فعلتها "مارفل" بعد 8 سنوات و13 فيلما فى عالمها السينمائى الذى انطلق عام 2008 بشخصية تونى ستارك فى فيلم "Iron Man" ووصلت لفيلمها ال14 "Doctor Strange"، استطاعت شركة الكوميكس العريقة أن تصنع التوازن المطلوب بين العمق الدرامى لشخصيات سلسلة مجلاتها المصورة الذى كانت تفتقده فى معظم إصداراتها وتتفوق عليها فيه منافستها التقليدية "DC" تحديدًا فى مسلسلات وأفلام الرسوم المتحركة، وبين المعارك والحركة وقدرة شخصياتها الكبيرة وتنوع عوالمها خلافًا ل"DC" التى تحاول منذ انطلاق فيلمها "Man Of Steel" عام 2013 إيجاد صيغة مثالية تحقق من خلالها المعادلة لكنها حتى الآن لم توفق. نجاح "Doctor Strange" نابع من كونه مختلفا عن كل ما سبق، زخم شديد ومكثف فى عرض شخصية ستيفن سترينج مع إظهار العوامل التى صنعت منه البطل الخارق الذى أصبح عليه دون أن يفقد مسحة السخرية والكوميدية ثم ترجمة هذه الأساسيات لأداء تمثيلى من قبل البريطانى بيندكت كومبرباتش يستطيع بدقة التعامل مع التحولات فى الشخصية على مدار شريط الفيلم، فالجراح المتغطرس فى بداية الفيلم غير الساحر الذى يحاول إنقاذ العالم فى وسطه وكلاهما مختلف عن الشخص المتمكن الواثق من نفسه وقدراته مع بداية مرحلة جديدة فى حياته، لا يوجد اختيار لشخصية سوبر هيرو فى فيلم سينمائى أفضل من بيندكت وهو يقدم شخصية تم رسمها على الورق بمقاييس دقيقة تجمع الناجح فى شخصيات العالم الواسع وغطرسة تونى ستارك وسخريته مع ذكائه الحاد وقدرته على التطوير والابتكار التى يشارك فيها بروس بانر مع إصرار وسرعة تعلم كابتن أمريكا ولا بأس به فى خوض المعارك اليدوية فهو يستطيع تحمل الضرب المبرح والوقوف على قدميه ولا يعدم الحيلة كما الحال مع بلاك ويدو. دكتور سترينج يصلح لأن يكون الواجهة الجديدة لما بعد المرحلة الثالثة من العالم السينمائى ل"مارفل" المقرر أن ينتهى عام 2019، فليس من المنطقى إهدار كل محاولات التطوير التى حدثت فى الأعوام الثمانية الماضية والثلاثة المقبلة دون الاستفادة بها لتأسيس عالم جديد أو على الأقل استمرار الشخصيات التى ظهرت أو ستظهر فى المرحلة الثالثة على رأسها سترينج وكابتن مارفل مع العوالم الأخرى التى لم تستهلك سينمائيًا بشدة مثل Guardians of the Galaxy، من هنا تنبع أهمية هذا الفيلم تحديدًا فهو المفتاح الحقيقى لما هو آت من خطط ومع نجاحه الضخم فى شباك التذاكر الأمريكى والعالمى سيجعل شكله وإطاره العام هو المفضل وبالتأكيد ستتأثر "DC" وسيخرج عدد من أفلامها على نفس النهج. الطريقة البريطانية أصبحت فى الوقت الحالى هى الحصان الرابح، ممثلوها وطريقتها فى إدارة الإنتاج والخروج من قوقعة استوديوهات هوليوود والتصوير فى بلاد أخرى هى النجاح، فريق الممثلين فى الفيلم معظمهم بريطانيو الجنسية على رأسهم بطل الفيلم بيندكت مع تيلدا سوينتون وشيواتال إيجيوفور وبيندكت وونج، مع الدنماركى مادس ميكلسن والكندية راشيل ماك آدامز، وهو أمر لافت ومميز ويفتح آفاقا أضخم أمام "مارفل" ففى الوقت الذى تنشغل فيه بالإعداد لأفلام شخصيات Avengers لحد الاكتفاء، تفتح لنفسها مجالا جديدا بالتوجه لبريطانيا التى يتصدر ممثلوها العديد من الأعمال الفنية المهمة على مستوى العالم. انطلاقًا من نقطة «Doctor Strange» سيتغير كل شىء فى المستقبل فى العالمين السينمائيين التابعين ل"مارفل" و«DC» وسيكون هو النموذج الذى ستتبعه الشركتان كمنطقة آمنة فى منح الشخصيات عمق دراميا وتاريخيا يعتمد على المجلات المصورة التى تعد الأصل عند كل الشخصيات لكن فى نفس الوقت متحررة من التفاصيل الصغيرة التى نغصت متعة المشاهدة على الجمهور فى فيلم «Batman v Superman: Dawn Of Justice» بسبب التفاصيل الصغيرة الغائبة والمعروفة بديهيًا عند عشاق المجلات المصورة ومطلوبة وأساسية ليكتمل الفيلم فى نظر المشاهدين، وذلك دون الإخلال بالصورة المبهرة والمعارك العنيفة بين الشخصيات فى جو من الألوان المتعددة والتى تفتقدها «DC» وحاولوا زيادة جرعتها فى فيلم «Suicide Squad».