10 مليارات جنيه حجم التجارة فى السلع المهربة 150 مليار جنيه سماسرة تخصيص الأراضى أضاعوها على الدولة خلال 13 عاماً 100 مليون جنيه سنوياً عمولات حصل عليها سماسرة القروض 12 مليار جنيه حجم التجارة فى العملة الصعبة رغم صعوبة الأوضاع الاقتصادية التى تشهدها مصر، إلا أن «بيزنس السمسرة» تزايد فى الفترة الأخيرة، خاصة فى ظل غياب دور الدولة والأجهزة الرقابية على السماسرة فى مختلف المجالات. فلا شىء فى مصر إلا وله سمسار بدءًا من العقارات، ومروراً بالبورصة والقروض وتجارة العملة، وانتهاءً بسماسرة الحج والعمرة، حتى الزواج أصبح له مكاتب توفر لك شريك حياتك نظير عمولة يحصلون عليها. هؤلاء لا يوجد أكثر منهم سواء فى الشارع أو على المقاهى أو حتى فى المكاتب والشركات، وكل وسيط له أتعابه ومكاسبه حسب المجال الذى يعمل فيه. ووفقاً لتقديرات الخبراء والغرف التجارية، فهناك 130 ألف سمسار يتحكمون فى اقتصاد مصر، يتلاعبون بالأسعار، ويضاربون فى البورصة، ويتاجرون بأحلام الشباب وتسفيرهم للخارج للحصول على وظيفة.. « الفجر» تنشر الخريطة الكاملة للسماسرة فى مختلف القطاعات. العقارات والأراضى سمسار العقارات ذلك الشخص الذى تلجأ إليه حينما ترغب فى شراء أو استئجار شقة أو قطعة أرض أو فيللا أو محل تجارى، وسواء تعاقدت أو لم تتعاقد يحصل على عمولته، التى تنقسم ما بين عمولة «الفرجة» التى تتراوح ما بين 100 و300 جنيه، والحلاوة التى تقدر ب «آلاف الجنيهات» التى يحصل عليها من « الزبون» ، وصاحب العقار الذى تعاقدت على شرائه أو تأجيره. . وتتراوح عمولة السمسار مابين نسبة 1.5% و2.5% فى الشقق التمليك والأراضى من كل طرف، أما فى الشقق الإيجار فتكون «العمولة» تعادل قيمة شهر إيجار أو حسب الاتفاق.. المهندس داكر عبد اللاه عضو لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال وعضو الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، أوضح أن «سمسرة العقارات» لا تقتصر على الأفراد فقط، بل تمتد إلى شركات القطاع العام وقطاع الأعمال الذين يعتبرون بمثابة «وسطاء» يتم إسناد مشروعات كبيرة بمبالغ ضخمة إليهم، ليتجهون إلى مقاول «الباطن الصغير» ليعمل فى المشروع ويحصلون منه على نسبة عمولة تتراوح مابين 20 و30%. وقال عبداللاه: للأسف لا يوجد قانون ينظم «سمسرة العقارات» فى مصر، ولا جهة تراقبها أو تشرف عليها، ولكنها تسير وفق اتفاقيات مختلفة مع شركات التسويق العقارى ومكاتب الوساطة العقارية. وبحسب دراسة للخبير الاقتصادى عبد الخالق فاروق- عن اقتصاديات الفساد فى مصر، فقد شهد قطاع العقارات عمليات «سمسرة» بمعدل سنوى مليار أو مليارى جنيه استفاد منها عشرة آلاف شخص، كاشفاً عن أن هناك 150 مليار جنيه ضاعت على خزينة الدولة بسبب فساد عمليات التخصيص منذ عام 1994 وحتى عام 2007. التجارة والشركات وفى مجال التجارة يتعدد أنواع الوسطاء ما بين التاجر الوسيط وأصحاب التوكيلات التجارية للشركات الأجنبية والعالمية فى مصر، إلى جانب سماسرة قطاع الاستيراد والتصدير وتهريب البضائع.. لعل أخطرهم هو التاجر الوسيط الذى يتحكم فى تحديد أسعار السلع الزراعية، وفى الغالب يزيد على قيمتها النصف وهو ما يمثل الربح الذى يحصل عليه بعد شرائه المحصول من الفلاح، ثم التوريد لتجار الجملة والتجزئة بأسعار مختلفة، ولا يتحمل سوى تكلفة «التعبئة والنقل»، ليمارس الاستغلال فى أبشع صوره دون رقابة من الدولة، ليصل الأمر إلى فارق بنسبة 100% بين سعر المزرعة وسعر السوق. وأكد الدكتور عبد الخالق فاروق فى دراسته أن أبرز سماسرة القطاع التجارى هم أصحاب التوكيلات التجارية للشركات الأجنبية والعالمية من رجال الأعمال سواء شركات «مصنعة» أو «مستوردة». كما أن قطاع الاستيراد والتصدير تكون فيه سماسرة ووسطاء من أجل تسهيل دخول البضائع أو خروجها من المنافذ الجمركية والموانئ منذ عام 1974، ويصل حجم التجارة فى السلع المهربة إلى 10 مليارات جنيه سنويا- بحسب تقديرات الدراسة، لافتاً إلى أن متوسط عمولة تلك الصفقات تتراوح مابين 1% و 2.5%، ما يعنى تحقيق هؤلاء السماسرة مكاسب تقدر ب 300 مليون جنيه سنويا. السفر والتوظيف وهناك فئة من السماسرة تتاجر بأحلام الشباب، مثل سماسرة الهجرة غير الشرعية الذين يغازلونهم بفكرة السفر إلى الخارج للحصول على وظيفة بمرتبات خيالية، وانضم إليهم بعض المكاتب الخاصة أو الشركات الوهمية