قانون السلطة القضائية والإجراءات الجنائية والطعن، فى صدام بين نادى القضاة ومحكمة النقض. سبب الأزمة أن قضاة النقض اعتبروا الدراسة تقل من هيبة المحكمة، وتخل بالمبادئ الراسخة منذ تأسيسها، وتهدم نظام التقاضى فى مصر، وتهدر حق المتهمين فى إجراءات التقاضى التى كفلها الدستور. الدراسة التى طرحها رئيس المجلس الاستشارى لنادى القضاة، أبرز ما فيها أمران أولهما، تشكيل دوائر مدنية وأخرى جنائية من دوائر محكمة النقض فى كل محكمة من محاكم الاستئناف بكل من الإسكندرية وطنطا والمنصورة والإسماعيلية وبنى سويف وأسيوط وقنا. أما الاقتراح الثانى فيتضمن أن يكون الطعن أمام محكمة النقض، على درجة تقاضى واحدة فقط، بحيث تقوم المحكمة وفقا للدراسة، إذا قبلت الطعن ونقضت الحكم المطعون فيه كله أو بعضه بالحكم فى الموضوع فى جميع الحالات دون أن تحيل القضية إلى دائرة أخرى مغايرة للدائرة التى أصدرت الحكم لتعيد إجراءات المحاكمة مجدداً. المستشار عادل الشوربجي، النائب الأول لرئيس محكمة النقض، وعضو مجلس القضاء الأعلى، وصف المقترحات المطروحة فى الدراسة بأنها لا تعدوا كونها «فتى قضائي» من قبل معدها، لمخالفتها كل الثوابت القضائية الخاصة بطبيعة عمل محكمة النقض. وأضاف نائب أول رئيس محكمة النقض فى تصريحات خاصة ل «الفجر»، قائلاً: « إن ما يقوله المستشار عبدالستار إمام لا يعدوا كونه رأيا شخصيا له فقط، وهو حر فيه، علماً بأنه خرج على المعاش الشهر الحالي، ورئاسته للمجلس الاستشارى كانت بشكل مؤقت وسيخلفه أخر خلال أيام، وعليه ترك النظام القضائى لأصحابه فى الوقت الحالي، وكان أجدر به أن يقول ذلك وهو فى الخدمة، وما يقوله مرفوض جملة وتفصيلا». وأوضح الشوربجى أن مقترحات المجلس الاستشارى لنادى القضاة، تقوم على إلغاء «مركزية» محكمة النقض، والمركزية تعنى قصر انعقاد جلسات محكمة النقض فى دار القضاء العالى بعاصمة البلاد بوسط القاهرة، والسماح بانعقاد جلسات المحكمة فى أنحاء الجمهورية، وتحديداً التابعة لمحاكم الاستئناف على مستوى الجمهورية، أى إلغاء ميزة محكمة النقض فى الانعقاد بعاصمة البلاد، وهو ما يخالف القواعد الراسخة والثابتة والمحددة لمكان انعقاد محكمة النقض الكائن دار القضاء العالي».. وقال نائب أول رئيس محكمة النقض: القواعد المنظمة الراسخة لمكان انعقاد محكمة النقض، والمعمول بها منذ تأسيسها فى 2مايو عام 1931، هى الانعقاد بدار القضاء العالي، ومعنى العودة للانعقاد بمحاكم الاستئناف وفقا لمقترحات الدراسة، هو العودة بشكل ضمنى للعمل بطريقة الطعون التى كان يعمل بها قبل التاريخ المشار إليه، أى قبل تأسيس محكمة النقض، وهو ما يعد «ردة» وليس تقدما وتطويرا للمنظومة القضائية، وإلغاء لدور محكمة النقض». أما بالنسبة للمقترح الثانى للدراسة والخاص بقصر درجات الطعن على مرة واحدة فقط، فقد لاقى أيضاً رفضاً كبيرا من قبل أغلب قضاة النقض، مؤكدين أن ذلك يعد هدما لنظام التقاضى فى مصر، وإهدارا لحق المتهمين فى إجراءات التقاضى الكاملة دون انتقاص، والتى كفلها القانون والدستور فى درجتين لمحكمة النقض.. وأضاف القضاة: إن هناك مبادئ قانونية وقضائية رسختها محكمة النقض، على مدار سنوات منذ تأسيسها على يد شيوخ القضاة السابقين، وهى السماح بالطعن على درجتين وفقا للقواعد والإجراءات المحددة لذلك، وهى المبادئ التى أقرها شيوخ القضاة الحاليين، مشيرين إلى أن الدراسة تتنافى مع هذه المبادئ، ولا يمكن لقضاة النقض قبولها.