التى تحصل على عمولات ضخمة من النصب على الشباب. وفى مصر يوجد 1200 شركة لإلحاق العمالة المصرية بالخارج منها 850 شركة فقط فاعلة، تشرف عليها وزارة القوى العاملة، ويتم توثيق عقود العمل من وزارة خارجية الدولة الراغبة فى العمالة ومن الغرفة التجارية بها وأيضا وزارة القوى العاملة وفقا للقانون رقم 10 لسنة 2003 والمنظم لعمل تلك الشركات. البورصة أما فى مجال البورصة، فيكون السمسار إما «فرد» وتجده دائم الجلوس على المقاهى المنتشرة بجوار مبنى البورصة، ويتعاقد مع أى شركة للسمسرة لعمل إيداع للعميل، ثم يمنحه النصيحة، ويكون العميل حراً فى البيع والشراء، ويحصل على عمولة من العميل والشركة. وهناك نوع آخر هى «شركات السمسرة» التى تنقسم إلى نوعين، الأولى شركات «العضوية الكاملة» التى تنفذ عمليات البيع والشراء فى البورصة، والثانية شركات «الوساطة» التى يقتصر دورها على مجرد الوساطة فى عمليات البيع والشراء فقط ولا تقوم بأى عملية أخرى. وينظم القانون المصرى عمل سماسرة البورصة، فيجب أن يكونوا مسجلين فى سجلات هيئة الرقابة المالية والبورصة، فهم من يقومون بتنفيذ العمليات ب «شركات السمسرة»، كما يتم تسجيل الشكاوى الموجودة ضدهم. من جانبه، قال وائل النحاس خبير أسواق المال، إن السمسار فى البورصة عمله أساسى فلا يستطيع المستثمر عقد صفقات البيع والشراء للأوراق المالية، إلا من خلال شركة «سمسرة»، يكون منفذ العمليات أو السمسار منضماً لها، مضيفاً: من غير المسموح أن يبيع أو يشترى المستثمر الأسهم مباشرة بالبورصة. وأضاف النحاس : كان عدد السماسرة الأفراد حوالى 12 فقط عام 1991، ولكن الآن لدينا فى مصر 149 شركة يتراوح عدد العاملين فيها مابين 6 و8 آلاف موظف منهم حوالى 900 سمسار أو منفذ للعمليات. السياحة والحج والعمرة أما السمسار السياحى فهو الذى يتحكم فى منظومة الحج والعمرة، ويصل عددهم حسب بيانات غرفة شركات السياحة إلى 100 ألف سمسار يتعاملون مع الشركات لتسويق برامجهم السياحية. ووفقا لبيانات لجنة السياحة الدينية بغرفة شركات السياحة فإنهم يشكلون نسبة 80% من سوق الحج والعمرة، وقررت الغرفة الاعتراف بهم بالتنسيق مع وزارة السياحة تحت مسمى «مسوقين» بالرغم من أن بعض أعضائها كانوا يرون أنهم يهددون كيان شركات السياحة. وبحسبة بسيطة عن حجم العمولات التى يحصلون عليها خلال موسمى الحج والعمرة وبمعدل 2000 جنيه على كل حاج بعدد 65 ألف حاج، ما يصل إلى 130 مليون جنيه سنوياً، وفى العمرة بقيمة 300 جنيه على كل معتمر بعدد 600 ألف معتمر يدفعون 180 مليون جنيه أخرى، فإنهم يحققون مكاسب بحوالى 310 ملايين جنيه سنويا يتحملها المواطن المصرى. التأمين وفى القطاع التأمينى يلعب الوسيط أو السمسار فى جلب العملاء إلى شركات التأمين، ويختار للعميل أفضل وثائق التأمين التى تناسبه ويحصل على عمولة من شركة التأمين وليس من العميل. وبالإضافة إلى الوسطاء الأفراد الذين يصل عددهم إلى 7700 فرد، يوجد ما يعرف باسم شركة «الوساطة التأمينية»، وعددها فى السوق المصرية 46 شركة ويؤسسها مجموعة مستثمرين ليقوموا بدور التسويق التأمينى بعد أن تم تعديل قانون الرقابة على التأمين منذ عام 2008 وسمح لهذه الشركات بالعمل للمرة الأولى. تجارة العملة لعل أخطر أنواع السماسرة ما يطلق عليهم «سماسرة العملة» الذين تعاظم دورهم خلال الفترة الأخيرة نتيجة أزمة الدولار، ويحصلون على نسبة عمولة تقدر ب 9% زيادة عن السعر الرسمى. وبحسب دراسة عبد الخالق فاروق، فإن حجم تجارة العملات الأجنبية فى مصر يتراوح ما بين 8 و12 مليار جنيه سنوياً. وتشير تقديرات مصرفيين إلى أن عمليات تهريب الأموال من داخل مصر إلى خارجها خلال السنوات الأخيرة تبلغ نحو 3 مليارات دولار سنوياً حسب دراسة اقتصاديات الفساد فى مصر. القروض لعل الكارثة الأكبر – حسب ما رصده الدكتور عبد الخالق فاروق فى دراسته أن قطاع البنوك منذ منتصف السبعينيات حتى عام 2003 وافق على منح القروض بدون ضمانات للقطاع الخاص من خلال بعض المسئولين أو السماسرة الذين حصلوا على عمولات شخصية بنسبة تتراوح بين 10 و 15% من قيمة القرض الممنوح، مما يكشف عن حصول 300 شخص على 100 مليون جنيه عمولات سنوياً على مدار ربع قرن. وأرجع فاروق انتشار ظاهرة السمسرة فى كل المجالات إلى الفوضى التى تسود السوق المصرية، خاصة فى ظل غياب الرقابة من قبل الدولة أو الأجهزة الرقابية.